هل يقدر إنريكي على فك عقدة البطولة القارية لسان جرمان

نجحت شركة قطر للاستثمارات الرياضية، المالكة لسان جرمان منذ 2011، في جذب اسم لامع في الكرة العالمية يملك سيرة زاخرة كلاعب ومدرب. فبعد تردّد أسماء أخرى مثل مدرب بايرن ميونخ المقال يوليان ناغلسمان، أصبح الإسباني لويس إنريكي المدرب الثامن لسان جرمان اللاهث وراء أول لقب في دوري أبطال أوروبا. ويرى المسؤولون القطريون في النادي أن إنريكي قادر على فك عقدة عدم التتويج بالبطولة القارية الكبرى.
باريس - يهدف باريس سان جرمان الفرنسي من خلال تعيين الإسباني العنيد لويس إنريكي مدربا حتى 2025 خلفا لكريستوف غالتييه المقال من منصبه، إلى طي صفحة موسم متعثّر رغم امتلاكه ترسانة من النجوم العالميين، وإعادته إلى نادي المنافسين على لقب دوري أبطال أوروبا في كرة القدم.
وبعد إقالته من تدريب منتخب إسبانيا إثر الإخفاق في مونديال قطر بالخسارة أمام المغرب في ثمن النهائي، برز اسم لويس إنريكي غارسيا مارتينيز غارسيا “لوتشو” في سوق انتقالات المدربين.
ستكون مهمة ابن الثالثة والخمسين صعبة، بعد إقالة غالتييه الذي تعرّض لانتقادات لاذعة بسبب غياب الجاذبية والإبداع عن أسلوب فريق العاصمة، خصوصا في النصف الثاني من الموسم المنقضي. قد يملك إنريكي الوصفة السحرية، خصوصا وأنه قاد فريقه السابق برشلونة إلى اللقب في 2015، مع أمثال الأرجنتيني ليونيل ميسي، البرازيلي نيمار والأوروغوياني لويس سواريس، بعد التفوّق على يوفنتوس الإيطالي 3 – 1.
خلال مسيرته كلاعب، أحرز إنريكي لقب الدوري الإسباني مع ريال مدريد (1995) ثم برشلونة (1998، 1999)، ثم قاد برشلونة كمدرب إلى لقب الدوري مرتين ودوري الأبطال مرة. كما حمل لقب مسابقة كأس الكؤوس الأوروبية البائدة عام 1997 كلاعب مع برشلونة، على حساب باريس سان جرمان في النهائي!
◙ ثقة لويس إنريكي، المدير الفني الجديد للفريق في نفسه، بلغت عنان السماء. ورفع راية التحدي مبكرا
وجّه صاحب 62 مباراة دولية مع منتخب إسبانيا شارك خلالها في كأس العالم ثلاث مرات، صفعة مؤلمة جدا لسان جرمان في 2017، عندما كان مدربا لبرشلونة في الـ”ريمونتادا” الشهيرة ضمن ثمن نهائي دوري الأبطال، في مشهد مُرّ يصعب نسيانه في تاريخ النادي الباريسي.
بقناعاته الراسخة وخطابه الحاسم، يتعيّن على إنريكي نقل أسلوبه إلى ناد معروف بنجومه المتجاهلين غالبا مؤسسة النادي. ويقوم بتشكيل فريقه كما يشاء، يرفض الانصياع للمطالب الجماهيرية وزجّ اللاعبين الذين لا يعتقد أنهم سيتناسبون مع خططه، بغض النظر عن الانتقادات التي يتلقاها. بعد إخفاق أسلوب غالتييه وموسم للنسيان، رغم التتويج بلقب الدوري المحلي للمرة الحادية عشرة، لا يزال سان جرمان مرتبطا بسمعة الأندية "الثرية" التي يتصرّف لاعبوها مثل ممثلي هوليوود.
وإذا كان مشواره الناجح مع سلتا فيغو (2013 – 2014) مهّد انتقاله إلى برشلونة، إلا أن حقبته مع روما الإيطالي (2011 – 2012) شهدت مطبات مع استبعاده “الأسطورة” فرانتشيسكو توتي. حتى مع برشلونة (2014 – 2017)، وهنت سلطته في يناير 2015، عندما ترك النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي على مقاعد البدلاء في مباراة خسرها أمام ريال سوسييداد 0 – 1، ما تسبّب بأزمة داخلي.
بالإضافة إلى إدارة العلاقة مع الملاك القطريين، تنتظر إنريكي مهمة التناغم مع النجم كيليان مبابي الذي عبّر عن رغبته بالرحيل كلاعب حرّ مع نهاية عقده في 2024، في حال بقائه في النادي الباريسي.
يُعرف عن إنريكي قدرته على فرض فلسفة هجومية مفضلا الاستحواذ، وهو ما افتقده سان جرمان في المواسم الماضية. قال الإسباني بعد تعيينه الأربعاء “يمكنني أن أضمن لكم أننا سنعمل كفريق”، مؤكدا أنهم سيسعون “خلف الألقاب” وهو “الهدف المشترك” بين اللاعبين. وستكون مهمته الثانية خارج إسبانيا، بعد روما، علما أن نابولي الإيطالي حاول ضمّه خلفا للوتشانو سباليتي الذي فضّل الرحيل بعد قيادة الفريق الجنوبي إلى لقب الدوري المحلي.
فلسفة هجومية
أشرف على المنتخب الإسباني للمرة الأولى في 2018، بيد أنه تخلى عن منصبه في يونيو 2019 بسبب مرض ابنته التي توفيت لاحقا عن تسعة أعوام لإصابتها بسرطان العظام. وعاد إلى منصبه في نوفمبر 2019، بدلا من مساعده السابق روبرت مورينو، وقاد “لا روخا” إلى نصف نهائي كأس أوروبا ونهائي دوري الأمم الأوروبية 2021. بلغت ثقة لويس إنريكي، المدير الفني الجديد لباريس سان جرمان، في نفسه، عنان السماء.
ورفع إنريكي (53 عاما) راية التحدي مبكرا، قائلا في مؤتمر تقديمه لوسائل الإعلام، إنه يعشق الضغوط عند سؤاله عن الحلم الباريسي الأكبر، وهو الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. كما وصف المدرب الإسباني نفسه عبر قناة "بي.أس.جي" بـ3 كلمات "شجاع ومغامر وهجومي".
لكن الطريق لا يكون مفروشا بالورود في العاصمة الفرنسية، بل إن هناك ظاهرة سامة تهدد لويس إنريكي، الذي وقع عقدا يمتد موسمين حتى صيف 2025. تتلخص هذه الظاهرة السامة في سياسة ناصر الخليفي رئيس النادي الباريسي، التي اتبعها في تعاقده مع مدربين سابقين من مدارس مختلفة.
يحسد الكثيرون أي مدرب يختاره الخليفي، لما يتمتع به النادي الباريسي من إمكانيات مادية ضخمة، لكن في الوقت نفسه لم يهنأ أي مدير فني بالعمل داخل جدران حديقة الأمراء. ففي السنوات العشر الأخيرة، لم يتحل الخليفي بالصبر على المدربين بل أسرع في فسخ التعاقد قبل نهايته المعلنة في أول مؤتمر صحفي.
في صيف 2013 تعاقد النادي الباريسي مع المدرب الفرنسي لوران بلان، بعقد مدته 3 مواسم، أكمله بالفعل إلى نهايته. وفي أواخر الموسم الثالث، قرر ناصر الخليفي تمديد التعاقد لموسمين إضافيين حتى 2018، لكن خروج سان جرمان أمام مانشستر سيتي في دور الثمانية، أغضب الخليفي، الذي وصف موسم الفريق بالفاشل رغم التتويج بكل الألقاب المحلية. واضطر الخليفي إلى دفع تعويض مالي ضخم، قيل إنه بلغ 22 مليون يورو لفسخ تعاقد لوران بلان.
ذهب بلان وحل مكانه الإسباني أوناي إيمري، صانع أسطورة إشبيلية في الدوري الأوروبي، ليوقع عقدا مدته موسمان مع بند التمديد لموسم ثالث حتى 2019. لكن إيمري واجه نفس المصير بالاستغناء عنه قبل نهاية تعاقده بعد الفشل أوروبيا في موسمين متتاليين أمام برشلونة في 2017 وريال مدريد في 2018. استعان رئيس بي.أس.جي بالمدرب الألماني توماس توخيل في صيف 2018 وبعقد يمتد موسمين حتى 2020، وبعد نهاية الموسم الأول تم تمديد التعاقد لموسم ثالث حتى 2021.
ورغم نجاح توخيل في الصعود بالفريق الباريسي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخه، عام 2020، إلا أنه رحل في منتصف الموسم الثالث وقبل 6 أشهر على نهاية التعاقد بسبب خلاف علني بينه وبين الخليفي.
في يناير 2021، وقع الاختيار على المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو بعقد يمتد حتى صيف 2023، لكنه رحل بعد موسم ونصف فقط. اضطرت الإدارة الباريسية أيضا إلى دفع تعويض مالي لبوكيتينو في صيف 2022 لفسخ تعاقده قبل عام واحد على نهايته.
عقد جديد
تكرر السيناريو مع المدرب السابق كريستوف جالتيه الذي رحل بعد موسم واحد فقط رغم انتهاء تعاقده في صيف 2023. ويبقى التساؤل هل ينجح رهان لويس إنريكي على شجاعته وحبه للمغامرة في ثاني تجاربه خارج إسبانيا، بعد العمل مدربا لروما أم يقع مدرب برشلونة الأسبق ضحية لظاهرة التعاقدات السامة في باريس؟
يتعيّن على قائد منتخب فرنسا كيليان مبابي “توقيع عقد جديد إذا أراد البقاء” مع فريقه باريس سان جرمان، حسب رئيس النادي القطري ناصر الخليفي. وقال الخليفي خلال تقديم المدرب الجديد الإسباني لويس إنريكي في المركز التدريبي الجديد في بواسّي إنه يريد بقاء مبابي، لكن “لا يمكننا السماح برحيل أحد أفضل اللاعبين في العالم بشكل حرّ. هذا واضح".
وفيما يرتبط الهداف البالغ 24 عاما بعقد مع الفريق المملوك قطريا حتى 2024 وعبّر الشهر الماضي عن عدم رغبته بتفعيل خيار التمديد لعام إضافي، أضاف الخليفي “قال (مبابي) بنفسه ‘لن أرحل مجانا’. إذا غيّر أحدهم رأيه فليست غلطتي”.
وفي حال لم يوقّع مبابي على عقد جديد، فإن بطل الدوري الفرنسي يخاطر بفقدانه مجانا في غضون عام، لذلك يمكن لسان جرمان أن يبيعه هذا الصيف. وجاءت خطوة هداف مونديال قطر بعد نحو عام على تجاهله لمساعي ريال مدريد الإسباني، بتوقيعه تمديدا مفاجئا لعقده في مايو 2022 للبقاء في “بارك دي برانس” لمدة موسمين زائدان موسما إضافيا، وهناك موعد نهائي ليتخذ مبابي قراره، وهو في الحادي والثلاثين من يوليو. لذا، سيكون ريال مدريد مجددا من بين "طالبي القرب".
وأوضح مبابي والمقربون منه في بيان أن اللاعب أبلغ “إدارة النادي المكلّفة بتمديد العقد” الذي وُقّع قبل عام، اعتبارا من “15 يوليو 2022 بقراره (عدم التمديد لما بعد 2024)”. وأوضح البيان “لم يطلب كيليان مبابي الرحيل هذا الصيف، لكنه أكد للنادي فقط عدم تفعيل عامه الإضافي”.
وأعاد مبابي التأكيد منتصف يونيو الماضي أن “البقاء” في سان جرمان كان “الخيار الوحيد”، “لقد سبق أن أجبت، وقلت إن هدفي هو الاستمرار، والبقاء في النادي، إنه خياري الوحيد. لم أكن أعتقد أن أي رسالة يمكن أن تقتل أو تسيء إلى أي شخص”.
انضم مبابي إلى باريس سان جرمان على سبيل الإعارة لمدة موسم واحد من موناكو في أغسطس 2017، وتحوّلت الإعارة إلى صفقة دائمة بقيمة 180 مليون يورو (194 مليون دولار). ساعد مبابي فرنسا على تحقيق المجد في كأس العالم عندما كان مراهقا في العام 2018، وأثبت نفسه مهاجما رائدا على الساحة العالمية.
سجّل مبابي أيضا ثلاثية في هزيمة فرنسا في نهائي كأس العالم 2022 أمام أرجنتين ميسي بركلات الترجيح، وساعد باريس سان جرمان الموسم المنقضي على الفوز بلقب الدوري الفرنسي للمرة الحادية عشرة القياسية.
سلط تقرير صحفي الضوء على موقف اللاعب البرازيلي نيمار من العودة لبدء الفترة التحضيرية مع ناديه باريس سان جرمان. وتعرض نيمار لإصابة شديدة في الكاحل، وخضع لعملية جراحية في العاشر من مارس الماضي. وقالت صحيفة ليكيب "كان من المفترض عودة نيمار إلى باريس هذا الأسبوع، لكنه لن يكون حاضرا لبدء فترة الإعداد”.
وأضافت "نيمار لديه عدة مشاكل، أولها أنه في نزاع مع الضرائب البرازيلية التي تطالبه بدفع 3 ملايين يورو بسبب الانتهاكات البيئية في بناء بحيرة صناعية". وأشار التقرير إلى أن نيمار ليس جاهزا على المستوى البدني، وقد يعود منتصف شهر يوليو الجاري، مع عودة اللاعبين الدوليين.