نوبل نسائية في الكيمياء تذهب لمقص "الخياطتين الجينيتين"

كسرت عالمتان هيمنة العلماء الذكور على معظم جوائز نوبل، بعد حصولهما مناصفة على جائزة نوبل للكيمياء لهذه السنة، لتطويرهما تقنية ثورية تتيح تنقيح الشفرة الجينية بإخراج أجزاء منها أو إدخال أجزاء جديدة إليها في إطار السعي لتغيير تركيبة كائن حي أو تحسينها.
ستوكهولم - منحت جائزة نوبل للكيمياء الأربعاء لثنائي “نسائي بالكامل” يتألف من الفرنسية إيمانويل شاربنتييه والأميركية جنيفر داودنا، وهما عالمتا وراثة طورتا “مقصات جزيئية” قادرة على تعديل الجينات البشرية، وهو إنجاز يُعتبر ثوريا في مجال الكيمياء.
وأوضحت لجنة التحكيم خلال الإعلان عن اسمي الفائزتين في ستوكهولم أن الجائزة أعطيت لهما لنجاحهما في “تطوير وسيلة لتعديل الجينات” بواسطة “أداة لإعادة صوغ شيفرة الحياة”.
وأضافت اللجنة أن إسهامات العالمتين مكنت “الباحثين من تغيير الحمض النووي للحيوانات والنباتات والكائنات الدقيقة بدقة عالية للغاية. وكان للتكنولوجيا التي طورتاها تأثير ثوري على علوم الحياة، وتساهم في التوصل لعلاجات جديدة للسرطان، وربما تجعل حلم علاج الأمراض الوراثية حقيقة”.
وتقاسمت شاربنتييه وداودنا الجائزة مناصفة في ما بينهما وقيمتها 1.1 مليون دولار لتطويرهما المقص الجيني “كريسبر/ كاس 9”.
وتمكنت شاربنتييه وداودنا من التقدّم على عدد من المرشحين الآخرين السبعينيين والثمانينيين، علما أن من مبادئ جائزة نوبل ألا تُمنح بعد الوفاة.وباتت شاربنتييه (51 عاما) وداودنا (56 عاما) سادس وسابع امرأة تفوز بجائزة نوبل للكيمياء منذ العام 1901، وأول فريق نسائي بالكامل من دون أي رجل، ينال جائزة نوبل في الفئات العلمية.
كما أنها أيضا المرة الرابعة التي تكون جائزة علمية مئة في المئة نسائية، بعد الفرنسية البولندية ماري كوري والبريطانية دوروثي كروفوت هودجكين اللتين نالت كل منهما على حدة جائزة الكيمياء؛ الأولى العام 1911 والثانية العام 1964، والأميركية باربرا ماكلينتوك التي حصلت على جائزة الطب العام 1983.
وقالت شاربنتييه خلال مؤتمر صحافي أقامته لجنة نوبل بعد وقت قصير من إعلان النتيجة إن “النساء العالمات يستطعن أيضا أن يحققن أثرا بواسطة الأبحاث التي يجرينها”، وأملت في أن يكون فوزها وزميلتها “رسالة قوية جدا” لدفع الشابات إلى امتهان اختصاصات علمية.
وأضافت ”أعتقد أننا نظهر لهن أنه يمكن للمرأة في مجال العلوم الفوز أيضا بجوائز، والأهم من ذلك هو أن المرأة في مجال العلوم يمكنها متابعة الأبحاث التي تقوم بها”.
وتابعت ”إنه أمر مهم للغاية ليس فقط بالنسبة للنساء، فنحن نلاحظ نقصا واضحا في الاهتمام بالمجال العلمي، وهو أمر مقلق للغاية”.
وكانت العالمتان وزملاؤهما أعطوا في يونيو 2012 في مجلة “ساينس” مواصفات أداة جديدة تسهّل تعديل المجين، وهي آلية تسمّى “كريسبر/كاس 9” وتعرف بـ”المقصّات الجزيئية”.
وإذا كانت الطريقة العلاجية الجينية المعروفة تقوم على إدخال جينة طبيعية سليمة في الخلايا التي تتضمن جينة تعاني من خلل، على طريقة حصان طروادة، لكي تتولى العمل الذي لا تستطيع الجينة الخاطئة القيام به، فإن “كريسبر” ذهبت أبعد من ذلك، فبدلا من إضافة جينة جديدة، يمكن من خلال هذه الأداة تعديل الجينة الموجودة أصلا.
وتُعتبَر هذه الأداة سهلة الاستعمال، وقليلة التكلفة، وتتيح للعلماء قصّ الحمض النووي بدقّة في المكان الذي يريدونه، لأهداف منها مثلا التسبب بتعديل جيني أو تصحيح جيني ومعالجة أمراض نادرة. لكنّ هذه التقنية ليست معصومة من الخطأ، وتثير المخاوف من بعض الذين يسيئون استخدامها، ومنهم مثلا عالم صيني أثار ضجة كبيرة بتطويره تعديلات جينية غير متوقعة على أجنّة بشرية خلال عملية إخصاب في المختبر أدت إلى ولادة طفلتين توأم.
وقالت داودنا “أتمنى أن يتم استخدامه في الخير، للكشف عن ألغاز جديدة في علم الأحياء وإفادة البشرية”.
وفي الولايات المتحدة يدور نزاع في شأن براءة اختراع تقنية “كريسبر/ كاس 9” بين العالمتين الفائزتين بالجائزة والباحث الأميركي الشاب من أصل صيني فنغ زهانغ.
وإذا كانت جوائز نوبل تمنح غالبا لاكتشافات تعود إلى عقود، فإن التقدم العلمي الكبير المتمثل في “المقصات الجزيئية” يعود إلى السنوات العشر الأخيرة فحسب.
وكان موسم جوائز نوبل لهذه السنة افتُتِح بجائزة نوبل للطب التي مُنحت الاثنين إلى ثلاثة علماء فايروسات هم البريطاني مايكل هوتن والأميركيان هارفي ألتر وتشارلز رايس، تقديرا لدورهم في اكتشاف الفايروس المسؤول عن التهاب الكبد سي.
وتوجّت جائزة نوبل للفيزياء التي أعلنت الثلاثاء كلّا من البريطاني روجر بنروز والألماني راينهارد غنزل والأميركية أندريا غيز، وهم ثلاثة رواد في مجال البحوث المتعلقة بمناطق من الكون تسمّى “الثقوب السوداء”، تتميّز بأنها ذات جاذبية فائقة ولا يمكن لأي جسيمات الإفلات منها، حتى الضوء.
وسيُعلن الخميس عن الفائز بجائزة الآداب التي تحظى بأكبر شعبية على غرار نوبل للسلام التي يُكشف عن الفائز بها الجمعة في أوسلو. ويُختتم موسم جوائز نوبل هذا العام بالإعلان عن الفائز بجائزة الاقتصاد الاثنين المقبل.