هل يبرر "إنقاذ الأرواح" التجسس على الناس

واشنطن – تعتبر إسرائيل أن وقف انتشار الفايروس أهم من المخاوف من انتهاك الخصوصية، وهي الحجة التي يبرر بها جهاز المخابرات التجسس على المرضى واستخدام تقنية “مكافحة الإرهاب” في تعقب المشتبه بإصابتهم. وأثارت هذه الخطوة جدلا داخل إسرائيل وخارجها، حول أيهما أولى الخصوصية أم الصحة العامة. وهل يمكن حقا التجسّس على المواطنين بحجة حمايتهم وحماية غيرهم؟
يتيح هذا الإجراء للحكومة بيانات من خلال الهواتف المحمولة لتتبع حركة المصابين بالفايروس وتحديد من يوجد في منطقة مجاورة وتحذيره. وبينما اعترف نداف أرغمان، رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، بأن استخدام قدرات الوكالة لتعقب الإسرائيليين المرضى ينحرف عن عمليات الشاباك ضد النشطاء الفلسطينيين، قال إن “أجهزة الدولة الأخرى لا تملك الوسائل التكنولوجية اللازمة للمساعدة في هذا الجهد”.
وستشمل الخطة الجديدة استخدام تقنية تتبع الهاتف المحمول ومراجعة بيانات بطاقة الائتمان لإعطاء تاريخ أكثر دقة بكثير لتحركات الشخص المصاب قبل تشخيصه وتحديد الأشخاص الذين ربما تعرضوا للإصابة. ثم يتم إخطار أولئك المعرضين للخطر عن طريق إرسال رسالة نصية من أجل اتخاذ إجراء الحجر الصحي والمكوث في المنزل.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو عن هذه الخطوة كجزء من سلسلة من الإجراءات الشاملة للتغلب على تفشي المرض. وأثار على الفور مخاوف من دعاة الحريات المدنية من أن هذه الممارسة ستثير قضايا خصوصية خطيرة.
ووصفت رابطة الحقوق المدنية في إسرائيل هذه الخطوة بأنها “سابقة خطيرة ومنحدر زلق”. وكانت هذه الإجراءات الاستثنائية موضع انتقاد أيضا من غابي أشكنازي قائد الجيش المتقاعد الذي رأس اللجنة الفرعية في البرلمان المنتهية ولايته، ووصف موافقة الحكومة بأنها “سرقة ليلية”. كما انتقد بيني زعيم حزب أزرق أبيض بيني غانتس بدعم هذه الخطوة.
ورد غانتس، الذي كلف بتشكيل الحكومة، “هذه أوقات استثنائية تدعو للأسف إلى اتخاذ تدابير استثنائية من أجل إنقاذ الأرواح”. كما رفض وزير العدل عامير أوهانا الانتقادات. وقال عبر راديو إسرائيل “الخطر الذي نواجهه يفوق مخاوف من تقلقهم المراقبة الإلكترونية”.
وتم تشخيص أكثر من 300 شخص مصاب في إسرائيل، والعدد آخذ في الازدياد بسرعة، مما أثار مخاوف من أن الوفيات قد تعقبها في وقت قريب حيث يتوقع الخبراء عدة أسابيع هي الأكثر صعوبة.
ومع ذلك، أثار الاقتراح نقاشا ساخنا حول استخدام التكنولوجيا الأمنية الحساسة. وقال يوجين كونتوروفيتش، أستاذ القانون في جامعة جورج ميسون ومدير القانون الدولي في منتدى كوهيليت للسياسة، إن الإجراء الإسرائيلي مبرر وقانوني وينبغي أن يكون بمثابة نموذج للولايات المتحدة.
وأضاف “خلال فترة الأوبئة وغيرها، للحكومة الحق في تقييد العديد من الحريات الأساسية. حقوق شخص واحد تنتهي حيث تبدأ في تعريض الآخرين للخطر. يتم استخدام هذه المعلومات لإنقاذ الأرواح، من خلال العثور على الأشخاص الذين تعرضوا دون قصد وربما ينشرون المرض”.
في المقابل، حذرت صحيفة هآرتس الليبرالية من أن مكافحة الفايروس تهدد الحقوق الفردية. وكتبت “يجب على الدولة ألا تحدد مواقع المواطنين الذين تكون جريمتهم الوحيدة هي الإصابة بالفايروس. وفي حالات الطوارئ، تتحمل الحكومات مسؤولية أكبر من المعتاد ألا تنتهك الضوابط والتوازنات التي تشكل أساس النظام الديمقراطي”.
والمكان الآخر الوحيد الذي يعتقد أنه استخدم تقنية مماثلة لمكافحة وباء فايروس كورونا هو تايوان، حيث استخدمت الحكومة الهواتف المحمولة للتأكد من أن الأشخاص المصابين لا يتركون الحجر الصحي الخاص بهم.