التهافت على الكتابة الموسمية لا يصنع أدباً يليق باسمه، ولا يكرّس حضوراً في تاريخ الأدب، بقدر ما يشير إلى انعطاف أصحابها تبعاً لمواسم الجوائز.

يُشهر الأدباء أعمالهم بوجه العنف عساهم يخفّفون من جنونه وتوحّشه.. يعترفون به، يعرّفونه، يخرجونه من طور الإنكار والتنكير إلى ضوء الأسى الذي يتسبّب به لضحاياه.

تكمن الخطورة في تعاطي الجمهور مع الدراما التاريخيّة على أساس أنّها تعيد حبك الأحداث التاريخيّة، أو تعيد تصحيح التاريخ وتصويب مساراته.

داعش الذي كان بمثابة استثمار لتجّار الأسلحة وأمراء الحروب تحوّل إلى استثمار أدبيّ وفنّيّ، وبات مادّة خصبة للمقاربة والتسويق والتجارة في ميدان الرواية والدراما معاً.

في هذه العوالم الخيالية التي صورها أدباء وأبدعها علماء يكون السؤال: أين يتموضع مستقبل الفنون والآداب وهل بإمكان أي روبوت أن يعكس ما يعترك في أعماق الإنسان.

لعلّ المثير والجميل أنّ اللعنة المتخيّلة تتحوّل في حقول الفنّ والأدب إلى دافع للمعالجة وتوفّر ملاذاً للأدباء والفنانين في رحلات التخييل إلى عوالمهم بحثاً عن الغرائبيّة والسحر والإدهاش.

ربّما يمكن للرواية القيام بدور ما، في تعرية التفكير الإرهابيّ، وكشف الغطاء عن النفاق الاجتماعيّ الذي يسعى إلى التغطية على الجرائم الحقيقيّة بحقّ مختلف أبنائه.

بين البحث عن الخير لتعزيزه، وعن الشرّ لتقزيمه وإدانته وتعريته، يظلّ دأب الأدباء والمفكّرين مركّزاً على تفكيك آليات الحياة البشريّة الغنية بمختلف الصراعات والألوان من السبل المساعدة على الارتقاء بالتعاون.

يبدو أنّ بعض وسائل التفكير المعاصرة، أو تلك التي يفترض بها أن تحرّض على التفكير، وتحرص على حرية التعبير، تغدو مع التضييق وسائل تقييد من شأنها تعطيل العقل.

تبقى للروايات الأخيرة حكاياتها التي تختلف عن حكايات الروايات الأولى. ولعلّها تكون محطات لافتة في مسيرة أصحابها الباحثين عن إتمام دائرة أعمالهم الإبداعية.

قد يكون في تحرير الكتاب ونشره وإيصاله إلى القارئ تبديدا للوحدة التي صاحبت الكاتب في مسار إنجازه لعمله، وتحرير للروح المستوحشة التي ساهمت في إبداع العمل، وإشراك للقارئ في تلك الوحدة.

لا يخفى أنّ الكتابة ضدّ التيّار تحتاج قوّة وجرأة وصمودا وقناعة وإيمانا من صاحبها الذي يمعن في التشبّث بحرّيته واستقلاليّته، ولا يرضى بالانصياع لأيّ فرض أو التقولب في إطار أيّ تيّار جارف.

تؤكّد التجارب أنّ الكاتب المجدّ يبلور سبيل صنعته بأسلوبه المتفرّد، وشخصيّته المستقلّة، بعيدا عن التقليد والاتّباع.

لا يخفى أنّ هناك خيطا رفيعا بين تقدير الذات وتضخيمها، والتورّط في وباء النرجسيّة المسمّم للفكر رهن بالقدرة على تقدير الآخر والاعتراف بحضوره ونتاجه وإبداعه.

قد يكون من الخطورة بمكان على الكاتب أن يستهلّ بكتابة سيرته الذاتية، لأنّه سيعدّ كاشفا لأسرار حياته، ويثير التساؤل عمّا سيأتي لاحقا.

لا يخفى أنّ لكلّ سوق قوانينه وأساليبه وفنونه، والكاتب المنعزل عن لعبة السوق، المهموم بعمله وإبداعه، يكاد يرمى خارج هذه الدائرة التي يمكن وصفها بالناريّة.

لا يخفى أنّ الجائزة تظلّ كحسناء يرغب فيها كثيرون، يتودّدون إليها بمختلف السبل، وقد يكون زعم المقاطعة، أو المبالغة في النقد، من سبل التقرّب والتودّد، على طريقة أنّ بعد العداء صداقة.

هناك روائيّون وظّفوا شخصيّات مفكّرين وفلاسفة آخرين كفرويد وسارتر وغيرهما في أعمالهم باحثين عن تجديد خطابهم من خلالهم.