هل يستطيع العالم مواكبة شهية الذكاء الاصطناعي للطاقة؟

نمو الطلب على الطاقة في قطاع الذكاء الاصطناعي تجاوز بكثير نمو مصادر الطاقة النظيفة القادرة على تشغيلها.
الجمعة 2024/03/15
خلف المظهر الناعم هناك استهلاك هائل للطاقة

واشنطن - عادة ما نميل إلى تخيل الإنترنت كشيء غير ملموس. مجرد بيانات، آحاد وأصفار تطفو عبر السحابة. لكن الواقع كما تقول هالي زاريمبا على موقع أويل برايس شيء آخر تماما. العصر الرقمي يعتمد على الكثير والكثير من البنيات التحتية المادية، من كابلات ضخمة تعمل معزولة في قاع المحيط إلى مستودعات تضم داخلها خوادم الكمبيوتر. هذه البنية التحتية المعقدة تتطلب كمية هائلة من الطاقة. ومع زيادة الطلب على الخدمات الرقمية بسرعة، يزداد أيضا استهلاك الطاقة الهائل بالفعل في القطاع، ومعه أيضا تزداد البصمة الكربونية.

وهذا، كما تؤكد هالي يضع صناعة التكنولوجيا في مأزق. لقد قدم “المفرطون” في مجال التكنولوجيا الكبيرة بعضا من أكبر التزامات إزالة الكربون تفوق الالتزامات التي قدمتها أي شركة في أي قطاع آخر، لكنهم يجاهدون من أجل السيطرة على الاستهلاك، بينما تبقى تعهداتهم التي أطلقوها دون جدوى مع تزايد المخاطر البيئية.

حاليا، صناعة تكنولوجيا المعلومات مسؤولة بأكملها عن حوالي 2 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، وفق ما ذكرته Science Alert العام الماضي، وهذه النسبة تنمو بسرعة، وسوف ترتفع في السنوات القادمة. وفقا للأرقام الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، فإن مراكز البيانات وشبكات النقل مسؤولة فيما بينها عن انبعاثات مشتركة من ثاني أكسيد الكربون تفوق الانبعاثات الصادرة عن دولة مثل البرازيل كل عام.

3.5

في المئة من استهلاك للكهرباء بحلول عام 2030 سيكون مسؤولا عنه قطاع الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي على وجه الخصوص مستهلك هائل للطاقة، وقد ألقى توسع هذه التقنية السريع مؤخرا أكثر من علامة استفهام حول خطط إزالة الكربون في قطاع التكنولوجيا، حيث يستهلك الذكاء الاصطناعي وحده من الطاقة كميات تعادل ما تستهلكه بعض البلدان المتقدمة بأكملها، وتقريبا بقدر البيتكوين المعروفة باستهلاكها المرتفع. وتتوقع شركة الاستشارات Gartner أنه وفق سيناريو العمل المعتاد حاليا، سيكون قطاع الذكاء الاصطناعي وحده مسؤولا عن 3.5 في المئة من الاستهلاك العالمي للكهرباء بحلول عام 2030. وتشير التقديرات إلى أن عملية تدريب GPT – 3، سلف ChatGPT، استهلكت حوالي 1.278 ميجاوات ساعة من الكهرباء و10 آلاف شريحة كمبيوتر. هذه الطاقة كافية لتزويد ما يقرب من 121 منزلا في الولايات المتحدة لمدة عام كامل، وطاقة كافية لانبعاث حوالي 550 طنا من ثاني أكسيد الكربون.

ورغم أن عمالقة التكنولوجيا استثمروا بكثافة في استهلاك الطاقة المتجددة، إلا أن نمو الطلب على الطاقة في قطاع الذكاء الاصطناعي تجاوز بكثير نمو مصادر الطاقة النظيفة القادرة على تشغيلها. لحل هذه المعضلة تستخدم شركات مثل ألفابت حلولا مبتكرة في محاولة منها لتجنب المشكلة قبل أن تتجاوز أهداف الانبعاثات الخاصة بها بمقدار ميل. وتتمثل الخطة في إعادة تصميم الطريقة التي تحصل بها مراكز البيانات على طاقتها بالكامل، والتغيير من اتصال بشبكة ثابت وفريد إلى اتصال بشبكة مرنة كل ساعة.

في الوقت الحالي، تعمل مراكز البيانات بشكل أو بآخر حسب نزوة الشبكة التي تتصل بها، وانبعاثاتها هي انعكاس لمزيج الطاقة المستخدمة في الشبكة المحلية، والتي غالبا ما تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري. لكن ألفابت تعمل على برنامج من شأنه أن يكون قادرا على تحديد، على أساس كل ساعة، الشبكات التي تنتج فيها المواقع فائض طاقة نظيفة في الوقت الفعلي. وستقوم مراكز البيانات بعد ذلك بسحب طاقتها من تلك الشبكة قبل الانتقال إلى نقطة الطاقة النظيفة التالية حسب الحاجة، تلاحق الشمس بشكل أساسي حول العالم فهي تشرق بالتتالي على الألواح الشمسية في كل منطقة زمنية. بهذه الطريقة، يمكن لمراكز البيانات استخدام الطاقة النظيفة بنسبة 100 في المئة على مدار اليوم.

صناعة تكنولوجيا المعلومات مسؤولة بأكملها عن حوالي 2 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم

يمكن لهذه الإستراتيجية أيضا أن تخفف بعض التكاليف التشغيلية لهذه الشركات، حيث يتم بيع فائض طاقة الرياح والطاقة الشمسية بسعر مخفض في العديد من الأسواق. قد يمثل هذا قدرا كبيرا من المدخرات بالنظر إلى مقدار الطاقة التي تستمدها التكنولوجيا في أي وقت. لرسم صورة عامة فقط، تشير التقديرات إلى أن أوبن أي.آي الشركة المطورة لروبوت الدردشة تشات جي.بي.تي، تنفق حوالي 700 ألف دولار أميركي يوميا على تكاليف الحوسبة وحدها لتشغيل تشات بوت الخاص بها لحوالي 100 مليون مستخدم في جميع أنحاء العالم.

وبينما تقوم غوغل بتجربة هذه الإستراتيجية، لم يحقق أحد بعد هدف الطاقة النظيفة 24 ساعة في اليوم 7 أيام في الأسبوع. إنها فكرة واعدة، ولكن من شبه المؤكد أنها ستكون “معقدة بسبب الدول التي تضغط من أجل سياسات سيادة البيانات التي تحاول تقييد وحماية تدفق البيانات عبر الحدود”، كما ذكرت مجلة فورتشن مؤخرا. وقد يؤدي تحويل كميات هائلة من الطلب إلى شبكات مختلفة على مدار الساعة إلى بعض الإجهاد الخطير للشبكة إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح.

وحسب فورتشن، “إن القدرة على متابعة ميغاواط احتياطية خالية من الكربون يمكن أن تساعد في تقليل الضغط على الشبكات، أثناء موجة الحر أو عاصفة الشتاء المتجمدة. لكن مراكز البيانات تحتاج إلى التعاون مع المرافق ومشغلي الشبكات لأن التقلبات الكبيرة في الطلب يمكن أن تلقي بالأنظمة الكهربائية في حالة من الفوضى، مما يزيد من احتمالات انقطاع التيار الكهربائي”.

12