وزير خارجية السودان: تدخلات رئاسية حسمت الموقف لصالح أبوالغيط

أرجع إبراهيم غندور، وزير خارجية السودان موافقة بلاده على اختيار أحمد أبوالغيط أمينا عاما لجامعة الدول العربية، بعد أن أعلنت في البداية تحفّظها، إلى عدم رغبتها في التغريد خارج السرب العربي. وأشار غندور في حوار مع ”العرب” على هامش مشاركته في اجتماعات الدورة 145 لمجلس الجامعة العربية إلى ضرورة تفعيل دور الجامعة التي تعدّ من أقدم المؤسسات الدولية وإذا قورنت بمؤسسات أخرى تضم دولا عربية وأفريقية، سنجد دورها ما زال محدودا عما ينبغي القيام به مقارنة بكم الأزمات التي تواجه الدول الأعضاء والتي من بينها السودان.
الأحد 2016/03/13
غندور: استفتاء دارفور إداري فقط وبعثة رفيعة المستوى من الجامعة العربية ستراقب إجراءاته

القاهرة - كشف إبراهيم غندور، وزير خارجية السودان، عن تدخلات رئاسية هي التي حسمت الخلاف الذي شهدته أروقة جامعة الدول العربية، بعد إعلان محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير خارجية قطر رفض ترشيح أحمد أبوالغيط، أمينا عاما للجامعة العربية، وتأييد وزير خارجية السودان له.

وقال الغندور في لقاء مع “العرب” على هامش مشاركته في اجتماعات الدورة 145 لمجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية “منذ البداية كان هناك تواصل بين الرؤساء حول المسألة، ووزراء الخارجية مفوّضون بشكل رسمي من رؤساء دولهم للتعبير عن موقف حكوماتهم في أعمال اجتماعات الجامعة وما يصدر عنها من قرارات”.

وعن تفسيره لتأييد بلاده في البداية اعتراض الدوحة على اسم مرشح مصر أحمد أبوالغيط ثم التراجع، قال غندور “موقفنا كان منذ البداية دعم مرشح مصر، لكن خلافنا كان على اسم المرشح، وأعربنا عن تحفظاتنا على الاسم داخل الاجتماع التشاوري، وفي ظل التوافق العربي فضلنا التخلي عن موقفنا دعما لوحدة الصف العربي”.

ولعب أبوالغيط عندما كان وزيرا لخارجية مصر قبل ثورة 25 يناير 2011، دورا كبيرا في إفشال القمة العربية بشأن غزة والتي كان متوقعا لها أن تعقد في الدوحة، كما أن له تصريحات بدت متغطرسة وتحمل معالم اشتمّ منها رائحة عنصرية ضد السودان.

وأشار إبراهيم غندور إلى أن “أحمد أبوالغيط بالنسبة إلى السودان الآن هو الأمين العام الجديد لجامعة الدول العربية ونتمنى له التوفيق ونقدم له كل المساندة والدعم للنجاح في مهمته، ونرحب به في أي وقت في السودان”.

وأعرب عن أمله في تنشيط دور جامعة الدول العربية، الذي رأى أنها ما زالت متخلفة عن الدور المنوط بها، مطالبا بضرورة العمل على تطوير أدوات عملها وميثاقها وأجهزتها، لتكون جامعة فاعلة بقوة، على غرار ما يقوم به الاتحاد الأفريقي الأحدث منها في النشأة؛ متمنيا أن تكون الدورة الجديدة للجامعة إحياء لدورها ووضع اللبنات الأولى لتطويرها، بتفعيل قراراتها السابقة، وكذلك التوصيات الإصلاحية التي انتهت إليها اللجنة المشكلة برئاسة الأخضر الإبراهيمي وزير خارجية الجزائر الأسبق.

يذكر أن دعوات إصلاح الجامعة العربية تظهر وتختفي كلما اشتدت الأزمات العربية، لكن الانقسامات بين الدول حالت دون تنفيذها، كما أن هناك من يريدون استمرار الجامعة مريضة.

وتزامنت اجتماعات الدورة 145 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، مع اختتام فعاليات مناورة رعد الشمال بالسعودية التي جمعت عددا من رؤساء الدول، بينهم الرئيس السوداني عمر البشير، في ضيافة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.

من المنتظر أن يشهد منتصف أبريل المقبل، إقرار الجمعية العمومية للأحزاب والقوى الوطنية المشاركة في الحوار الوطني بالسودان، لخريطة الإصلاحات التي تحقق الاستقرار بالبلاد

ويرى غندور أن مناورات رعد الشمال وحرص السودان على المشاركة فيها أكدت “أننا كعرب نمضي في الطريق الصحيح لمحاربة الإرهاب الذي يضرب المنطقة العربية والعالم”.

دعم عربي للسودان

كان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب أكّد التضامن الكامل مع جمهورية السودان في الحفاظ علي سيادتها واسـتقلالها ووحدة أراضيها ورفض التدخل في شؤونها الداخلية.

وشدّد المجلس، في قرار أصدره، يوم الجمعة 11 مارس، في ختام أعمال دورته الـ 145 برئاسة مملكة البحرين على "دعم السلام والتنمية في جمهورية السودان"، بمسيرة الحوار الوطني الـشامل التـي انطلقـت فـي الـسودان منـذ العاشر من أكتوبر 2015 بمشاركة واسعة من الأطياف السياسية في السودان بغية التوصل إلى حلول ناجعة للقضايا الوطنية الملحة، وبحضور عربي وإقليمي ودولي رفيع المستوى، بما في ذلك الأمين العام لجامعة الدول العربية، والطلب من جامعـة الـدول العربيـة مواصلة جهودها الشاملة لدعم المبادرة.

وجدد المجلس الدعوة لجميع الأحزاب السياسية والحركات المسلحة السودانية إلى الانضمام لجلسات الحوار الوطني، وإبداء الاستعداد للانخراط السلمي في الحوار الدائر حاليًا، من أجل تحقيق التسوية السياسية المنشودة. كما جدد الدعوة للدول العربية إلى بذل كافة الجهود في اتصالاتها مـع الأمـم المتحـدة والمنظمات الدولية لمنع إيواء الحركات المسلحة أو وصول أي شكل من أشكال الدعم لها، والعمل على ضمان انحيازها للخيار التفاوضي.

الأزمة مع مصر وإثيوبيا

بخصوص أزمة مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا وغموض الموقف السوداني لدى كثير من المراقبين، حيث اتهمت الخرطوم بالعمل لصالح أديس أبابا على حساب القاهرة، أكد غندور أن بلاده ليست محايدة في هذه القضية، وليست وسيطا لتقريب وجهات النظر بين المختلفين، بل السودان صاحب مصلحة، ويعترف بحقوق الدول الأخرى المتمثلة في حق إثيوبيا في التنمية، وحق مصر التاريخي في حصتها في مياه النيل، وحق السودان في حصته، من ثم نحن نسعى للوصول لصيغة اتفاق تحفظ حقوق جميع دول حوض النيل.

رعد الشمال رسالة عربية للعالم: قادرون على الدفاع عن مصالحنا

وحول مصلحة السودان من بناء السد المتمثلة في الحصول على الكهرباء بأسعار مخفضة أوضح غندور، أن إعلان المبادئ الذي وقعه رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم العام الماضي، يكفل حقوق الدول الثلاث، ولا يمكن السماح لدولة أن تنعم بفوائد السدّ على حساب حقوق دولة أخرى، بل سنعمل على تحقيق مصلحة الجميع.

وعلى مستوى الأزمات الداخلية للسودان، تحدّث إبراهيم غندور عن الانسداد في الحوار الوطني السوداني بين النظام والقوى السياسية قائلا “من المنتظر أن يشهد منتصف أبريل المقبل، إقرار الجمعية العمومية للأحزاب والقوى الوطنية المشاركة في الحوار الوطني بالسودان، لخريطة الإصلاحات التي تحقق الاستقرار بالبلاد”.

أما بخصوص موقف الخرطوم من التباطؤ في تنفيذ بنود المصالحة بين أطراف الصراع في جنوب السودان بقيادة سلفاكير رئيس الدولة ونائبه رياك مشار، فقال غندور “السودان يدعم المصالحة بين أطراف النزاع في الجنوب، ونراقب خطوات تنفيذها، لأننا جزء من الآلية الثلاثية المكونة من السودان وإثيوبيا وكينيا، التي وضعت الوثيقة الثلاثية للسلام في جنوب السودان، وندعم تحقيقه فهو أيضا جزء من السلام في السودان عموما”.

حسم ملف دارفور

من المقرر أن يجرى السودان استفتاء منتصف أبريل المقبل في دارفور لحسم الوضع الإداري لولايات دارفور الثلاث، بين بقائها على حالها أو الاكتفاء بإقليم واحد، وهو ما يثير مخاوف حول التفكير في الانفصال لاحقا. وعن ذلك قال غندور “الاستفتاء على الوضع الإداري لدارفور ليس له علاقة بالانفصال، والحكومة تتمسك به تنفيذا لبنود اتفاقية الدوحة الموقعة مع حركات دارفورية”.

وأضاف غندور “قدمت دعوة من السودان لجامعة الدول العربية لمراقبة الاستفتاء الإداري، قبلها نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي يواصل أداء مهامه حتى يوليو المقبل؛ والذي أعلن بدوره أن الجامعة سترسل بعثة رفيعة المستوى باسم الجامعة لمراقبة الاستفتاء والوقوف على نتائجه ودعم الجامعة لكل ما من شأنه تحقيق السلم والأمن والتنمية بدارفور”.

وتتخوف بعض الدوائر من اتجاه دارفور للانفصال عن السودان تدريجيا بالمطالبة بالحكم الذاتي والاستقلال بالموارد حال أسفر الاستفتاء عن اختيار الإقليم الواحد، وهو ما يناقض حكم نظام البشير الذي يقسّم البلاد إداريا إلى ولايات، إلا أن الحكومة السودانية تقلل من تلك المخاوف مؤكدة أن الاستفتاء لتحديد الوضع الإداري فقط.

4