هل تكون سلطنة عُمان الحل العالمي لمسألة الانبعاث - صفر

صخور البريدوتيت العُمانية تساعد في الالتقاط المباشر للانبعاثات في المنطقة.
السبت 2021/11/06
صخور سلطنة عُمان تعيد الأمل لإنقاذ العالم

اجتمعت وفود من نحو 200 دولة في قمة غلاسكو بحثا عن طريقة يمكن من خلالها بلوغ أهداف اتفاقية باريس للمناخ المتمثلة بحصر ارتفاع درجات الحرارة بين 1.5 و2 مئويتين، وحضّ الدول الأغنى والتي لطالما كانت أكبر مصدر للانبعاثات على مساعدة الدول النامية في تمويل انتقالها إلى الطاقة النظيفة، وفيما تستمر الحيرة بشأن مواجهة التداعيات المناخية، يلفت تقرير لوكالة رويترز إلى أن سلطة عمان تلك الدولة الصغيرة تحمل أملا لإنقاذ العالم من كوارث بيئية محتملة، حيث تساعد صخور البريدوتيت العُمانية على الالتقاط المباشر للانبعاثات أكسيد الكربون في المنطقة.

مايا جبيلي

مسقط - بحثت قمة الأمم المتحدة الرئيسية في غلاسكو هذا الأسبوع عن طرق للحدّ من التهديدات الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن الإجابة قد تكمن في مكان غير متوقع على بعد حوالي 8 آلاف كيلومتر: الدولة الخليجية الصغيرة سلطنة عُمان.

واختبر فريق من العلماء والمهندسين في سلطنة عُمان تقنية جديدة تلتقط ثاني أكسيد الكربون، الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض من الغلاف الجوي، ثم حقنه في المخازن الكبيرة لصخور البريدوتيت وتخزينه بعيدا.

وأوضح طلال حسن، وهو رئيس الشركة السلطنة عُمانية لإزالة الكربون 44.01 “حسب حساباتنا التقريبية، لدينا في المنطقة ما يكفي من البريدوتيت لتعدين ما يصل إلى 50 تريليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يشكّل جل انبعاثات البشرية منذ الثورة الصناعية”.

وتقول الشركة السلطنة عُمانية وشريكتها كليموركس السويسرية الناشئة المتخصصة في تقنية التقاط الهواء المباشر، إن “تمعدن الغاز في الصخور هو الأسلوب الأكثر أمانا، والأكثر قابلية للتطوير، والأكثر استدامة لتخزين ثاني أكسيد الكربون”.

وظهرت إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء كجزء أساسي من العديد من الخطط الوطنية للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية، لاسيما مع استمرار ارتفاع الانبعاثات الضارة بالمناخ بسبب استخدام الوقود الأحفوري.

علماء يختبرون في عمان تقنية جديدة تلتقط ثاني أكسيد الكربون ثم حقنه في المخازن الكبيرة لصخور البريدوتيت وتخزينه بعيدا

ووجدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في 2018 أن تخفيضات الانبعاثات من قبل عصر الصناعة لن تكون كافية لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، قائلة إن ما يسمى بـ”الانبعاثات السلبية” سيكون ضروريا لخفض درجات الحرارة في حالة تجاوز الحد الأقصى.

ويمكن لمحطة أوركا (وتعني الطاقة) الأيسلندية الضخمة التي افتتحتها كليموركس أن تمتص حوالي 4 آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون كل سنة، أي ما يقرب من نصف ما تجمعه 15 محطة في العالم تعتمد تقنية التقاط الهواء المباشر من الغلاف الجوي سنويا.

ولا يزال هذا يمثل “قطرة من المحيط” مقارنة بانبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، والتي من المقرر أن تزيد بنسبة 5 في المئة تقريبا في 2021 إلى 33 مليار طن، وفقا لمراجعة الطاقة العالمية لسنة 2021 الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية.

وقد تبدو سلطنة عُمان لاعبا غير متوقع للمساعدة في سد فجوة الانبعاثات، وقد تحمل مفاتيح إنقاذ البشرية من تداعيات التغير المناخي.

وتقع السلطنة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 5 ملايين نسمة على حدود البعض من أكبر بواعث الانبعاثات الضارة بالمناخ للفرد الواحد في العالم، وهي المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط والغاز والإمارات العربية المتحدة.

لكنها تعتبر موطنا لبعض أكبر مساحات البريدوتيت في العالم والتي يسهل الوصول إليها.

ولفت حسن إلى أن شركتي 44.01 وكليموركس لا تزالان تنتظران نتائج اختباراتهما الأوّلية في سلطنة عُمان هذا العام، لكنهما تقدران أنهما يمكن أن تمعدنا طنا واحدا من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من البريدوتيت.

ويمكن أن تكون العملية أكثر أمانا من الخيارات المتاحة الأخرى، مثل ضخ الكربون في حقول النفط المستنفدة.

وقال روبن ميلز، وهو الرئيس التنفيذي لشركة “قمر للطاقة” للاستشارات، إن الخيار آمن ومستدام لتخزين ثاني أكسيد الكربون. وتنعدم بذلك المخاوف البارزة في المشاريع الأخرى مثل التسرب والسلامة.

ويمكن أن تتولّد الطاقة لتشغيل المحطات على نحو مستدام إذا تقرر تركيب محطات طاقة شمسية على نطاق واسع.

أكسيد الكربون عامل أساسي في رفع درجة حرارة الكوكب
أكسيد الكربون عامل أساسي في رفع درجة حرارة الكوكب

وبينما تعهدت سلطنة عُمان بخفض انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 7 في المئة فقط بحلول سنة 2030، وعدت السعودية بانبعاثات صفرية بحلول 2060، وحددت الإمارات سنة 2050 في أهدافها، على الرغم من أنهما لا تنويان الابتعاد عن الوقود الأحفوري بسرعة.

ويمتلك كل من عملاقي النفط منشأة واحدة لتخزين الكربون، لكنهما تلتقطان الانبعاثات الناتجة عن العمليات الصناعية الأخرى بدلا من امتصاص الانبعاثات الموجودة مسبقا من الهواء، كما سيفعل مشروع سلطنة عُمان.

ويمكن أن يساعد البريدوتيت العُماني في إطلاق الالتقاط المباشر للانبعاثات في المنطقة، وهو اقتراح مكلف للغاية حتى الآن.

ويمكن لمشروع 44.01 وكليموركس “بيع” مساحة تخزين في الصخر في نهاية المطاف إلى بلدان أو شركات أخرى تسعى إلى خفض صافي انبعاثاتها.

وأكد ميلز أن التخزين “الدائم والقابل للتحقق” المعتمد على البريدوتيت قد يولد “الائتمان الكربوني عالي الجودة”، حيث ستتداول هذه الأنواع من الائتمانات بأسعار مرتفعة في وقت تتعرض فيه الدول لضغوط لخفض صافي الانبعاثات.

وقال حسن “يبدو الطريق وعرا أمامنا، حيث تشارك الشركات بالفعل في شراء الائتمان الكربوني وبيعه”. لكنه لفت إلى أن طبيعة السوق “المفككة” تتطلب المزيد من التسعير المنظم، وهو أمر يمكن أن ينبثق عن قمة المناخ بغلاكسو.

تمعدن الغاز في الصخور هو الأسلوب الأكثر أمانا، والأكثر قابلية للتطوير، والأكثر استدامة لتخزين ثاني أكسيد الكربون

وتابع “لقد وعد الجميع بالمزيد من الإعلانات حول هذا الأمر في مؤتمر كوب 26. لذلك، فنحن نبحث عن المزيد من الوضوح”.

وتظل التكنولوجيا نفسها باهظة الثمن. حيث يكلف التقاط الكربون من الغلاف الجوي حوالي 600 دولار للطن.

وتوقع ديرك نوبر، وهو رئيس مشروع كليموركس، أن ينخفض السعر ​​إلى 200 دولار مع الاستثمارات الصحيحة.

وأضاف نوبر “مقارنة بالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح..الجميع قال في البداية إنها خيال علمي مكلف للغاية. ونحن في نفس الوضع الآن”.

وبالنسبة إلى شبكة العمل المناخي فإن السعر جعل من تقنية التقاط الهواء المباشر “أغلى نهج لإزالة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي”.

ولم تعتقد أن المشاريع المرتبطة يمكن أن تتحمل تخفيضات كبيرة للانبعاثات بالسرعة الكافية للسير نحو أهداف المناخ العالمية. وبالتالي، لا ينبغي أن يكون لها مكان في التخطيط الفوري لإزالة الكربون.

ويخشى نشطاء منظمة السلام الأخضر من أن تكثيف نظام ائتمان الكربون من خلال تقنية التقاط الهواء المباشر، يمكن أن يسمح للانبعاثات بالدفع للتلويث بدلا من تقليل إنتاج الكربون في الواقع.

وأشار أحمد الدروبي، الناشط البارز في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة السلام الأخضر إلى أن نظام ائتمان الكربون يفتح الباب أمام استخدام كبير لنشاط الغسل الأخضر من أجل تعزيز المكاسب المالية لمختلف البلدان.

وأكد وجوب توجيه التركيز الأساسي إلى خفض الانبعاثات، قائلا”نريد صفرا حقيقيا”.

مستويات قياسية

 

6