نتفليكس تهدي عشاق الشطرنج مناورة الملكة

شد عرض "مناورة الملكة" على منصة نتفليكس عشاق لعبة الشطرنج، فعبر مسيرة فتاة معجزة سحرت بتصميمها المبتدئين ولاعبي الخبرة على حد السواء زاد عدد الراغبين في تعلم اللعبة.
كاليفورنيا- فاجأت منصة نتفليكس العملاقة في مجال البث التدفقي عشاق لعبة الشطرنج في فصل الخريف، مع عرض السلسلة القصيرة “مناورة الملكة” (ذي كوينز غامبيت) التي تستعيد مسيرة فتاة معجزة سحرت بتصميمها المبتدئين ولاعبي الخبرة على حد سواء.
وتروي هذه السلسلة غير الواقعية المقتبسة من رواية تحمل نفس الاسم لوالتر تيفيس نُشرت عام 1983، والمؤلفة من سبع حلقات والدائرة أحداثها في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، الصعود الصاروخي لبيث هارمون، وهي يتيمة من كنتاكي الأميركية عانت الإدمان في عالم ذكوري.
ولعبت الممثلة الأميركية من أصول أرجنتينية آنيا تايلور – جوي دور هارمون التي خاضت مبارزات شطرنج أكثر جاذبية من نزالات الملاكمة. و“مناورة الملكة” عمل بتوقيع سكوت فرانك وآلان سكوت، سرق في نهاية أكتوبر الماضي الأضواء وأصبح من بين الأكثر مشاهدة على المنصة.
وجاء المسلسل بمثابة هدية لعشاق الشطرنج، ويتضح ذلك من خلال المقالات ومقاطع الفيديو المنشورة في المواقع المتخصصة، أو إشادات اللاعبين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد الأستاذ الدولي الفرنسي أنتوني فيريغ خلال مؤتمر عبر الإنترنت حول السلسلة نظمّه موقع “تعلم الشطرنج في 24 ساعة”، “هذا أفضل ما رأيته حول الشطرنج”.
وأوضح بيار بيتيكونو، أحد مؤسسي الموقع، “تأثر كثيرون لرؤية الجو بشكل جيد، هذا الرابط الجسدي بيننا وبين اللعبة”. وأشار بيتيكونو إلى تضاعف عدد زوار موقع “تعلّم الشطرنج في 24 ساعة” عشر مرات، من 600 إلى 6000 يوميا منذ عرض السلسلة.
وزادت خلال الأيام العشرة التي تلت عرض السلسلة عمليات البحث عن ألعاب الشطرنج بنسبة 273 في المئة على موقع “إي باي”، بحسب موقع “ذي إندبندنت” البريطاني.
وأشاد رئيس الاتحاد الفرنسي بشار قوتلي، المولود في دمشق والذي مثّل لبنان سابقا بالسلسلة، قائلا إنها “رائعة قريبة من الواقع” تعتمد على “ثقافة مكثفة” و”مواجهات حقيقية” مستمدة من مسابقات حقيقية.
وأضافت الأستاذة الدولية كناريك مراديان، بطلة العرب أربع مرات للسيدات أولاها عام 1999 عندما كانت بعمر السادسة عشرة، “أحببت هذه السلسلة بشكل عام، وهي ساعدت في زيادة الوعي إزاء لعبة الشطرنج، إذ أصبحت أتلقى المزيد من الاتصالات من أشخاص يريدون التعرف أكثر إلى هذه اللعبة وتعليمها لأولادهم”.
وأكدت مراديان التي أحرزت لقب بطولة لبنان المفتوحة (رجال وسيدات) عام 2005 “ذكّرتني السلسلة بنفسي انطلاقا من شغف شخصية بيث هارمون بالشطرنج، خصوصا في طفولتها، إذ كانت اهتماماتي أنا أيضا مختلفة عن الفتيات الأخريات، وشكّلت هذه اللعبة الوسيلة الوحيدة التي استطعت من خلالها التعبير عن نفسي. كنت بدوري آخذ كتاب الشطرنج معي إلى المدرسة، وأتصفحه خلال الحصة الدراسية”.
لكنها أشارت إلى أن الجزء المتعلق بالإدمان حول تناول العقاقير والكحول “لم يعجبني، إذ يعطي انطباعا سيئا عن نجوم اللعبة، وقد سُئلت مرات عدة بعد عرض السلسلة إن كانت للأمر صلة بالأداء الجيد، وهو ما نفيته تماما بعدما لاحظت أن التساؤلات زادت حول هذا الموضوع”.
واستفادت السلسلة من خبرة اللاعب الأسطوري الروسي غاري كاسباروف، بطل العالم السابق الذي لعب دورا استشاريا مع المدرب الأميركي بروس باندولفيني.
وشخصية بيث هارمون مستوحاة جزئيا من مسيرة بوبي فيشر، الأميركي المعجزة الذي أحرز لقب بطولة العالم 1972 إثر “مباراة القرن” ضد السوفياتي بوريس سباسكي، في خضم الحرب الباردة بين البلدين.
لكن بعض الأخطاء حدثت خلال توليف السلسلة كما يلاحظ أنتوني فيريغ، مشيرا مثلا إلى مباراة أقيمت على متن طائرة. ويعني عنوان السلسلة في الإنجليزية “ذي كوينز غامبيت” الحركة الافتتاحية في لعبة الشطرنج.
السلسلة مقتبسة من رواية تحمل نفس الاسم لوالتر تيفيس نُشرت عام 1983 ومؤلفة من سبع حلقات وتدور أحداثها في الخمسينات والستينات من القرن الماضي
وبحسب قوتلي، لا يتمتع الممثلون “بأناقة اللمس” الخاصة بـ”نقلات” لاعبي الشطرنج الحقيقيين، لكن هذا لا يمنع من أن السلسلة “تم تصويرها بشكل رائع”، متوقعا أن “الكثيرين بالتأكيد سيبدأون ممارسة الشطرنج بفضل هذه السلسلة”.
وفي مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، قالت الظاهرة المجرية جوديت بولغار المعتزلة عام 2014، إن خصوم بيث هارمون كانوا “لطفاء جدا معها”، مقارنة مع التعليقات المهينة التي واجهتها حتى إن البعض كان يرفض مصافحتها.
لكن “الوضع تغيّر قليلا”، بحسب جوسلين فولفانغل مديرة قسم اللاعبات في الاتحاد الفرنسي، التي تنظّم بالتوازي مع المسابقات المختلطة دورات مخصصة للنساء لتحسين أدائهن.
وتابعت “سمعت عدة مرات شبانا يقولون ‘لقد خسرت ضد فتاة، يا للعار’. كلما زاد عدد النساء، حصلن على موقع حقيقي”.