وجوه جديدة تثير الغموض في الأدوار الإقصائية لمونديال السيدات

انطلقت مراحل الأدوار الإقصائية في مونديال السيدات لكرة القدم أمس السبت، بعد سلسلة من المفاجآت التي شهدها دور المجموعات، تمثلت خاصة في تأهل المنتخب المغربي والخروج المبكر للبرازيل للمرة الأولى منذ عام 1995، وإقصاء سيدات ألمانيا بطلات نسخة 2003 و2007، ومغادرة الكنديات حاملات ذهبية أولمبياد طوكيو 2020. في ظل ذلك تقر عدة منتخبات مشاركة بصعوبة توقع هوية البطل خلال المباراة النهائية المقررة في 20 أغسطس الجاري في سيدني، ولا تستبعد حدوث مفاجآت أخرى في المرحلة المقبلة.
سيدني - كان دور المجموعات من النسخة التاسعة لمونديال السيدات في كرة القدم مليئاً بالمفاجآت، من فوز نيوزيلندا المضيفة على النرويج القوية، إلى خروج ألمانيا بطلة 2003 و2007 وتأهل المغرب على حسابها، ما يجعل الأدوار الإقصائية غامضة أكثر من أي وقت مضى بوجود ثلاثة وجوه جديدة وموقعة مرتقبة بين الولايات المتحدة حاملة اللقب والسويد.
وبعد 48 مباراة من أصل 64 في هذه النهائيات سيكون من السابق لأوانه التنبؤ بهوية طرفي المباراة النهائية المقررة في 20 أغسطس الجاري في سيدني. حتى أن المنتخب الأميركي، الفائز بلقب النسختين الماضيتين والساعي لأن يكون أول من يفوز باللقب ثلاث مرات متتالية، كان قريبا من توديع النهائيات في مباراته الأخيرة ضد البرتغال (0-0)، فيما صُدمت ألمانيا بالهزيمة أمام كولومبيا (1-2) ما جعلها تودع من دور المجموعات لأوّل مرّة في تاريخ مشاركاتها التسع.
كما ذهب المنتخب الكندي، بطل أولمبياد طوكيو 2020، ضحية دور المجموعات بحلوله ثالثاً خلف شريكة الضيافة أستراليا ونيجيريا. وستكون جميع القارات ممثلة في الدور ثمن النهائي، مع تواجد ثلاثة وجوه جديدة في هذا الدور وهي المغرب وجنوب أفريقيا وجامايكا، فيما انفردت الأخيرة مع اليابان وسويسرا بإنجاز عدم تلقي أي هدف خلال دور المجموعات.
كما انفردت اليابان بإنجاز أن تكون البلد المتوج الوحيد (2011) الذي أنهى دور المجموعات في الصدارة. بالنسبة إلى جيل إيليس، المدربة الفذة التي قادت الأميركيات للقبي عامي 2015 و2019 فقد “انتهت الأيام التي كان بإمكانك أن تتوقع فيها كل شيء. إنها إحدى أكثر النهائيات العالمية إثارة للاهتمام في التاريخ”.
ولم يكن موقف لاعبة وسط المنتخب الفرنسي ساندي توليتي مختلفا عن إيليس، إذ قالت “الجميع يتساءلون من سيبقى حتى النهاية؟ إذا نظرنا إلى دور المجموعات، يبدو من الصعب جدا معرفة ذلك (توقع هوية البطل). قد تكون هناك مفاجآت". وفي ظل غياب العديد من النجمات بسبب الإصابة، تبدو المساحة أكبر في هذه النهائيات للأداء الجماعي والمنتخبات المتماسكة على حساب العروض الفردية، حتى لو لفتت بعضهن الأنظار مثل الكولومبية ليندا كايسيدو (18 عاما).
من سيودع
الأمر الوحيد المؤكّد هو أن منتخبا مرشحا كبيرا سيودع النهائيات اليوم الأحد بعدما جمعت الأقدار بين الولايات المتحدة والسويد وصيفة أولمبياد طوكيو 2020 ومونديال 2003، نتيجة حلول الفائزات باللقب أربع مرات في المركز الثاني ضمن المجموعة الخامسة خلف هولندا.
وبالنسبة إلى مدرب منتخب السويد بيتر غيرهاردسون “ربما من الأفضل أن نواجههن (الأميركيات) الأحد عوضا عن مواجهتهن في نصف النهائي أو النهائي. على الصعيد النفسي، نعلم أنه باستطاعتنا الفوز عليهن”. وكان المنتخب السويدي من بين ثلاثة منتخبات فقط أنهت دور المجموعات بالعلامة الكاملة بعد الفوز بالمباريات الثلاث، إلى جانب الإنجليزي بطل أوروبا والياباني.
ووجه المنتخب الياباني، بطل العالم قبل 12 عاما، إنذارا كبيرا عندما اكتسح نظيره الإسباني 4-0 في الجولة الثالثة الأخيرة لينهي المجموعة الثالثة في الصدارة بفارق ثلاث نقاط عن منافسه. وكان هذا الفوز بمثابة مباراة مرجعية يمكن الاعتماد عليها للوقوف على مدى جاهزية المنتخب الياباني للمنافسة على اللقب، على غرار المنتخب الفرنسي الذي تفوق على البرازيل 2-1، أو الأسترالي الذي أذل الكنديات 4-0.
وسيحاول المنتخب المغربي، المتأهل إلى ثمن النهائي في أول مشاركة له، الوقوف في وجه نظيره الفرنسي حين يلتقيه الثلاثاء في أديلايد، على أمل أن تحجز أفريقيا مقعداً لها في ربع النهائي، سواء كان ذلك من خلال “لبؤات الأطلس” أو جنوب أفريقيا أو نيجيريا التي لفتت الأنظار حين أسقطت أستراليا المضيفة بنتيجة 3-2.
وكانت لاعبات منتخب فرنسا في كرة القدم أول المتفاجئات من تأهل المغرب للمرة الأولى في تاريخه إلى ثمن نهائي بطولة كأس العالم لكرة القدم سيدات، بحسب مهاجمة الأول أوجيني لو سومر التي تعوّل في مواجهة لبؤات الأطلس على "خبرة فرنسا وتواضعها للذهاب إلى أبعد حدّ ممكن”.
وقالت لو سومر "علمنا بالخبر (الخميس). صحيح أنها مفاجأة، لكن كل الأمور واردة. كانت الاحتمالات ضئيلة جدا، وهذا الجميل في الأمر. كنا أول المتفاجئات. كنا نفكّر في ألمانيا أو كولومبيا، لكن المغرب رأى خلاف ذلك. لا أعتقد أن ألمانيا تساهلت (ضد كوريا الجنوبية). لكن هناك منتخبات تقدّم 100 في المئة أو حتى 200 في المئة وتحقق نتائج غير متوقعة. هذا هو جمال كرة القدم".
وتابعت "نحافظ على سلوكنا، ولا ننظر باستخفاف إلى أي خصم. لا توجد منتخبات صغرى. سنكون متنبهات، نحن متواضعات. المغرب أقلّ مستوى على الورق، لكن عندما نتابع مساره نجد أنه يملك الجودة. نحن مرشحات، ولا نخفي ذلك. نلعب بطموح كبير، لكن هذا الأمر لم يتغيّر لأننا نواجه المغرب. نملك خبرة أكبر بكثير من المغرب، وعلينا الاستفادة من ذلك. موقف المرشّح للفوز لن يفيدنا بشيء".
◙ الأمر المؤكد هو أن منتخبا مرشحا كبيرا سيودع النهائيات الأحد بعدما جمعت الأقدار بين الولايات المتحدة والسويد
وختمت نجمة المنتخب الفرنسي “شخصيا أشعر بأنها (مشاركتها الرابعة في المونديال) الأولى. هي مميزة لأنها لم تكن مضمونة قبل أشهر قليلة. الشعور مميّز، مع أني لا أنسى النسختين الأخيرتين. من الواضح أن المؤشرات الجيدة كثيرة، النكات، الأشياء الصغيرة، لكنها تبقى كأس عالم مع تحديات يجب مواجهاتها. نريد الذهاب إلى أبعد حد ممكن. لكن في النهاية المستطيل الأخضر هو الذي يقرّر".
وعلى غرار المغرب لن تكون مهمة جنوب أفريقيا ونيجيريا سهلة، إذ تلتقي الأولى مع هولندا التي تصدرت مجموعتها أمام الولايات المتحدة، فيما تتواجه الثانية مع إنجلترا بطلة أوروبا. وبعدما كانت أبرز المفاجآت في دور المجموعات بعد نجاحها ضد ألمانيا، تبدو كولومبيا مرشحة لبلوغ ربع النهائي بمؤازرة عشرات الآلاف من المشجعين، وذلك حين تلتقي جامايكا الثلاثاء، لكن عليها الحذر من منتخب حل أمام البرازيل في دور المجموعات وتأهل على حسابها بصحبة فرنسا.
وحرص باتريس موتسيبي، رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، على تهنئة منتخبات نيجيريا والمغرب وجنوب أفريقيا لتأهلها إلى دور الستة عشر في بطولة كأس العالم لكرة القدم سيدات المقامة حاليا في أستراليا ونيوزيلندا. وقال موتسيبي في تصريحات نقلها الموقع الرسمي لكاف إنه حرص علي تهنئة المنتخبات الثلاثة بتأهلها التاريخي والمستحق لدور الـستة عشر.
وأضاف “الجمعية العمومية للكاف تهنئ المنتخبات الثلاثة على تأهلها التاريخي والمستحق إلى دور الستة عشر من كأس العالم للسيدات أستراليا ونيوزيلندا 2023". وأوضح "فخورون بما قدمته سيدات المغرب ونيجيريا وجنوب أفريقيا وبالأداء المتميز والانتصارات التي تحققت بشق الأنفس في كأس العالم للسيدات أستراليا ونيوزيلندا". وتتواصل منافسات كأس العالم للسيدات حتى يوم 20 أغسطس الجاري.
لاعبات تحت المجهر
وسجّلت المهاجمة لورين جيمس (إنجلترا) البالغة من العمر 21 عاما أول مشاركة لها في نهائيات كأس العالم في المباراة الثانية لإنجلترا، واحتاجت إلى ست دقائق فقط لتحرز هدفا رائعا بتسديدة من خارج منطقة الجزاء لتمنح بطلات أوروبا فوزا ثمينا على الدنمارك 1-0.
وتقمّصت لاعبة تشيلسي بعد ذلك دور البطلة في الفوز على الصين 6-1، فسجّلت هدفين رائعين وصنعت ثلاثة أهداف أخرى. وقبل بطولة كأس العالم قالت إنها تريد أن يتحدّث الناس ليس لأنها شقيقة مدافع المنتخب الإنجليزي ريس جيمس. ومن الواضح أنها فعلت ذلك، وأكثر ربما. وقالت زميلتها كلوي كيلي للصحافيين “إنها مميزة (..) لاعبة مميزة جدا بالنسبة إلينا ولكرة القدم النسائية بشكل عام".
ستحتاج تشياماكا نادوزي (نيجيريا) إلى إحراز الأهداف في مرمى نادوزي إذ تواجه إنجلترا نيجيريا في ثمن النهائي. وشكّلت قائدة النيجيريات البالغة من العمر 22 عاما حصنا منيعا في البطولة. فقد وقفت حارسة مرمى نادي باريس أف سي في وجه الهدافة الأسطورية كريستين سينكلير وصدّت لها ركلة جزاء لمساعدة نيجيريا على انتزاع نقطة حاسمة بالتعادل سلبا في الافتتاح أمام كندا بطلة الأولمبياد.
ثم حافظت على شباكها نظيفة مرة أخرى في التعادل السلبي مع إيرلندا، لتعبر نيجيريا إلى الأدوار الإقصائية. وقالت أسطورة الكرة الفرنسية ومدربة نادي باريس أف سي ساندرين سوبيران لشبكة "إي أس بي أن"، "إنها موهوبة للغاية. إنها أحد الأسباب الرئيسية لاحتلالنا المركز الثالث في الدوري الموسم الماضي وتأهلنا لدوري الأبطال".
ونقلت ليندا كايسيدو (كولومبيا)، مهاجمة ريال مدريد الإسباني البالغة من العمر 18 عاما، مواهبها النادرة إلى الجمهور العالمي. وسجّلت كايسيدو هدفا في أول ظهور لها في كأس العالم ضد كوريا الجنوبية، وإن كان ذلك بخطأ من حارسة المرمى، وسجّلت مرة أخرى في الفوز الشهير على ألمانيا 2-1. وكان ذلك أحد أجمل أهداف البطولة حتى الآن، إذ تلقت كايسيدو الكرة في منطقة الجزاء الألمانية وراوغت مدافعتين قبل أن تُسكن الكرة في الزاوية العليا البعيدة.
وأثارت المراهقة التي شُخّصت إصابتها بسرطان المبيض في سن الخامسة عشرة قبل تعافيها تماما، القلق من إمكانية إصابتها بمشكلة صحية أخرى. ذلك أنها انهارت خلال حصة تدريبية مع منتخب بلادها الأسبوع الماضي بعدما وضعت يدها على الجهة اليسرى من صدرها، كما عانت من مشاكل تنفسية خلال الفوز على ألمانيا. غير أن نتائج الفحوصات جاءت مطمئنة في ما بعد.
وفازت اليابان بكل مبارياتها الثلاث في دور المجموعات، وسجلت 11 هدفا بشباك نظيفة، وكانت أبرز نتائجها رباعية نظيفة أمام إسبانيا. ولعبت هيناتا ميازاوا، البالغة من العمر 23 عاما، دورا محوريا في النجاح غير المتوقع لليابانيات، إذ سجلت أربعة أهداف وتصدرت قائمة ترتيب الهدافات إلى جانب الألمانية ألكسندرا بوب التي أقصيت مع منتخب بلادها. وسجّلت ميازاوا هدفين في الفوز على إسبانيا، وصنعت آخر.
وربما كانت ستضيف أهدافا أخرى إلى رصيدها، لكن المدرب فوتوشي أيكيدا استبدلها بين الشوطين أمام إسبانيا للحفاظ على لياقتها انتظارا لمباراة ثمن النهائي أمام النرويج. وقالت ميازاوا التي تلعب في الدوري الياباني بعد الفوز على إسبانيا "لم أتخيل ذلك أبدا. كل الأهداف كانت بسبب أن اللاعبات الأخريات منحنني التمريرات الصحيحة. لذا فهذا هدف الجميع، وليس هدفي فقط".
لم يكن كثيرون سيختارون أماندا إيليستيدت (السويد) لاعبة أرسنال قبل البطولة، خصوصا بصفتها هدافة. لكن المدافعة البالغة من العمر 30 عاما من بين أفضل المسجلات برصيد ثلاثة أهداف، بعدد المباريات نفسها، وكلها من ضربات رأسية في متابعة ركنيات. وبالتالي على الولايات المتحدة حاملة اللقب أن تتوخى الحذر إذ أنها ستواجه
السويد في دور الـ16 الأحد. ولم يكن مدرب السويد بيتر غيرهاردسون يمزح عندما قال إنها يمكن أن تفوز بالحذاء الذهبي. وشددت إيليستيدت، التي كانت لاعبة باريس سان جرمان الفرنسي وبايرن ميونخ الألماني سابقا، على أن بروزها ليس صدفة. وقالت "ربما لم أتوقع ثلاثة أهداف لكنني أعلم أن هذه إحدى نقاط قوتي، وهذا شيء نعمل عليه كثيرا في التدريبات".