وباء كورونا يغلق أبواب مدينة بيت لحم في وجه السياح

أوقف وباء كورونا النشاط السياحي في كل دول العالم، لكن تأثيره كان قاسيا على السياحة الفلسطينية وخاصة في بيت لحم التي يعتمد جل سكانها في كسب مورد رزقهم على هذا القطاع، ليلتحق بذلك المرشدون السياحيون بصفوف العاطلين عن العمل وتغلق الفنادق ومحلات الهدايا أبوابها.
بيت لحم (فلسطين) ـ تحول الفلسطيني جورج فرح، من بيت لحم جنوب الضفة الغربية إلى عاطل عن العمل إثر توقف الحركة السياحية في المدينة للشهر السادس على التوالي بسبب فايروس كورونا.
وعمل فرح (34 عاما)، المتزوج والمعيل لأسرة مكونة من طفلين، على مدار 8 أعوام سائقا سياحيا في بيت لحم، التي أغلقت بالكامل منذ بدء ظهور المرض في مارس الماضي ضمن الإجراءات الوقائية.
ولم يدخل المدينة منذ ذلك الوقت أي أفواج سياحية محلية أو خارجية، رغم استئناف العمل في معظم القطاعات في الأراضي الفلسطينية إلا أن مجال السياحة الذي يشكل أكثر من 80 في المئة من اقتصاد المدينة لا يزال مغلقا.
يقول فرح لوكالة أنباء (شينخوا)، بينما تبدو عليه الحسرة لمعاناته من دون مصدر رزق، إن “بيت لحم كانت تعج بالسياح المحليين والعرب والأجانب بشكل يومي، لكنها الآن مصابة بشلل كامل جراء مرض كورونا”.
ويضيف الشاب الثلاثيني الذي يحيطه طفلاه، أن “عمله كسائق سياحي توقف عقب اكتشاف المرض في المدينة في الخامس من مارس الماضي”، لافتا إلى أن زملاءه في العمل تحولوا إلى سائقي أجرة داخل المدينة أو توجهوا إلى عمل جديد بعيدا عن ذلك.
ويشير فرح، الذي لم يسبق له العمل في أي مهن حرفية، إلى أنه بحث عن عمل في قطاع البناء كونه الوحيد القائم في ظل الوضع الاقتصادي الصعب مع انتشار الفايروس.
ويوضح الشاب الحاصل على شهادة جامعية في مجال السياحة “ليس لي دراية بقطاع الإعمار، ولكن أنظر كأنه الوحيد الذي يعوضني عن عملي السابق، الذي أعيش منه قبل الأزمة”.
قطاع السياحة الذي يشكل أكثر من 80 في المئة من اقتصاد المدينة لا يزال مغلقا ومازال العامليون فيه ينتظرون السياح
ويعرب عن أمله في أن تركز الحكومة الفلسطينية جهودها في المرحلة المقبلة على قطاع السياحة لاستعادة العمل من جديد كونها المعيل الأول لسكان المدينة.
ولم يكن الحال أفضل للشاب فارس سلسلع (23 عاما)، الذي فقد عمله بإحدى الشركات السياحية التي تنشط في المدينة إثر إغلاق أبوابها بفعل أزمة مرض كورونا.
يقول سلسلع خريج كلية السياحة والفندقة، إن إغلاق المدينة وتوقف حركة السياحة أثرا بشكل كبير على العاملين بالمجال السياحي ماديا ونفسيا ومعنويا.
وكان الشاب العشريني يعمل دليلا سياحيا منذ عامين لتعريف السياح الأجانب الزائرين للمدينة بتاريخها وأهم المعالم الأثرية فيها.
ولجأ سلسلع منذ ثلاثة أشهر بعد أن فقد الأمل بعودة الحركة السياحية قريبا إلى الالتحاق بالعمل مع والده داخل محل نجارة صغير من أجل تحسين وضعه الاقتصادي أملا في تكوين أسرة مستقبلا.
يقول، إن “عدم وجود سياحة داخلية وخارجية دفعني لاستغلال وقت الفراغ في شيء مفيد وتجربة عمل جديد للخروج من الحالة النفسية الصعبة التي نعيشها”.
وبحسب إحصائيات فلسطينية رسمية، زار أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون سائح الأراضي الفلسطينية العام الماضي غالبيتهم إلى بيت لحم، قبل أن يتم إغلاقها إثر تفشي كورونا.
ويوجد في بيت لحم قرابة 70 فندقا كانت تستقبل أكثر من عشرة آلاف سائح يوميا، وتشغل حوالي 3 آلاف عامل، غالبيتهم تقريبا فقدوا وظائفهم بسبب توقف السياحة المحلية والخارجية، بحسب جمعية أصحاب الفنادق في المدينة.
وفي مثل هذه الشهور من العام تصل نسبة إشغال الفنادق في بيت لحم إلى نحو 80 في المئة، بحسب ما أفاد رئيس الجمعية إلياس العرجا.
يقول العرجا، إن توقف حركة السياحة بسبب مرض كورونا يسبب خسائر للفنادق بأكثر من 100 مليون دولار حتى نهاية العام الجاري، معربا عن أمله في أن لا تطول مدة الإغلاقات “لأن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل أكثر من ذلك”.
ويشير العرجا، إلى أن الجمعية تعمل مع وزارة السياحة الفلسطينية على إعداد خطة لعودة قطاع السياحة قريبا بشكل تدريجي على أن تبدأ محليا بسكان الضفة الغربية ومن ثم الفلسطينيين داخل إسرائيل، ولاحقا الدول العربية والعالم.
وبحسب وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية رولا معايعة، فإن حجم الخسائر في القطاع السياحي متوقع أن يصل إلى مليار ونصف المليار دولار حتى نهاية العام الجاري.
وقالت معايعة للصحافيين في رام الله الأسبوع الماضي، إن السياحة أكثر قطاع متضرر بسبب مرض كورونا في فلسطين، مشيرة إلى أن الأزمة الصحية أثرت في كامل القطاع سلبا.
وأضافت أن بيت لحم أكثر المدن الفلسطينية تضررا نتيجة اعتمادها على السياحة، سواء من ناحية الفنادق أو المشاغل أو المرشدين السياحيين أو النقل السياحي، والتسوق والمطاعم ومزودي الخدمات السياحية غير المباشرة.
وتضم بيت لحم كنيسة (المهد) التاريخية التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر عام 330 م فوق كهف أو مغارة ولد فيها السيد المسيح، ويعتقد أنها أقدم الكنائس الموجودة في العالم.