هاجس التخلص من أكبر مقبرة إطارات في العالم يؤرق الكويت

تعتبر نفايات الإطارات المطاطية المستعملة والتي يتم التخلص منها من بين أكثر النفايات التي تسبب مشاكل بيئية، وذلك بسبب كثافة تصنيعها وأعدادها الهائلة، لذلك تعيش الكويت صاحبة أكبر مقبرة لهذه العجلات هاجس صعوبة التخلص منها، رغم إمكانية تدويرها والاستفادة منها.
الكويت - في سباق مع الزمن، تبذل الكويت جهودا لوضع نهاية لمشكلة أكبر مقبرة للإطارات المطاطية التالفة في العالم، والتي تراكمت في هذه الدولة صغيرة المساحة منذ سنوات، وظلت تشكل خطرا على البيئة والصحة العامة.
المقبرة الواقعة في منطقة “ارحية” وتبعد 5 كيلومترات جنوبي مدينة الجهراء (شمال غرب الكويت)، كانت تحتوي 50 مليون إطار بحسب تصريحات سابقة للناشط الكويتي عبدالله البنيان.
وتعود خطورة الإطارات التي تجمعت خلال أكثر من عقدين لتسببها بمشاكل بيئية، جراء أعدادها الهائلة نظرا لتكدسها وعدم تدويرها والاستفادة منها كما فعلت دول أخرى طيلة السنوات الماضية.
وعادة ما ينتج عن حرائق الإطارات مقدار كبير من الدخان الذي يكون مصحوبا بمواد كيمياوية سامة ناتجة عن تفكك المركبات المكونة للمطاط أثناء الاحتراق.
وآخر فصول الضرر، كان حريقا هائلا تمت السيطرة عليه على طريق السالمي (جنوب) هذا العام، حيث عملت فرق الإطفاء على عزل الحريق عن باقي الإطارات وحصره في مساحة 200 متر مربع.
وتساءل كثيرون عن الحكمة من تخزين مثل هذه المواد القابلة للاحتراق في بلد تصل فيه درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية. وتعود أزمة ملف إطارات ارحية إلى أبريل 2012، عندما اندلع حريق كبير في تلك الإطارات كشف أن ذلك الموقع مقبرة ضخمة للإطارات التالفة.
ووضعت الكويت الموقع (ارحية) ضمن مشروع إسكاني كبير في مدينة جنوب سعدالعبدالله، ليتم نقلها إلى موقع السالمي (جنوب غرب)، إذ من المتوقع إكمال نقلها بحلول نهاية الشهر الجاري.
وهناك، أقامت البلاد مجموعة مصانع لتقطيع الإطارات والاستفادة منها في قطاعات صناعية، ويمكن إعادة تدويرها بشكل ملائم.

وتستعمل المواد الناتجة عن إعادة التدوير الملائمة لصنع وإنتاج ملاعب الأطفال، ومضامير رياضة الركض، وأرضيات الملاعب الاصطناعية، ووقود أفران الإسمنت، وبطانات السجاد، وساحات الفروسية، وتبليط الأرضيات والأثاث.
وبالإمكان استعمالها في الدفاع ضد الفيضانات، أما إذا كانت في حالة جيدة بما فيه الكفاية، فبالإمكان كذلك إعادة تصنيعها واستعمالها في العجلات مجددا. ويتم حرق جزء كبير من نفايات هذه الإطارات من أجل الوقود، حيث تتعدى القيمة الطاقوية لهذه الإطارات تلك التي لدى الفحم مما يجعلها معوضا ممتازا له.
وعقب الحريق الأول في الإطارات خلال أبريل 2012، واستمرت عمليات إخماده 3 أيام، اندلع آخر في نوفمبر 2019 استغرق وقتا طويلا لإخماده، ثم حصل حريق آخر في أكتوبر 2020 مخلفا خسائر مادية جسيمة.
وقال مدير عام الهيئة العامة للبيئة الشيخ عبدالله الأحمد إن حادث حريق إطارات ارحية هو حريق بفعل فاعل. وأضاف أن من يقوم بهذه الأفعال لا يعلم القيمة التي تخلفها مثل هذه الاعتداءات على البيئة وعلى كمية الأموال المهدرة جراء هذه الأفعال.
وسبق أن حظيت قضية الإطارات المستعملة في الكويت باهتمام عالمي واسع، بعد قيام صحيفة “ديلي ميل” البريطانية عام 2013 بتسليط الضوء عيها، وإطلاق اسم “مقبرة للإطارات في العالم” على منطقة ارحية.
وقالت الصحيفة “من المعتقد أن الإطارات من الكويت ومن الدول المجاورة التي دفعت أموالا لأجل التخلص منها”، مضيفة أن “المقبرة ضخمة بطريقة خيالية، لدرجة أنه يمكن التقاط صور لها من الفضاء لا يمكن تصديقها، وتعبر عن المساحة الشاسعة لهذه المقبرة”.
وللحد من أضرار الإطارات، تتخذ الحكومة الكويتية إجراءات مهمة، فخلال مارس الماضي وافقت الإدارة العامة للجمارك على طلب لإحدى الشركات بتصدير 5 ملايين إطار مستعمل بموقع ارحية خلال موعد أقصاه 9 أشهر.
كما بادرت بإنشاء 5 مصانع على مراحل، تبدأ بمصنعين ينضمان إلى مصنع قائم حاليا، لتقطيع الإطارات وتصديرها والاستفادة منها في التدوير. وسبق أن أعلن المدير العام للهيئة العامة للصناعة الكويتية عبدالكريم تقي تقطيع 48 مليون إطار من أصل 57 مليونا في منطقة ارحية.
وتستمر الجهود الحكومية في نقل ما تبقى من الإطارات إلى الموقع الجديد، المخصص لتجميع الإطارات التالفة والمستعملة في “السالمي”. وقال عضو المجلس البلدي الكويتي حسن كمال إنه تم “تخصيص مساحة مليوني متر مربع كمنطقة تابعة للهيئة العامة للصناعة، لإنشاء 3 مصانع لإعادة تدوير الإطارات في السالمي”.
وأضاف أن “الموقع الذي تم تخصيصه من المفترض أن يضم ما يقارب 52 مصنعا لإعادة التدوير سواء إطارات أو أوراقا أو البلاستيك، وغير ذلك”. وقال حمود العنزي رئيس لجنة الجهراء في المجلس البلدي “هناك جهود تبذل لنقل الإطارات، لكن الإمكانيات الموجودة أقل بكثير من التحدي الكبير من ضخامة عدد الإطارات”.
ودعا العنزي “لفتح المجال أمام المجتمع للتطوع للمساهمة في نقل الإطارات، ودعوة شركات النقل الكبرى وشركات المعدات الثقيلة للمساهمة ضمن المسؤولية الاجتماعية للإسراع في وتيرة نقل الإطارات”.

