هل تُشعل مكافحة الفساد في الأنبار شرارة الطائفية بالعراق؟

في عراقنا الجريح الذي تعرض لكدمات عنيفة ومؤلمة اتسعت مساحات الألم والأوجاع التي أحدثت انقساماً بين المجتمع طال جميع مكوناته.
يصعب العثور على توافق مجتمعي بحيث إذا لم يجد هذا المجتمع ما يختلف عليه سيتحول ذلك الاختلاف بين المكون نفسه.
الأنبار محافظة العراق الغربية طحنتها سنوات داعش العِجاف، وصراع سياسي على المغانم، وفساد يُزكم الأنوف كبّد أهلها خسائر باهظة، كان يمكن استغلال الزمن الضائع في بناء البنى التحتية وتعمير ما خلّفته أطلال الغرابيب السود، لكنه الصراع الأزلي من أجل لعبة الانقضاض.
◙ الانتخابات المحلية المُزمع إجراؤها نهاية العام الجاري ستُلهب المحافظة صراعا محموما للظفر بأكبر حصة من مقاعد مجالس المحافظة بعد أن كانت حِكراً على حزب تقدّم الذي يترأسه الحلبوسي
ما إن كلّف محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي أبوعلي البصري برئاسة الهيئة العليا لمكافحة الفساد (رئيس هيئة الصقور الاستخبارية) حتى توالت ضربات مكافحة الفساد تقتلع بؤراً في المحافظة كان بعضها يُستخدم لتمويل الإرهاب والخلايا النائمة.
محمد العاني رئيس صندوق إعمار الأنبار ومدراء التقاعد والضريبة والنزاهة وآخرون، إضافة إلى ضباط منهم آمر فوج الطوارئ في المحافظة، اعتقلوا بسبب وجود شُبهات فساد، كل ذلك يوحي بوجود تواطؤ في استفحال الخراب في المحافظة التي خرجت من صفحة داعش لتسقط ببراثن الفساد.
ويبدو أن محافظ الأنبار علي فرحان ليس بعيداً عن دائرة الإقالة أو الاستقالة، حيث كشفت مصادر سياسية عن وجود حِراك يقوده محمد الحلبوسي رئيس البرلمان لإيجاد بديل للمحافظ الذي يتوقع له ترك منصبه قريباً بسبب إصابته بسرطان البروستاتا بعد أن أجرى فحوصات طبية في عمّان كشفت عن الإصابة.
لا تُخفي بعض الزعامات العشائرية والتجمعات في المحافظة رغبتها في أن يتولى السوداني إدارة منصب المحافظ من موقع أدنى كحل مؤقت لدرء فتنة قد تُشعل النار في الأخضر واليابس في المحافظة، وقد تمتد آثارها إلى باقي المحافظات الجنوبية بعناوين الصراع الطائفي ومحاولات الاستحواذ على مُقدرات المحافظة التي تتميز بغالبية المكون الواحد.
الانتخابات المحلية المُزمع إجراؤها نهاية العام الجاري ستُلهب المحافظة صراعاً محموماً للظفر بأكبر حصة من مقاعد مجالس المحافظة بعد أن كانت حِكراً على حزب تقدّم الذي يترأسه الحلبوسي.
◙ الأنبار محافظة العراق الغربية طحنتها سنوات داعش العِجاف، وصراع سياسي على المغانم، وفساد يُزكم الأنوف كبّد أهلها خسائر باهظة
في العراق ظاهرة تحوّلت إلى ثقافة يُجيدها السياسيون، كلما اشتّد وقع الأزمة واستعر أوارها تصاعد العزف على أوتار الطائفية والمحاصصة التي نعترف أنهم أجادوا العزف على أوتارها، بحيث يتحوّل ملف مكافحة الفساد إلى شعارات طائفية يتغنّى بها أولئك الذين تتهدم مصالحهم كلما طال واحداً من أعمدة الفساد.
هل تُشعل مكافحة الفساد حرباً بعناوين طائفية في الأنبار؟ ليس مستبعداً في ظل التهافت على مقدرات محافظة تعرف بِغناها بالثروات الطبيعية تحت الأرض.
يمكنك تخيّل محافظة عراقية يتم جلب أغلب مسؤوليها للوقوف أمام القضاء بِتُهم الفساد ونهب المال العام. كيف تُدار، ومن يضمن ألا تستيقظ تلك الجماعات النائمة من سُباتها لتعيث إرهاباً ثانياً في المحافظة؟
محافظة الأنبار هي العراق المُصغّر الذي تتجسد فيه كل صور السقوط السياسي والانهيار الذي أحدثته سياسات الفوضى والتخبط وأيادي الغرباء الممتدة من خارج الحدود الذين أحالوا هذا الجزء من العراق كما أحالوا غيره إلى خراب. والغريب أن ذلك الانهيار كان بمعاول أهله وأبنائه، وتلك هي المصيبة في العراق.