نبيل شعث: إنهاء الانقسام بين فتح وحماس قريب

القاهرة- كشف نبيل شعث، مفوض العلاقات الخارجية بحركة فتح، أن لقاء سيجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهر المقبل لحلّ القضايا الخلافية التي تعوق تنفيذ المصالحة الفلسطينية.
وقال شعث، في لقاء مع “العرب”، “إن محضر الاجتماعات التي جرت في الدوحة ينتظر لقاء أبي مازن ومشعل لحل بعض القضايا الخلافية التي تتعلق بمصير المجلس التشريعي واستمراره من عدمه أو إجراء انتخابات تشريعية فورية، ودور ومستقبل المجلس الوطني القائم حاليا، في ما تتعلق الأخيرة بالموظفين في قطاع غزة ورواتبهم وهي مشكلة تقنية يسهل تجاوزها”.
وكانت قطر قد استضافت في السابع من فبراير الجاري جولة جديدة من المباحثات بين حركتي فتح وحماس لإتمام المصالحة وإنهاء الانقسام بين الضفة وغزة منذ 9 أعوام وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على التجهيز لانتخابات عامة.
ونفى شعث بشكل قاطع ما يتردد عن أن عقد مفاوضات المصالحة الأخيرة في قطر يمثل خطوة لسحب الملف من القاهرة بمباركة فتح، قائلا “مفاوضات الدوحة تمت بتنسيق كامل معها ولم يتراجع أحد عن مبدأ أن مصر هي الدولة الرئيسية المسؤولة عن ملف الوحدة الوطنية الفلسطينية”.
وأوضح أن الاجتماعات التي تمت في قطر سبقتها تحضيرات في تركيا وأماكن أخرى تحت إطار واحد، وهو اتفاق القاهرة الموقع عام 2008، مشيرا إلى أن وفد فتح قبل وبعد الذهاب إلى الدوحة مرّ على مصر ليس فقط للتشاور، لكن لوضع كل التفاصيل على طاولة المسؤولين.
السلطة الفلسطينية لن تعود أبدا إلى صيغة المفاوضات الثنائية السابقة التي أشرفت عليها الولايات المتحدة
وأكد شعث أن القاهرة لا ترفض إطلاقا أي محاولة لتحقيق المصالحة الفلسطينية ولا يقلقها دخول الدوحة وأنقرة على الخط، كما أن جميع القوى والفصائل الفلسطينية تدرك أنه لا بديل عن القاهرة، لكن مصر لا ترحب حاليا بأي وفد من حماس على أراضيها، بالتالي كان اللقاء في قطر، لافتا إلى أن حماس تتمنى أن تتصالح مع القاهرة، لكن هناك مشاكل عديدة بشأن ضبط الحدود، يجب أن تتصدى لها حماس أولا وتزيل أسباب التوتر مع مصر.
انتهاء الانقسام قريبا
رغم فشل الجولات السابقة للمصالحة الفلسطينية التي احتضنتها صنعاء ومكة والقاهرة والدوحة في الوصول إلى اتفاق مصالحة ينهي سنوات الانقسام، غير أن شعث يرى أن إنهاء الانقسام بين الضفة وغزة قريب جدا بعد أن أيقن الجميع أنه لا حل إلا بالوحدة الوطنية، ولم يعد بإمكان حماس وفتح أن تتصورا أن هناك فائدة من إبقاء الصراع قائما.
وأشار إلى أن القضية بين الطرفين لم تعد خلافات استراتيجية أو كما كانت تعتمد صيغة “نحن مجاهدون وأنتم مفاوضون”، والجميع يدرك الآن أن نجاة فلسطين في وحدتها والتمزق يضيع قضيتنا في وجود محتل إسرائيلي مستعد للانقضاض على ما تبقى من أرضنا.
وأوضح أن حسابات حركة حماس خلال الجولات الماضية كانت مختلفة عن الآن خصوصا أن الفترة الماضية شهدت صعود الإسلام السياسي في المنطقة عقب ثورات الربيع العربي وهي تعتبر نفسها جزءا منه، بالتالي كانت لا تتعجل التفريط في مكتسباتها.
وكانت حركة فتح تسير في مفاوضات مع إسرائيل تحت تهديد دولي يشي بأن الانفتاح على حماس سيعوق الحصول على الأرض المحتلة. أما الآن بات واضحا أن إسرائيل لا ترغب في التنازل عن شبر من الأرض الفلسطينية ولم يعد بإمكان حماس أن تعتمد على أي دعم خارجي سوى إخوانها في الداخل.
مفاوضات السلام
حول عملية السلام المتوقفة منذ سنوات، لفت شعث إلى أن المعطيات الدولية والإقليمية تشير إلى أن العام الحالي لن يشهد أي تقدم في مسار مفاوضات السلام بسبب انشغال الولايات المتحدة بانتخابات الرئاسة، إضافة إلى أن التركيز العالمي منصب حاليا على حل الأزمة السورية، التي أصبحت قضية أوروبا والعالم الأولى، لذلك نركّز كل نشاطنا في العمل الخارجي على وقف الاستيطان واستهداف القدس وحصار قادة إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية.
نبيل شعث نفى بشكل قاطع ما يتردد عن أن عقد مفاوضات المصالحة الأخيرة في قطر يمثل خطوة لسحب الملف من القاهرة بمباركة فتح
وشدّد المسؤول بحركة فتح على أن السلطة الفلسطينية لن تعود أبدا إلى صيغة المفاوضات الثنائية السابقة التي أشرفت عليها الولايات المتحدة الحليف الأقوى لإسرائيل لمدة تزيد عن 22 عاما، “سرقت فيها أرضنا ومياهنا وتضاعف عدد المستوطنين في الضفة الغربية 4 مرات، ومن ثم قرارنا النهائي لا عودة إلى مفاوضات تكون بمثابة حصان طروادة للإتيان على ما تبقى من فلسطين. لكن سنعود فقط إلى مفاوضات دولية تحتكم للقانون الدولي وتعتمد حدود 67 وتوقف الاستيطان بالكامل خلال مراحل التفاوض وتضع مواعيد نهائية للوصول إلى حل، وتفرج عن جميع الأسرى وتلزم إسرائيل بأن القدس عاصمة لفلسطين، وعندما يكون العالم جاهزا لمفاوضات من هذا النوع نحن مستعدون”.
ولفت شعث إلى أن القضية الفلسطينية ليست ضحية الوضع العربي وما تشهده المنطقة من صراعات فقط، إنما كذلك التطور الهائل للتعصب اليهودي بحكومة يمنية متطرفة هي الأسوأ في تاريخ إسرئيل. ولفت إلى أن الضعف العربي الحاصل الآن ليس مسألة راجعة إلى الربيع العربي فقط ولكن إلى السياسة الأميركية والإسرائيلية والحروب المذهبية التي أشعلتها واشنطن في المنطقة.
وراهن شعث على يوم يراه ليس ببعيد سوف تستعيد فيه المنطقة العربية حيويتها وفاعليتها، وعندما يقرر العرب أنه لم يعد في الإمكان الصبر على ممارسات إسرائيل العنصرية، ويعبئوا قواهم العسكرية والشعبية سيستطيعون مواجهتها، وحتى يأتي ذلك اليوم سيظل الشعب الفلسطيني يواجه الغطرسة والقوة العسكرية الجبارة وحده وسيكثف من التحركات لحصار إسرائيل في العالم، خاصة في أوروبا.
انتفاضة قادمة
أشار نبيل شعث إلى أن الشعب الفلسطيني يسعى حاليا لزيادة تكلفة الاحتلال على إسرائيل بانتفاضة وليدة تعيشها الأراضي المحتلة، متوقعا أن تتحول إلى شعبية هائلة كما حدث عام 1987 مع تكثيف التحرك السياسي خارجيا للمزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية، وملاحقة قادة إسرائيل في الجنائية الدولية، حتى يدركوا أنها لن تعيش بأمان إلا في ظل الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967.
نبيل شعث يؤكد أن الفلسطينيين مستمرون في معركتهم لأنه ببساطة لم يعد من شيء ليتنازلوا عنه
وأشار إلى أن إسرائيل ليست بالتماسك الذي يتصوره العرب، ويكفي أن الحصار الاقتصادي المفروض عليها من منظمات المجتمع في أوروبا يكبدها المليارات من الدولارات وتعاظمه يوما بعد يوم يفزعها، لذلك تمارس ضغوطا جمة على أوروبا للسماح بدخول البضائع المنتجة في المستوطنات.
بالعودة إلى الولايات المتحدة وحظوظ القضية الفلسطينية مع المرشحين الأبرز للوصول إلى البيت الأبيض الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون، قال شعث “إننا لا نراهن على أي منهما، ومواقفهما من دعم إسرائيل والحقوق الفلسطينية واضحة للعيان من قبل أن يبدأ السباق الانتخابي”.
وتساءل ماذا فعل سابقوهما حتى نعول عليهما، مضيفا “نحن فقدنا الثقة في الولايات المتحدة لأنها فعلت كل شيء ومازالت تفعل لدعم مخالفة إسرائيل لكل الاتفاقيات الموقعة معنا، وتغض الطرف عن عنصريتها وتمنع أي ملاحقة لها، والمتتبع لسياستها في المنطقة يكتشف أنها تتراجع عن دورها المباشر لصالح إسرائيل، وهي بالنسبـة إلى الولايات المتحدة المشروع الوطني في المنطقة العربيــة والوسيلـة الأولى لخدمة مصالحها”.
واختتم نبيل شعث حواره مع “العرب” مؤكّدا أن الفلسطينيين مستمرون في معركتهم لأنه ببساطة لم يعد من شيء ليتنازلوا عنه، والشعب تعلم الدرس ولن يترك أرضه بعد اليوم ويقع في نفس الخطأ الذي ارتكبه عام 1948، وعلى إسرائيل وكل حلفائها أن يعلموا “أن الفلسطينيين مستمرون في تحركاتهم الدولية للحصول على جميع الحقوق”.