نفوذ منظمة التعاون الإسلامي لإصلاح العلاقات بين السعودية وإيران محدود

لا تزال العلاقات السعودية – الإيرانية تراوح مكانها بعد عام على استئنافها رغم تبادل الزيارات والوفود لمناقشة سبل التعاون في عدة مجالات. وتأتي منظمة التعاون الإسلامي في قلب مساعي إصلاح العلاقات.
الرياض - بعد مرور عام على استعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، يعمل البلدان على تخفيف التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط مقابل وعود بتحسين التعاون الثنائي. لكن التوترات لا تزال قائمة.
وتستخدم العاصمتان منظمة التعاون الإسلامي، التي تتخذ من السعودية مقراً لها، والتي تضم أعضاء من 57 دولة إسلامية، لمحاولة التغلب على خلافاتهما، لكن نفوذها يظل محدودا.
واتفقت الرياض وطهران على إعادة فتح سفارتيهما في مارس الماضي، مع التعهد بإعادة تنشيط العلاقات الدبلوماسية وتعميقها.
وبحلول أبريل، قاما بتطبيع علاقاتهما رسمياً، وهي خطوة رحبت بها منظمة التعاون الإسلامي.
وأعقبت ذلك سلسلة من المكالمات الهاتفية رفيعة المستوى والزيارات المنتظمة، ولكن أيضًا التباطؤ في إبرام اتفاقيات كبرى لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمن الإقليمي والتعاون في مجال الطاقة والسياحة.
وأدى تحسن العلاقات إلى قيام المملكة العربية السعودية بتقديم حوافز اقتصادية لإيران مقابل ضمانات بالتزامها بالاستقرار الإقليمي.
تحسن العلاقات أدى إلى قيام المملكة العربية السعودية بتقديم حوافز اقتصادية لإيران مقابل ضمانات بالتزامها بالاستقرار الإقليمي
وأثار اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر 2023 موجة من النشاط الدبلوماسي بين القوتين الإقليميتين لمعالجة الصراع في منظمة التعاون الإسلامي.
وعلى النقيض من ذلك، قبل ثلاث سنوات فقط، في عام 2020، منعت الرياض وفدًا إيرانيًا من المشاركة في اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في جدة.
وعندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا في أكتوبر 2023 يدعو إلى هدنة إنسانية بين إسرائيل وحماس، دعت إيران إلى إجراء محادثات منظمة التعاون الإسلامي بشأن غزة.
وحضر الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي بعد ذلك القمة العربية – الإسلامية الاستثنائية المشتركة لمنظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في الرياض في الشهر التالي.
وحاول رئيسي، وهو أول رئيس إيراني يحضر اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في المملكة العربية السعودية منذ عام 2012، حشد الدول الإسلامية ضد إسرائيل من خلال الدعوة إلى إنهاء محنة الفلسطينيين. وقد أثقل خطابه القيادة السعودية، التي كانت تفكر في تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل اندلاع الحرب.
وأبرزت المحادثات الثنائية القصيرة بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس إبراهيم رئيسي، التي عقدت على هامش قمة منظمة التعاون الإسلامي، الخلافات بينهما.
وأعرب رئيسي عن اهتمامه بتعزيز العلاقات مع الرياض. وربما يكون ولي العهد قد اشترط ذلك برفض الحرب بشكل لا لبس فيه، مما يعني ضمنا أن دعم إيران لحماس يمكن أن يطيل أمد الصراع. كما حثت الرياض على فتح ممر إنساني ووقف فوري للقتال وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وغيرهم من المعتقلين.
وفي إيران، انتقد المتشددون الدول الإسلامية لعدم قيامها بما يكفي في منظمة التعاون الإسلامي.
إذا انتشرت الحرب في المنطقة فإن مستقبل عملية التطبيع الإيرانية - السعودية سوف يخيم عليه عدم اليقين
ووصفت الصحف البيان الختامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي بأنه عبارة مبتذلة لن تؤدي إلى اتخاذ أيّ إجراء ضد إسرائيل، وشددت على أن حماس دعت قمة منظمة المؤتمر الإسلامي إلى إنشاء لجان لتسهيل التواصل الإنساني والإغاثي والطبي والبرلماني الدولي مع غزة.
وفي مارس 2024، حث وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبداللهيان أعضاء منظمة التعاون الإسلامي مرة أخرى على اتخاذ إجراءات لإدانة إسرائيل، في اجتماع عقدته الهيئة بناء على طلب إيران في جدة.
وخلال لقائه مع نظيره وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان قال أمير عبداللهيان إن إيران راضية عن مستوى التعاون الثنائي، لكنه شدد على الحاجة إلى موقف متماسك وقوي في منظمة التعاون الإسلامي للدفاع عن الفلسطينيين.
وحث وزير الخارجية السعودي على التعاون بشأن هذه القضية من خلال المنتديات الدولية، بما في ذلك منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.
وتجنبت الرياض تأجيج الخطاب الإيراني المناهض لإسرائيل من خلال الوعد بتحسين العلاقات الاقتصادية مع طهران، بعد أن شنت إيران هجمات صاروخية وبطائرات دون طيار مباشرة على إسرائيل ليلة 13- 14 أبريل 2024، في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على القنصلية الإيرانية في سوريا في وقت سابق من الشهر نفسه.
وفي أواخر أبريل، شاركت وفود سعودية في معرض إكسبو 2024، وهو معرض دولي مصمم لتسليط الضوء على قدرة إيران التصديرية.
وأرسلت طهران وفدين إلى الرياض نهاية الشهر الماضي للمشاركة في اجتماع خاص للمنتدى الاقتصادي العالمي وتجمع للبنك الإسلامي للتنمية بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيسه.
الرياض تجنبت تأجيج الخطاب الإيراني المناهض لإسرائيل من خلال الوعد بتحسين العلاقات الاقتصادية مع طهران
وكان الهدف هو تشجيع الاستثمارات السعودية والبنك الإسلامي للتنمية في مشاريع التنمية الإيرانية وتسهيل التعاون المصرفي، مع تقارير تشير إلى أن طهران ربما حصلت على موافقة من البنك الإسلامي للتنمية على اقتراح بشأن التمويل التفضيلي.
وترى بنفشة كينوش الزميلة في المعهد الدولي للدراسات الإيرانية في تقرير نشره معهد الشرق الأوسط أنه على الرغم من هذه التطورات، إذا انتشرت الحرب في المنطقة، فإن مستقبل عملية التطبيع الإيرانية السعودية سوف يخيّم عليه عدم اليقين.
وعندما كانت التوتّرات شديدة، أخّرت المملكة العربية السعودية إصدار تأشيرات للحجاج الإيرانيين، مما أجبر طهران على إلغاء رحلات الحج لنحو 30 ألف إيراني في فبراير 2024، لتستأنف الحج في أواخر أبريل.
ويقول الجانبان الآن إن المشكلة كانت فنية، وقد أرسلت إيران وفودًا تمثل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي ومنظمة الحج والعمرة لحل القضايا العالقة.
وقد تتقارب طهران والرياض في وجهات نظرهما من خلال منظمة التعاون الإسلامي، وهي منصة عامة لتسهيل المناقشات حول شؤون المسلمين والصراعات الإقليمية.
وهذا يساعد العاصمتين على توسيع نفوذهما خارج الأمم المتحدة، حيث تطغى مصالح القوى العالمية على الدبلوماسية الإيرانية والسعودية.
وتتّخذ منظمة التعاون الإسلامي موقفاً علنياً عندما تفشل الأمم المتحدة في اعتماد قرارات قوية لإنهاء الصراع في غزة، وتعقد اجتماعات لجان على المستوى الوزاري لمعالجة التطورات هناك، وتكون بمثابة مرصد إعلامي، وتسهل المساعدات الإنسانية للمحاصرين في غزة.
ولكن بعيدًا عن هذه التدابير الدبلوماسية المهمة، من غير الواضح مدى التأثير الحقيقي لمنظمة التعاون الإسلامي على المسار المستقبلي للعلاقة الإيرانية – السعودية.