نجوم السينما والتلفزيون ضحايا مقاطع فيديو مزيّفة

خوارزميات تتلاعب بالصوت والصورة.
الأحد 2023/11/26
توم هانكس يحذر

نيويورك - تروّج مقاطع فيديو شوهدت آلاف المرات عبر فيسبوك لمزايا منتجات للتنحيف أو مُعالِجة لمرض السكري، من خلال استغلال صور نجوم برامج تلفزيونية من القنوات الأميركية مثل “سي بي إس” و”سي إن إن”.

وأُنشئت مقاطع الفيديو بواسطة برامج الذكاء الاصطناعي، وتشكل ما يُعرف بـ”التزييف العميق” (ديب فايك)، وهي تلاعبات رقمية تتزايد نسبتها وقربها من الواقع، مما يشكل ضرراً على سمعة وسائل الإعلام التقليدية.

وعلّق بعض المذيعين والصحافيين الذين انتُحلت شخصياتهم فور نشر مقاطع الفيديو هذه عبر المنصات الاجتماعية.

وقالت مذيعة شبكة “سي بي إس” غايل كينغ في منشور عبر صفحتها في إنستغرام في أكتوبر الماضي “لم أسمع قط عن هذا المنتج ولم أستخدمه مطلقاً! لا تنخدعوا بهذه المقاطع المُركّبة بتقنية الذكاء الاصطناعي”.

ونشرت كينغ مقطع الفيديو الأصلي الذي استند إليه المحتالون، وكانت تروّج فيه لبرنامج إذاعي في 31 أغسطس الفائت.

وأضافت “لقد تلاعبوا بصوتي والفيديو ليجعلوا الأمر يبدو وكأنني أروج لهذا المنتج (…) لم أسمع قط عن هذا المنتج ولم أستخدمه يوماً!”، وختمت “لا تقعوا في فخ مقاطع الفيديو هذه القائمة على الذكاء الاصطناعي”.

وتولى نشر مقطع الفيديو الذي أشارت إليه كينغ مستخدم يحمل اسم “أرتيبت”، لكنّ عمليات بحث على إنستغرام وغوغل لم تسفر عن أي نتائج تشير إلى منتجات الحمية هذه.

وتُستخدم في مقاطع فيديو أخرى أقوال محرّفة للملياردير إيلون ماسك لأغراض تجارية.

ونبّه الممثل الأميركي توم هانكس معجبيه إلى تداول إعلان ترويجي يستخدم شكله وصوته بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي من دون استئذانه.

وكتب هانكس عبر صفحته على شبكة إنستغرام “حذارِ! ثمة مقطع فيديو مُتداوَل للترويج لتأمين على الأسنان، باستخدام نسخة ذكاء اصطناعي مني. لا علاقة لي بالأمر”.

وأورد هانكس منشوره على لقطة شاشة لمقطع الفيديو المشكوّ منه.

ولم تكن التزييفات العميقة في بداياتها مقنعة، ولكنها أصبحت تتسم بواقعية شديدة مع ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يتيح إنتاج المحتويات بكل أنواعها، ومنها الفيديو، بناءً على طلب بسيط باللغة اليومية.

وتقنية “التزييف العميق” التي تمجّد أنواعاً عدة من المنتجات وخططاً استثمارية مشبوهة، غالباً ما تحيل المستخدم على منصات للتجارة الإلكترونية ومواقع مؤقتة تختفي بعد أيام قليلة من نشر مقاطع الفيديو عبر الإنترنت.

وتحظر شركة ميتا منذ سنة 2020 نشر هذا النوع من مقاطع الفيديو في منصتيها (فيسبوك وإنستغرام)، باستثناء الشرائط التي تنطوي على محتوى ساخر. إلا أنّ مقاطع فيديو “التزييف العميق لا تزال تنتشر من دون ضوابط عبر الإنترنت”.

ظهور الذكاء الاصطناعي التوليدي أتاح إنتاج المحتويات بكل أنواعها، ومنها الفيديو، بناءً على طلب بسيط باللغة اليومية

ويقول الأستاذ المتخصص في التكنولوجيا الرقمية لدى جامعة بيركلي في كاليفورنيا هاني فريد “نشهد انتشاراً متزايداً لهذا النوع من مقاطع الفيديو التي تُستخدم فيها عينة صوتية مدتها دقيقتان فقط ويُعاد من خلالها إنتاج صوت شخص ما في تسلسل تخيّلي جديد، مع تحريك الفم بالتزامن مع صدور الصوت”.

وتُعد الأسماء البارزة في المجال السمعي البصري أهدافاً سهلة لتدريب برامج الذكاء الاصطناعي على مقاطع الفيديو هذه بسبب ظهورها الدائم عبر الشاشة.

وتقول عميدة كلية الصحافة في جامعة ميسيسيبي أندريا هيكرسون إنّ مقاطع الفيديو الشائعة تمثّل اتجاهاً مقلقاً لأنّ الجمهور أنشأ علاقة من الألفة مع هذه الشخصيات العامة التي انتُحلت هويتها.

وتضيف لوكالة فرانس برس إنّ “الأمر خطر جداً لأنّ الناس لا يتوقعون أن تكون المعلومات المضللة حاضرة في مقاطع الفيديو هذه”.

ويحتل المحتوى المُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي مكانة متزايدة في عمليات الاحتيال المالي التي كلفت الأميركيين نحو 3.8 مليارات دولار في العام 2022، وفق عمليات حسابية أجرتها هيئة المنافسة الأميركية.

واستهدفت عمليات الاحتيال أشخاصاً في بلدان عدة بينها كندا وأستراليا، وكلفت بعض الأفراد عشرات بل مئات الآلاف من الدولارات.

المحتوى المُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي يحتل مكانة متزايدة في عمليات الاحتيال المالي

ويقول المحامي تشيس كارلسون في منشور عبر مدونة خلال مطلع هذه السنة إنّ “عمليات الاحتيال تصبح معقدة بصورة متزايدة، إذ يجمع المجرمون بين أساليب الاحتيال التقليدية وعمليات احتيال تستند إلى العملات المشفرة وبرامج الذكاء الاصطناعي”.

ويزداد قلق الأميركيين من استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحديداً في المواضيع السياسية.

ويتوقع أكثر من 50 في المئة منهم أن المحتوى المضلل الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي ستؤثر سلباً على الانتخابات الرئاسية للعام 2024، بحسب استطلاع نشره في سبتمبر موقع “أكسيوس” وشركة “مورنينغ كونسلت” للأبحاث الاقتصادية.

وسبق أن تحققت وكالة فرانس برس من مقاطع فيديو تم التلاعب بها يظهر فيها الرئيس الأميركي جو بايدن وهو يعلن عن تعبئة عامة، أو أخرى لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون وهي تعلن تأييدها لحاكم فلوريدا الجمهوري رون دي سانتيس في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وتوصّل استطلاع أجرته شركة “غالوب” في أكتوبر إلى أنّ ثلث الأميركيين فقط يثقون “بصورة كبيرة” أو “إلى حد ما” بوسائل الإعلام الإخبارية، في نتيجة مُشابهة لأدنى رقم سُجّلت سنة 2016.

وينطوي انتشار هذا المحتوى الذي يمكن أحياناً رصده بسهولة لرداءة نوعيته، على خطر تأجيج “أزمة ثقة” الجمهور في وسائل الإعلام والمؤسسات، على قول مديرة معهد البيانات والديمقراطية والسياسة في جامعة جورج واشنطن ريبيكا ترومبل.

وتؤكد الخبيرة التي تشدد على ضرورة توخي الحذر قبل إعادة نشر أي نوع من المحتوى عبر الإنترنت، أن “المعلومات ذات النوعية العالية تنتشر بصورة دائمة، ويمكننا مع نسبة كبيرة من الشك تحديد الحقيقي من المضلل”.

13