هل يكسب النصر السعودي رهانه على المدرسة الإيطالية

الرياض - يستعد الإيطالي ستيفانو بيولي المدير الفني السابق لميلان الإيطالي، لبدء مهام عمله في قيادة النصر السعودي، خلفا للبرتغالي لويس كاسترو. وتولى بيولي، تدريب فريق ميلان في أكتوبر 2019 وقاده للفوز ببطولة الدوري الإيطالي موسم 2022 – 2021 وظل في منصبه حتى مايو الماضي، قبل أن يتم فسخ عقده قبل موسم من نهايته وتكليف البرتغالي باولو فونسيكا بالمهمة.

وكان نادي النصر أعلن إنهاء تعاقده مع لويس كاسترو، الثلاثاء، وذلك بعد التعادل مع فريق الشرطة العراقي في بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة 2024 – 2025. وساهمت نتائج النصر المهتزة هذا الموسم بداية من خسارة قاسية في نهائي السوبر السعودي ضد الهلال (4 – 1) ثم بداية متعثرة بالتعادل مع الرائد في الدوري (1 – 1)، في أن يتم طرح فكرة رحيل كاسترو وتعيين بديل له.

وأول الأسماء التي طرحت في ذلك الوقت كان بيولي، الذي لم يرتبط بأيّ نادٍ منذ رحيله عن ميلان ليبقى مرشحا دائما لكبار الدوري السعودي حال وجود رغبة في استقدام مدرب جديد. وزادت الرغبة في التخلص من كاسترو بعد التعثر أمام الأهلي في كلاسيكو الجولة الثالثة بأداء باهت، وذلك رغم أن كريستيانو رونالدو قائد النصر ونجمه الأبرز، كان داعما بقوة لمواطنه لويس كاسترو من أجل الاستمرار.

وبعد التعثر الآسيوي الأول بالتعادل (1 – 1) مع الشرطة العراقي في مباراة كانت في المتناول فنيا، جاء القرار النصراوي على عكس التيار الذي يقوده رونالدو بالإطاحة بكاسترو، ليعود بيولي مرشحا من جديد. ويبدو أن بيولي على موعد مع وجود نجم عالمي في الفريق لم يكن على الأقل يرغب في وجوده، فمثلما كان سيحدث مع الاتحاد وكريم بنزيمة حال توليه المهمة، فإن رونالدو في النصر كان داعما بشكل أكبر لكاسترو ولا يرى رحيله حلا لأزمات الفريق الفنية.

مهمة عاجلة

 من المقرر أن يبدأ المدرب الإيطالي عمله بشكل عاجل، خاصة أن “العالمي” قادم على استحقاقات كبيرة. وهناك العديد من التحديات الصعبة التي تنتظر بيولي في مهمته الفنية مع الفريق النصراوي خلال الفترة المقبلة. أهمها ترويض النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو.

وأكدت العديد من التقارير الصحفية أن الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونانلدو، قائد النصر، يتدخل في العمل الفني والإداري، فهو كان العامل الرئيسي في بقاء كاسترو طوال الفترة الماضية. ومع الصلاحيات الكبرى التي يحظى بها رونالدو، بالإضافة إلى نجوميته الطاغية على الجميع، فإن بيولي سيكون أمام مهمة صعبة وهي ترويض النجم البرتغالي حتى لا تحدث أزمة في غرفة الملابس.

والسيطرة على رونالدو ستمنح المدرب الإيطالي السيطرة على غرفة الملابس بكل تأكيد والتي تشهد تواجد العديد من نجوم الكرة العالمية الذين يتقدمهم السنغالي ساديو ماني والكرواتي مارسيلو بروزوفيتش. من أصعب التحديات التي ستواجه بيولي هي تطبيق أسلوبه خلال الفترة المقبلة، حيث كان من المفترض أن يتولى المهمة قبل بداية الموسم من أجل معرفة خصائص جميع اللاعبين وفرض هيمنته.

وسيكون المدرب الإيطالي مطالبا بتطبيق جزء بسيط من أفكاره على أقل تقدير بالمباريات المقبلة، وذلك من أجل إعادة “العالمي” إلى الطريق الصحيح، بعد التعادل في جولتين من أول 3 جولات بدوري المحترفين. والفرصة الوحيدة خلال الفترة المقبلة لتطبيق أغلب أفكاره مع الفريق، تتمثل في فترة التوقف الدولي خلال شهر أكتوبر، ولكنه سيفتقد لخدمات النجوم الدوليين.

فشل كاسترو على مدار 14 شهرا في منافسة الهلال على الألقاب، وخسر 4 بطولات محلية أمام مواطنه جورجي جيسوس، المدير الفني للزعيم. ولم ينجح كاسترو في تحقيق أي انتصار أمام الهلال على المستوى المحلي، ليجد بيولي نفسه أمام تحدٍ جديد وهو مجاراة الهلال ورد اعتبار النصر خلال الفترة المقبلة.

وسيكون الصدام الأول بين بيولي والهلال، يوم 31 أكتوبر المقبل، ضمن مباريات دوري المحترفين. فشل النصر في تحقيق اللقب الآسيوي على مدار تاريخه، وهو تحدٍ صعب يواجه دائما جميع المدربين الذين يتولون المهمة.

وبالتالي، فإن بيولي سيكون مطالبا بتحقيق اللقب، ولكنه سيصطدم بصعوبة بالغة بعد تعديل نظام المسابقة الذي جعل المنافسة أكثر قوة. فضلا عن ضيق الوقت في تطبيق أفكاره، ولكنه يمتلك مجموعة من اللاعبين المحترفين الذين يجيدون التأقلم مع جميع الأجواء الصعبة. وانتقد عبدالله بن زنان المتحدث الرسمي ومدير المركز الإعلامي السابق لنادي النصر، إدارة الفريق بعد إعلان التعاقد بشكل رسمي مع المدرب الإيطالي ستيفانو بيولي.

وكتب بن زنان، عبر حسابه الرسمي بمنصة إكس “مدرب لم يختر لاعبيه، لم يبدأ مع معسكر الفريق.. ‏يبدأ بعد مرور 3 جولات من الدوري ومباراة في آسيا ويأتي بعد فشل كاسترو المتكرر”. وتابع “ما يحدث هو عشوائية رؤية فنية منذ الموسم الماضي، وما زال النصر وجماهيره يدفعون الثمن، أتمنى نجاح بيولي لأن نجاحه نجاح للنصر ‏الله يكتب الخير للعالمي”.

موسم جيد

وعد المدرب الإيطالي الجديد لنادي النصر السعودي لكرة القدم ستيفانو بيولي الخميس بتقديم “موسم جيد” وذلك غداة التعاقد معه خلفا للبرتغالي لويس كاسترو. وقال بيولي في مؤتمر صحفي لتقديمه إلى وسائل الإعلام عشية مباراة فريق العاصمة مع مضيفه الاتفاق في المرحلة الرابعة من الدوري “لم يكن لديّ الوقت للتعرف على كل معلومات الفريق الدقيقة في يوم واحد، لكنّ الفريق لديه لاعبون مميزون جدا والقائمة متوازنة ولدينا كل القدرات لتقديم موسم جيد”.

وأضاف بيولي الذي قاد ميلان إلى لقب الدوري الايطالي عام 2022 للمرة الأولى منذ 2011، أن “الفريق يملك لاعبين مميزين لتحقيق نتائج إيجابية. شاهدت جميع مباريات النصر هذا الموسم وقمت بتدوين الملاحظات السلبية والإيجابية، لا أركز على الأشياء التي حدثت في الماضي بل هدفنا التركيز على المستقبل”.

وتابع المدرب السابق لإنتر وفيورنتينا وبولونيا ولاتسيو “أتفهم أن يرى البعض ضغط المباريات أمرا صعبا لمدرب جديد، لكنني أعتقد أن المباريات هي ما ستجعلني أعرف إمكانيات الفريق جيدا وإيجابياته وسلبياته، المباريات هي ما سيجعلني أعرف كل شيء”.

وأردف قائلا “سنعمل على تجهيز الفريق كاملا وليس الدفاع فقط، اللعب الجماعي لكل الفريق مهم، لدى الفريق إمكانيات عالية ويجب أن نبادر باللعب في الأمام ولا ننتظر أن يصل الخصم إلى مناطق دفاعنا”. وتابع بقوله “أنا أبحث عن تحديات جديدة دائما، دربت في إيطاليا ما يقارب 25 عاما، ولديّ طموح دائم”.

من جهته، أعرب المدير الرياضي لنادي العاصمة صخرة دفاع ريال مدريد ومنتخب إسبانيا السابق فرناندو هييرو عن سعادته الكبيرة بالتعاقد مع بيولي الذي كان بين ثلاثة أسماء “اخترتها بنفسي بين ما يقارب 10 مدربين، ولديّ نسبة كبيرة في اختياره”. وأضاف “لا يوجد شخص في النادي ينفرد بالقرار، فالقرار جماعي دائما وأنا كمدير رياضي سعيد جدا بوجود بيولي معنا في نادي النصر”.

وتابع “أحترم بيولي ومسيرته التي مرّت بفرق كبيرة، فهو متعود على تدريب النجوم الكبار ويملك خبرة كبيرة، طريقته الفنية تعجبني. في كرة القدم تبحث دائما عن الإيجابيات والسلبيات، وأنا وفريق العمل لديّ بحثنا عن اختيار مناسب بجميع النواحي الفنية”.

وبات بيولي البالغ من العمر 58 عاما، ثالث مدرب إيطالي يشرف على الإدارة الفنية للنصر بعد والتر زينغا في الفترة بين موسمي 2009-2010 و2010-2011 حيث استمرت رحلته معه لمدة 227 يوما قاده خلالها في 16 مباراة، فاز في 7 وتعادل في 8 ومُنيَ بهزيمة واحدة، وقطب الدفاع المتوّج بمونديال 2006 فابيو كانافارو في موسم 2015 – 2016 ودربه لمدة 110 أيام فقط ولـ14 مباراة، فاز في 6 وتعادل في 5 وخسر في 3.

وكان ميلان فسخ وديا عقد بيولي الذي تعاقد معه عام 2019، عقب المرحلة الأخيرة من الدوري الموسم الماضي عندما قاده إلى الوصافة خلف جاره وغريمه التقليدي إنتر بعد التتويج باللقب في 2022 لأوّل مرة منذ 2011.

وقاد بيولي ميلان إلى الوصافة في موسمه الثاني معه (2020 – 2021). وكان اللقب الثاني في الدوري لبيولي بعد الأول في موسم 1985 – 1986 عندما كان مدافعا في صفوف يوفنتوس الذي دافع عن ألوانه في الفترة بين 1984 – 1987. واستهل بيولي مشواره التدريبي عام 1999 بقيادة شباب بولونيا ثم شباب كييفو (2002 – 2003)، قبل أن يستلم الإدارة الفنية لساليرنيتانا موسم 2003 – 2004.

درب العديد من الأندية الإيطالية أبرزها بارما (2006 – 2007) وساسوولو (2009 – 2010) وكييفو (2010 – 2011) وبولونيا (2011 – 2014) ولاتسيو (2014 – 2016) وإنتر (2016 – 2017) وفيورنتينا (2017 – 2019)، وسيكون تدريبه للنصر أول تجربة خارج الديار الإيطالية. خسر نهائي الكأس المحلية والكأس السوبر مع لاتسيو عام 2015 أمام يوفنتوس (1 – 2 و0 – 2 تواليا).

بيولي والاتحاد

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي يرتبط فيها اسم بيولي بالدوري السعودي، فعلى مدار صيف العام الحالي، كان المدير الفني صاحب الـ58 عاما، مرشحا بقوة لتولي تدريب اتحاد جدة. في ذلك الوقت أشارت تقارير سعودية وعالمية إلى أن بيولي اتفق على كافة تفاصيل التعاقد مع الاتحاد وينقصه فقط القدوم إلى جدة من أجل إتمام التعاقد.

وسرعان ما تغيرت دفة الأحداث داخل الاتحاد، وأصبح اسم بيولي مرفوضا، وليس هو المرشح الأوفر حظا لتولي تدريب الفريق. السبب في ذلك بحسب التقارير أيضا وقتها هو الفرنسي كريم بنزيمة مهاجم وقائد اتحاد جدة الذي لم يكن قانعا بالتعاقد مع بيولي، بل وطرح بديلا آخر له. البديل وقتها كان فرنسيا آخر وهو كريستوف جالتييه مدرب باريس سان جيرمان وليون السابق، والذي تربطه علاقة قوية بـ”كريم”، إلا أنه لم يتم التوافق عليه من قبل الإدارة الاتحادية.

في النهاية جاء ترشيح لوران بلان ليلقى قبولا من بنزيمة، بينما خرج الإيطالي بيولي من الحسابات تماما كونه لا يلقى قبولا من المهاجم والقائد والذي يعد أحد أعمدة مشروع الاستقطاب في الكرة السعودية. ورغم أن بيولي قد وافق بالفعل على المهمة الصعبة في الاتحاد، وتسلم إرث المدرب الأرجنتيني مارسيلو غاياردو، إلا أن الأمور لم تسر كما أراد مدرب الروسونيري السابق.

وربما يكون القدر قد أنصف بيولي كون سابقيه في القيادة الفنية للعميد قد فشلا في تجنب الصدام مع “بنزيمة”، إذ أن البرتغالي نونو سانتو، المدرب الأسبق، كان في خلاف مع كريم على خلفية نقاش حاد مع اللاعبين بإحدى المباريات الآسيوية. كذلك غاياردو، والذي كشف رئيس النادي السابق لؤي ناظر طلبه بالاستغناء عن بنزيمة، بينما رفضت الإدارة ذلك لأسباب تتعلق ببرنامج الاستقطاب وكونه أحد الأعمدة الرئيسية للمشروع.