هل يعزز ليونيل ميسي جاذبية الدوري الأميركي

وقع النجم الأرجنتيني بطل العالم ليونيل ميسي رسميا عقدا مع إنتر ميامي يربطه بنادي الدوري الأميركي لكرة القدم حتى 2025 مع طموح مواصلة بناء هذا المشروع الجميل، وفق البيان الصادر السبت عن فريقه الجديد. ووصل ابن الـ36 عاما إلى فلوريدا لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة المقدرة قيمتها بـ60 مليون دولار سنويا.
واشنطن - يمكن لليونيل ميسي وهو على مشارف السادسة والثلاثين، أن يضع حدا لمشواره راضيا بأن مسيرته المجيدة قد اكتملت، بعدما قاد منتخب الأرجنتين للفوز بكأس العالم في قطر العام الماضي. فقد ضمن أسطورة برشلونة إرثه كأفضل من مرّ في جيله، وربما يجلس الآن على منصة الأساطير التاريخيين إلى جانب الراحلين مواطنه دييغو أرماندو مارادونا والبرازيلي بيله.
لكن يبدو أنه ليس مستعدا لترك اللعبة بعد، عقب انتهاء تجربة دامت عامين في باريس سان جرمان الفرنسي. انعكس ذلك معضلة لميسي في عملية بحثه عن وجهته التالية.
كل الأندية تبقى مستعدة وبكل سرور لضمّ الفائز بالكرة الذهبية سبع مرات، حتى بنسخة متقدمة بالسنّ. لكن التعاقد مع ميسي الذي بلغ راتبه السنوي في باريس 30 مليون يورو (32 مليون دولار) بعد الضرائب، يبقى باهظا رغم ذلك، ما ترك للاعب نفسه عددا محدودا من الأندية القادرة على ضمّه. لذا، فإن عودته الرومانسية إلى نادي الطفولة نيولز أولد بويز في مسقط رأسه بروزاريو، تأجّلت.
أراد برشلونة استعادة ميسي، وكادت الخطوة لتكون قصة عشق أيضا. وفي مرحلة ما، بدا الانتقال إلى الشرق الأوسط أمرا لا مفرّ منه، لكن جاذبية الدوري الأميركي أثبتت أنها لا تقاوم.
بالانتقال إلى الولايات المتحدة، ماثل ميسي ما فعله بيليه في منتصف الثلاثينات من عمره، على غرار الهولندي يوهان كرويف أيضا.
أيقونة عالمية
بالانتقال إلى الولايات المتحدة، ماثل ميسي ما فعله بيليه في منتصف الثلاثينات من عمره، على غرار الهولندي يوهان كرويف
كان الإنجليزي ديفيد بيكهام آخر اللاعبين الكبار الذين انتقلوا إلى الولايات المتحدة باعتباره أيقونة عالمية فعلية، عندما انضمّ في العام 2007 في الـ32 من عمره إلى لوس أنجلس غالاكسي.
في ذلك الوقت، كان ميسّي يبرز على الساحة العالمية، بعدما شارك للمرة الأولى مع برشلونة بعمر السابعة عشرة في العام 2004.
ولعب الأرجنتيني مرتين ضد بيكهام في الكلاسيكو، وهي مباراة سجل فيها ثلاثية عندما كان مراهقاً في التعادل 3 – 3 في مارس 2007. تغيّرت كرة القدم في السنوات التي تلت، بينما أثبت ميسي نفسه كواحد من أفضل اللاعبين على الإطلاق في هذه اللعبة.
وكان التأثير الخليجي محوريا في هذا التحول، وأدّى إلى انتقال ميسي إلى باريس سان جرمان في العام 2021، عندما لم يكن برشلونة قادرا على تحمّل كلفة تجديد عقد “البرغوث”. وهكذا، كان ميسي لاعبا في باريس سان جرمان عندما رفع كأس العالم في الدوحة في ديسمبر الماضي. لكن ميسي لن يسير على خطى غريمه القديم البرتغالي كريستيانو رونالدو في الانتقال إلى السعودية.
ولا تزال البطولات المحليّة الرائدة في أوروبا، ودوري أبطال أوروبا، قمّة منافسات الأندية، وقد قيل إن ميسي يريد البقاء في القارّة على الأقل حتى كوبا أميركا 2024، عندما تدافع الأرجنتين عن لقبها.
وبدلا من ذلك، ستكون المرحلة التالية من مسيرته، وربما الأخيرة، في البلد الذي يستضيف تلك البطولة، قبل مونديال 2026 المشترك مع كندا والمكسيك.
إذا ما كان ميسي في ذروته ساحراً، فإن العامين الماضيين على مستوى الأندية كانا محبطين
قد يكون تكريم دولي كبير آخر، هو الشيء الأخير الذي يحفّز الرجل الذي فاز بكل شيء على مدى عقدين من الزمن، من كأس العالم تحت 20 عاما في العام 2005، إلى المونديال العام الماضي، عندما هزمت الأرجنتين فرنسا بركلات الترجيح في النهائي.
وتساءل ميسي بعد تلك المباراة التي سجّل فيها هدفين قبل أن يهزّ الشباك في ركلات الترجيح “ماذا يمكن أن يكون هناك أكثر بعد هذا؟”.
في تلك اللحظة، حاكى ميسي إنجاز مارادونا في العام 1986، لكن أحدا لا يقدر على مطابقة ما فعله ميسي في برشلونة. سجّل 672 هدفا في 778 مباراة مع النادي الكاتالوني، وفاز بدوري أبطال أوروبا أربع مرات، والدوري الإسباني في 10 مناسبات.
أصبح الجناح الشاب المندفع والمعرّض للإصابة قليلاً، والذي احتاج إلى برشلونة لدفع تكاليف علاجه بهرمون النمو عندما كان مراهقا، مهاجما وهميا مدمرا، ولاحقا صانع الألعاب الأفضل في العالم.
وإذا ما كان ميسي في ذروته ساحراً، فإن العامين الماضيين على مستوى الأندية كانا محبطين. فسجّل 32 هدفا في 75 مباراة مع باريس سان جرمان، وصنع عدداً لا يحصى من الأهداف لكيليان مبابي، وفاز بلقبين فرنسيين.
الأسماء الكبيرة

على مدار سنوات طويلة مضت، دأب الدوري الأميركي للمحترفين على استقطاب العديد من اللاعبين أصحاب الأسماء الكبيرة والشهرة الطاغية، ولكن معظم هؤلاء النجوم انتقلوا إلى الدوري الأميركي كخطوة أخيرة في مسيرتهم الكروية.
والآن، قد يبدو الوضع مختلفا بالنسبة لانتقال الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي رغم تقدمه أيضا في السن، حيث يمثل انتقال ميسي إلى إنتر ميامي الأميركي فرصة رائعة أمام الدوري الأميركي ليحظى بجاذبية هائلة ومتابعة كبيرة على كافة المستويات الإعلامية والجماهيرية.
وبعدما أعلن إنتر ميامي عن تفاصيل عقد ميسي مع النادي، قال دون غاربر رئيس رابطة الدوري الأميركي “ما من شك لدينا بأن ميسي سيظهر للعالم أن الدوري الأميركي يمكن أن يصبح بطولة لأفضل اللاعبين في العالم”.
وفي الماضي، كان الوضع مختلفا، حيث أنهى نجوم كبار مثل الإنجليزي ديفيد بيكهام والألماني باستيان شفاينشتيغر والفرنسي تييري هنري مسيرتهم في الدوري الأميركي عبر عقود مغرية للغاية.