هل تقود رومانوسكي الانقلاب الناعم في العراق؟

المتغير القادم في المشهد السياسي آتٍ بقوة حيث لا تخفي بعض القيادات في الإطار التنسيقي عدم رضاها لتصرفات رومانوسكي الدبلوماسية والتي تعتبرها تدخلاً في شؤون البلد الداخلية.
الجمعة 2023/06/09
رومانوسكي تسعى للتغيير من خلال ترتيب أوراق اللعبة في انتخابات العراق القادمة

هل يدخل حزب البعث ماراثون الانتخابات البرلمانية في العراق؟ سؤال يبدو أن دخانه الأبيض بدأ يتصاعد خصوصاً مع اقتراب موسم الانتخابات، ويمكنك أن تتخيل تبعات هذا القرار مع  ما يدور بين أروقة السياسة ودهاليزها من رفض، وخوف، وجدل أو حتى استسلام لقرار تم اتخاذه من وراء الحدود.

عودة حزب البعث إلى الساحة السياسية عبر الدخول من بوابة الانتخابات القادمة هو المتغير الجديد في المعادلة السياسية الذي “أصبح واقعاً”، هذا ما اعترف به سليم الجبوري رئيس البرلمان الأسبق، آزره في الاعتراف محمود المشهداني السياسي المستقل والذي سبق الجبوري في رئاسة البرلمان العراقي.

بعد أكثر من عشرين عاماً من الحظر السياسي للحزب وعقوبة التعامل معه جاء تصويت مجلس الوزراء العراقي على قرار إلغاء لجنة الحجز على أملاك وأموال أركان ومسؤولي النظام السابق من المنتمين لحزب البعث، وتوصية الحكومة لمجلس النواب بسحب مشروع قانون التعديل الأول لقانون رقم 72 لعام 2017 القاضي بحجز الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لأركان النظام السابق، كما تضمن القرار الأخير إمكانية المتضرر لرفع دعاوى قضائية بشأن قرار الحجز أو المصادرة أمام المحاكم المختصة، وكانت هيئة المساءلة والعدالة قد أصدرت في مارس 2018 قرارها المتضمن مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة شمل عائلة صدام حسين والآلاف من مسؤولي النظام السابق، تزامن قرار الإلغاء مع تصريح رغد صدام حسين بقرب عودة أنصار والدها إلى العراق لاستلام السلطة.

◙ المتغير القادم في المشهد السياسي آتٍ بقوة حيث لا تخفي بعض القيادات في الإطار التنسيقي عدم رضاها لتصرفات رومانوسكي الدبلوماسية والتي تعتبرها تدخلاً في شؤون البلد الداخلية

يدّعي البعض أن تلك المتغيرات كانت بصفقة سياسية لتشكيل حكومة السوداني أو لضغوط تمارسها جهات إقليمية ودولية لخلق توازن في المشهد السياسي العراقي من خلال إيجاد بديل مناهض للجناح المؤيد لإيران.

يبدو من العبث الاعتقاد أن الإدارة الأميركية التي استعانت بالسفيرة إلينا رومانوسكي المُدرّبة مخابراتياً ودبلوماسياً في معاهد الـ”سي أي إيه” لإدارة شؤون العراق كان من أبواب الصدفة.

لنطرح السؤال بصيغته الأوضح، وهو هل تسعى واشنطن إلى إحداث تقييم للخارطة السياسية أو تفكيكها من خلال انقلاب ناعم يُحدِث تغييرا شاملا للنظام الذي أوجدته بعد عام 2003 عبر وسائلها الخاصة؟

الهدوء الذي يسبق العاصفة.. ذلك الوصف الذي يمكن تشبيه الوضع العراقي الحالي مع ما أعلنه معهد واشنطن للدراسات في تقريره الصادر في السادس من يونيو من مصادر داخل الإدارة الأميركية أن العراق بات ينهار بصمت.

دخول حزب البعث إلى ماراثون الانتخابات بصورته المستترة أو الظاهرة على المكشوف يبدو أنه يلقى دعماً إقليمياً ودولياً، خصوصاً بعد الضجة التي أثارها الإطار التنسيقي من الأردن بالترخيص للحزب المحظور بالعراق للانخراط بشكل قانوني في الحياة السياسية حيث لا تخفي بعض القيادات العراقية تخوفها من امتداد تأثير ذلك الحزب على الحياة السياسية للداخل العراقي.

◙ هل تسعى واشنطن إلى إحداث تقييم للخارطة السياسية أو تفكيكها داخل العراق من خلال انقلاب ناعم يحدث تغييرا شاملا للنظام الذي أوجدته بعد عام 2003 عبر وسائلها الخاصة؟

في خضم تلك الأحداث يظهر السكوت من علامات الرضا لدى رومانوسكي الراعية لذلك التغيير، حسب بعض تسريبات دهاليز غرف القرار في المنطقة الخضراء، حيث تسعى للتغيير من خلال ترتيب أوراق اللعبة في الانتخابات القادمة.

الانزعاج الأميركي يأتي بعد تعهدات حكومة بغداد بوقف تهريب عملة الدولار إلى إيران في مدة لا تتجاوز بضعة أشهر وفشل تلك المحاولات الحكومية في كبح جماح التهريب، بل ازدادت كمياته المهربة بعد قرار الحكومة تخفيض سعره مقابل الدينار العراقي، إلا أن الفرق الكبير بين السعر الرسمي والسوق السوداء أدى إلى مضاعفة أرباح شركات وبنوك التهريب والمتضرر هو المواطن.

المتغير القادم في المشهد السياسي آتٍ بقوة حيث لا تخفي بعض القيادات في الإطار التنسيقي عدم رضاها لتصرفات رومانوسكي الدبلوماسية والتي تعتبرها تدخلاً في شؤون البلد الداخلية، بل يذهب ذلك البعض إلى اعتبار تدخلها محاولة لزعزعة النظام السياسي متناسياً أنه يعيش في بلد محتل.

العراق يسير نحو المجهول هو ملخص حكاية الديمقراطية الأميركية التي أرادتها للعراقيين، والأكيد أن العراق هو بلد المفارقات ومن عجائبه أنك ترى المتناقضات في كل شيء ابتداءً من الشخصية العراقية وانتهاء بالسياسة.

9