نحات عظام الإبل في الصومال يقاوم اندثار حرفته

حرفة تقليدية تعاني من مصاعب في الترويج في ظل غياب الاهتمام المحلي بها.
الجمعة 2021/11/12
تحف وحلي

في الصومال ثمة من يصنع من عظام الإبل حليّا تتزين بها المرأة الصومالية، مهنة كان يمارسها الكثير من حرفيي مقديشو الذين يستخدمون أدوات تقليدية في صناعة منتجاتهم التي تتطلب دقة عالية ومهارة فائقة لإنتاجها، لكن هذه الحرفة تواجه خطر الاندثار لأسباب أمنية وغياب الزبائن.

مقديشو - يفرز الفنان الصومالي موسى محمد أولوسو كومة ضخمة من عظام الإبل التي تخلص منها مجزر في مقديشو وينتقي منها قطعا ينحتها ويصنع منها قطع حلي وسُبَحا مزخرفة فريدة من نوعها.

ويتحمل أولوسو (55 عاما) مصاعب جمة للحفاظ على حرفته المهددة بالاندثار.

وعن عملية جمع العظام يقول “أن تصحو مبكرا وتذهب إلى مسالخ في ضواحي مقديشو حيث تتكدس العظام بعد استهلاك لحومها لجمعها هي عملية محفوفة بالمخاطر”.

ويضيف “كانت عملية جمع العظام تتم عدة مرات في الأسبوع، لكننا كنا نخشى من الميليشيات المسلحة التي تهددنا أحيانا وتفرض علينا إتاوات بعد أن علم قادة الميليشيات أننا نستفيد من العظام”.

وعلى حد علمه، فإن أولوسو واحد من أربعة فقط من الحرفيين أو الفنانين الذين يتعاملون مع عظام الإبل الآن في الصومال الذي يبلغ عدد سكانه نحو 16 مليون نسمة.

ويواجه هؤلاء الحرفيين القلائل مصاعب في ترويج منتجاتهم اليدوية في الخارج وباتت تدفع ثمن غياب الاهتمام المحلي بها، بعد أن كان الصومال يشارك بها في المعارض الدولية والإقليمية، لكنها اليوم لا تجد أمامها إلا المتاجر المحلية، فلا تعود على أصحاب هذه المهنة إلا بمبالغ مالية يرونها ضئيلة.

وقال إن مسلحين قتلوا العشرات من الحرفيين في مقديشو ومدينة أخرى عام 1978 خلال إحدى فترات الحرب والاضطراب الكثيرة في الصومال.

وعلى مدى سنوات كان الرجل ينحت العظام سرا في منزله ويصنع أشياء كثيرة، فأنياب الإبل مثلا يصنع منها أقراط النساء، إلى جانب أدوات زينة أخرى يأخذها إلى الأسواق لبيعها في تكتم.

ويضيف أنه يفضل تصميم تحفه من عظام الجمال على عظام الماشية الأخرى لقدرتها على البقاء لسنوات طويلة عكس عظام الماشية الأخرى.

وتعلم أولوسو، الذي قويت يداه وذراعاه وظهرت عضلاته بسبب عمله الشاق، هذه الحرفة من والده عام 1976.

ويعتزم العمل على ضمان ألا يندثر هذا التقليد الذي يعود للعشرات من السنين بعد وفاته، لأنه “يجسد تقاليدنا ويمتد إلى عصور قديمة”.

وقال في ورشته، حيث تحيط به العظام من كل جانب، في العاصمة مقديشو “أبنائي سيرثون عني هذه المواهب التي ورثتها عن أبي. لا أريد أن تندثر هذه المهارات”.

ومعظم زبائن أولوسو من المسؤولين في الحكومة أو الصوماليين الأثرياء الذين يعيشون خارج البلاد. فسعر إحدى السُبَح المنحوتة بشق الأنفس يمكن أن يصل لنحو 50 دولارا في بلد يعيش فيه سبعة من كل عشرة أشخاص على الأقل من دولارين في اليوم.

وقال زبون زائر في ورشته إن السعر معقول مقارنة بالعمل. وأضاف “المهم هو الجودة وليس السعر. أفضّل هذه المسابح عن المستوردة من دول مثل الصين”.

وخلصت دراسة حكومية أميركية صدرت عام 2019 إلى أن الصومال موطن أكبر عدد من الإبل في العالم وأن رعي الجمال وغيرها من الماشية يوفر سبل العيش لنحو 60 في المئة من سكان البلاد.

ونحت عظام الإبل هو مصدر الدخل الرئيسي منذ العشرات من السنين بالنسبة إلى أولوسو وعائلته.

ويقول إنهم استثمروا قرابة خمسة آلاف دولار لاستيراد آلات من إيطاليا لنحت وثقب العظام الصلبة من أجل إنجاز العمل بشكل أسرع وأكثر أمنا “دون إصابات”.

غير أن العمل اليدوي الشاق، الذي تعلمه من والده، هو ما يعطي بعض التفاصيل التي تجعل حُليه أو مجوهراته وخرزات مسابحه مميزة.

وبحسب العدد القليل ممن تبقوا من الحرفيين، فإن فنهم بحاجة إلى الكثير من الإمكانات لتطويره.

ويحلم أولوسو ببيع إنتاجه في الخارج قائلا “خطتنا تتمثل في تصدير تلك المنتجات إلى دول أخرى. سنواصل العمل في هذه الحرفة الفنية إلى أن نصبح أثرياء”.

20