هل نحمل معالجنا النفسي قريبا في جيب معطفنا؟

في خطوة يعتقد البعض أنها قادرة على تمهيد الطريق لعالم يستطيع فيه كل منا حمل معالج نفسي في جيب معطفه، بعد أن حملنا مدربا شخصيا، خبراء ألمان يطورون نظام ذكيا يقولون إنه قادر على تقييم صحتنا النفسية.
آخن (ألمانيا) - يأمل الباحثون أن يمكّن نظام للذكاء الاصطناعي طوره باحثون ألمان لتحديد الاضطرابات النفسية في تقليص عدد جلسات العلاج النفسي وكسب ثقة المرضى النفسيين. ويقوم النظام المبتكر بتحليل تعبيرات الوجه وتفسيرها بناء على معلومات مسبقة.
ويمكن لبرنامج الذكاء الاصطناعي الجديد التمييز بين الأشخاص غير المصابين أو المتأثرين بأحد الاختلالات، كما يمكنه أيضًا التمييز بشكل صحيح بين حالات الإصابة بالاكتئاب والفصام، التي كثيرا ما يقع التباس بينها، وكذلك الدرجة التي يتأثر بها المريض حاليًا بالمرض.
وقدم الباحثون صورة مركبة تمثل المجموعة الضابطة لاختباراتهم والمرضى الذين يعانون من اضطرابات عقلية. ويتم مزج هويات عدة أشخاص في خلال فترة الاختبارات لتقييم كفاءة البرنامج.
ويعتمد الأطباء على دلالات غالبا ما يتكرر حدوثها بين الأفراد المصابين باضطرابات عاطفية، فهم يميلون إلى رفع الحواجب، وتسديد النظرات الحادة، وتورم الوجوه والشفاه أو الوجنات المتدلية. ولحماية خصوصية المريض تمت إتاحة هذه الصور التعبيرية لدعم فكرة عمل البرنامج.

كريشنا فير سينغ: قضية الصحة العقلية أكثر أهمية بكثير مما يتخيله البعض
ونشرت الدراسة تحت اسم “وجه الاضطرابات العاطفية”، وشارك في التجارب ثمانية باحثين من مجموعة واسعة من المؤسسات من قطاع البحوث الطبية الخاصة والعامة، ونشرت بموقع قسم أبحاث الكومبيوتر ونماذج التعرف بجامعة كورنيل الأميركية.
وحتى الآن، تم استخدام الذكاء الاصطناعي للتعرف على تأثير تلك الاختلالات التي تظهر على الوجه بشكل أساسي كأداة محتملة للتشخيص الرئيسي. ويقدم النهج الجديد أيضاً طريقة سهلة الإتباع لتقييم مدى تقدم المريض خلال العلاج، أو في بيئته المحلية لمراقبة التغيرات الحادثة له.
وأطلق الباحثون على هذه التقنية اسم “OEG” وهي طريقة لا يتواصل فيها طبيب أو مختص بشكل مباشر مع المريض وإنما يتم استنتاج الحالة العقلية عن طريق تحليل صورة الوجه بدلاً من المستشعرات الموضعية أو تقنيات التصوير الطبي القائمة على الأشعة.
وتم جمع البيانات من 100 مريض من الجنسين بمستشفى الجامعة في مدينة آخن بألمانيا، إلى جانب مجموعة مراقبة قياسية من 50 شخصاً من الأصحاء. وكان من بين المرضى 35 مصاباً بالفصام و65 مصاباً بالاكتئاب.
في البداية يتم عمل جلسة أولية للشخص وهي عبارة عن جلسة تقييم أولية مع أحد الأطباء، وفي المرحلة الثانية، عُرضت على المرضى (ونظرائهم في المجموعة القياسية) مقاطع فيديو لسلسلة من تعابير الوجه، وطُلب منهم تقليد كل منها، مع ذكر تقديرهم الخاص لحالتهم العقلية في ذلك الوقت، بما في ذلك الحالة العاطفية وشدتها. واستمرت هذه الجلسة حوالي عشر دقائق.
وفي المرحلة الثالثة والأخيرة، عُرض على المشاركين 96 مقطع فيديو لممثلين، استمر كل منها ما يزيد قليلاً عن عشر ثوانٍ، وكانوا على ما يبدو يروون تجارب عاطفية مكثفة. ثم طُلب من المشاركين تقييم الانفعال والشدة التي تم تمثيلها في مقاطع الفيديو، بالإضافة إلى مشاعرهم المقابلة. واستمرت هذه المرحلة حوالي 15 دقيقة.
برنامج الذكاء الاصطناعي الجديد قادر على التمييز بين الأشخاص غير المصابين أو المتأثرين بأحد الاختلالات
لاحقاً، قام العلماء بتغذية برنامج الذكاء الاصطناعي بالبيانات والمعلومات المتحصل عليها من الجلسات إلى جانب الفيديوهات المرجعية والتحليلات السابقة التي أجريت على مرضى آخرين وقام الذكاء الاصطناعي بمناظرة النتائج الجديدة للمرضى محل الاختبار.
استنتج العلماء الذين عملوا على تطوير الذكاء الاصطناعي أن تقنية “OEG” قد لا تكون مجرد مساعد ثانوي للتشخيص والعلاج، ولكن على المدى الطويل، قد تصبح بديلاً محتملاً لبعض الأجزاء التقييمية لمسار العلاج النفسي، والذي يمكن أن يقلل من الوقت اللازم للمريض للتعافي.
ويقول كريشنا فير سينغ، المؤسس المشارك لتطبيق “Lissun”، وهو تطبيق للصحة العقلية، “إن قضية الصحة العقلية أكثر أهمية مما يتخيله البعض وقد اتضحت أهمية الأمر خلال فترة تفشي وباء كورونا ما مهد الطريق للتوسع في مجال الرعاية الصحية الرقمية لمحاولة سد الفجوة في هذا المجال، إذ تجعل التكنولوجيا العلاج وأدوات الصحة النفسية الأخرى متاحة في أيّ وقت وفي أيّ مكان”.