وزير أفغاني ينتهي عامل توصيل طلبيات في ألمانيا

بات سادات يكرس أربع ساعات كل يوم لدراسة اللغة قبل أن يصعد على درّاجته الهوائية ويسلّم الطلبيات لحساب "ليفيراندو".
الثلاثاء 2021/08/31
لا عيب في العمل

الفوضى تقلب المفاهيم في غالب الأحيان، والفوضى السياسية والأمنية في أفغانستان أجبرت وزير الاتصالات السابق على مغادرة البلاد ليعمل في تسليم طلبيات الطعام في مدينة لايبزيغ رغم شهاداته العلمية لأنه لا يتقن اللغة الألمانية.

لايبزيغ (ألمانيا) – ببزّة برتقالية فاقعة ولست ساعات في اليوم، يسلّم الأفغاني سيّد سادات الذي كان وزيرا في بلده وجبات الطعام إلى المنازل على درّاجة هوائية في ألمانيا. ويقول الرجل الخمسيني في أحد شوارع مدينة لايبزيغ (شرق ألمانيا) “لا عيب في الأمر، فهو عمل مثل أيّ عمل آخر”.

ويردف “إذا كان العمل متوفّرا، فهذا يعني أن هناك طلبا وينبغي لأحدهم تلبية هذا الطلب”، مضيفا، “في الوقت الحالي أعيش حياة بسيطة، أشعر بالأمان في ألمانيا، أنا سعيد في لايبزيغ، أريد أن أدخر المال لتعلم اللغة الألمانية والدراسة أكثر”.

ويقوم سيّد سادات ببزّته البرتقالية التي تحمل رمز شركته وحقيبة على ظهره بتسليم البيتزا وغيرها من الأطباق للزبائن، وذلك لستّ ساعات خلال خمسة أيّام ومن الظهر حتى العاشرة مساء في عطلة نهاية الأسبوع.

ولم تكن النقلة سهلة بالنسبة له وهي قد تنذر بمآل الآلاف من الأفغان الذين أجلتهم القوات الألمانية مؤخرا من بلدهم إثر استيلاء حركة طالبان على السلطة أو هؤلاء الذين قد يدخلون ألمانيا بوسائلهم الخاصة في الأشهر أو السنوات المقبلة.

منذ عدّة أعوام يشكّل الأفغان ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين في ألمانيا من حيث العدد، بعد السوريين، مع حوالي 210 آلاف طلب لجوء تم تقديمه منذ 2015. وقد وصل سيّد سادات إلى ألمانيا قبل أشهر عدّة من انهيار النظام في كابول في وجه حركة طالبان. وهو تولّى وزارة الاتصالات في بلده بين 2016 و2018.

وهو يؤكد اليوم أنه ترك منصبه لأن الكيل قد طفح من فساد الحكومة، وقد عمل في أفغانستان كمستشار في قطاع الاتصالات بعد ترك الوزارة، لكن في 2020، قرّر الرحيل في ظلّ تدهور الوضع الأمني، قال، “لقد تقدمت بطلب للعديد من الوظائف ولكن لم أحصل على نتائج، حلمي الحالي هو العمل في شركة اتصالات ألمانية”.

Thumbnail

وبالرغم من أنه يحمل أيضا الجنسية البريطانية، حطّ في ألمانيا في أواخر العام 2020، وذلك قبل أن يجعل بريكست هجرة البريطانيين أصعب.

وهو يعتبر أن فرصه في مجال عمله أوفر في ألمانيا أكبر اقتصاد أوروبي، لكن سرعان ما تحوّل عدم إلمامه بالألمانية إلى عائق لتقدّمه، خصوصا في ظلّ جائحة كورونا التي ضيّقت آفاق تعلّم اللغة وسط تدابير الإغلاق.

والآن بات سادات يكرس أربع ساعات كل يوم لدراسة اللغة قبل أن يصعد على درّاجته الهوائية ويسلّم الطلبيات لحساب “ليفيراندو”. وهو يتقاضي 15 يورو في الساعة، أي أكثر من الحدّ الأدنى للأجور في البلد الذي يوازي 9.50 يوروهات في الساعة. ويساعده أجره الضئيل هذا على سدّ حاجاته الأساسية.

وليس سادات مخوّلا الحصول على صفة لاجئ والمخصصات ذات الصلة بها لأنه يعدّ مواطنا بريطانيا في المقام الأول، وتوجه إلى أفغانستان بدعوة من حكومة كابل السابقة ليصبح وزيرًا. ويؤكّد الرجل الذي يرفض التحدّث عن عائلته أنه غير نادم على قراره هذا.

يقول سادات، إن عمله في مجال تسليم الطلبيات “هو لفترة مؤقتة ريثما يعثر على عمل آخر”. ويكشف مبتسما أنه بكامل لياقته البدنية بعدما صار يقطع حوالي 1200 كيلومتر على درّاجته الهوائية كل شهر.

ويأمل سيّد سادات أن تعود خدماته بالنفع على ألمانيا. وهو يقول “يمكنني تقديم المشورة للحكومة الألمانية لخدمة الشعب الأفغاني، إذ في وسعي إعطاء صورة واقعية عن الوضع الميداني”. لكن لا معارف له بعد في هذه الأوساط وتقضي أولوياته راهنا بتسليم الطلبيات في شوارع لايبزيغ في ولاية ساكسونيا.

Thumbnail
24