ناصر الخليفي وباريس سان جرمان.. أخيرا هوس أبطال أوروبا يتحقق

ميونخ (ألمانيا) - لم يكن تتويج باريس سان جرمان بلقب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم انتصارا للفرنسيين فحسب، بل لدولة قطر أيضا، خاصة رئيس النادي وجهاز قطر للاستثمار ناصر الخليفي الذي جعل من الفوز بهذا اللقب قضية شرف منذ 14 عاما.
ويُعتبر الخليفي، شخصية متعددة المناصب (بين شبكة بي.أن الإعلامية، الاتحاد القطري لكرة المضرب، رياضة البادل وغيرها).
قال الخليفي هذا العام لصحيفة بيلد الألمانية “لم يكن هدفي أبدا أن أكون بهذه الدرجة من النفوذ أو القوة”، مضيفا “ليست لدي أي طموحات تتعلق بالتأثير أو السلطة”.
في عام 2011، ومع استحواذ جهاز قطر للاستثمار على النادي، كان الهدف المعلن لناصر الخليفي، الرجل صاحب الشبكات والعلاقات والحاضر الدائم في النادي، هو الفوز بدوري الأبطال في غضون خمس سنوات. حينها، لم يكن النادي يشبه بأي حال نسخة 2025، وكان كل شيء لا يزال قيد البناء.
قال الخليفي في مارس الماضي لصحيفة بيلد “الخطة الخمسية (الفوز بدوري الأبطال في غضون خمس سنوات) كانت خطأ، أعترف بذلك علنا. لكننا نتعلم من أخطائنا.”
مرّ النادي بمراحل عديدة أبرزها في السنوات الأخيرة حين ضم الثلاثي الشهير الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار وكيليان مبابي، وهي مرحلة تُعد فشلا رياضيا لكن نجاحا اقتصاديا مذهلا من حيث التذاكر والمبيعات والقمصان وغيرها. أما الموسم الحالي، فقد شهد نهاية “سياسة النجوم” وبداية عصر اللعب الجماعي.
خلال هذه السنوات، لم يتوقف الخليفي عن تكرار مقولته الشهيرة في المقابلات والمداخلات الإعلامية “باريس سيفوز بالكأس ذات الأذنين الكبيرتين.” وكما هو حاله، فإن المستثمرين في الدوحة الذين لا يتدخلون في الشأن الرياضي اليومي، المُدار من مقر “فاكتوري” في باريس و”كامبوس بواسي” في إقليم إيفلين، ظلوا يعبّرون عن هوسهم بالفوز بدوري الأبطال.
وقال المدرب الإسباني لباريس سان جرمان لويس إنريكي “كان صنع التاريخ هدفنا منذ بداية الموسم الماضي. شعرت بهذا الارتباط مع اللاعبين والجماهير، كان قويا جدا، ورأيناه طوال الموسم. من الصعب جدا لعب مباراة سهلة مثل هذه، لقد تمكنا من إدارة التوتر والإثارة بأفضل طريقة. حان وقت الاحتفال.”
موسم استثنائي
بعد أن كان حكيمي عنصرا أساسيا في دفاع سان جرمان لمواسم عدة، اكتسب هذا العام بعدا آخر وأصبح لا غنى عنه في صفوفه
ترجم المدافع الدولي المغربي أشرف حكيمي موسمه الاستثنائي مع فريقه باريس سان جرمان بمساهمته الفعالة في إحراز اللقب الأول في تاريخه على حساب فريقه السابق إنتر ميلان الإيطالي، فعانق الكأس ذات الأذنين الطويلتين للمرة الثانية في مشواره الاحترافي.
تربص حكيمي الذي توج باللقب مع فريقه السابق ريال مدريد الإسباني موسم 2017 – 2018، مثل الثعلب داخل المنطقة وافتتح التسجيل لصالح سان جرمان مستغلا تمريرة من لمسة واحدة بين الجورجي خفيتشا كفاراتسخيليا، والإسباني فابيان رويس، والبرتغالي فيتينيا وديزيريه دويه، ما ترك دفاع إنتر بالكامل وحارس المرمى السويسري يان سومر في حيرة من أمرهما.
في ملعب أليانتس أرينا المشتعل في ميونخ، رفض حكيمي الاحتفال بهدفه احتراما لـ18 ألف مشجع لإنتر كانوا متواجدين على بعد أمتار قليلة، وهو الذي لعب للنيراتسوري لموسم واحد، من صيف 2020 إلى صيف 2021، قبل أن ينضم إلى باريس سان جرمان.
بعد أن كان حكيمي عنصرا أساسيا في دفاع سان جرمان لمواسم عدة، اكتسب هذا العام بعدا آخر وأصبح لا غنى عنه في صفوفه.
فاز حكيمي بجائزة مارك فيفيان فوي التي تمنح لأفضل لاعب أفريقي في الدوري الفرنسي من خلال تصويت لجنة تحكيم مكونة من 100 شخص اختارتهم إذاعة فرنسا الدولية وفرانس 24، وهو مرشح بوضوح للفوز بلقب أفضل لاعب كرة قدم في القارة السمراء هذا العام، وهو ما سيكون الأول للاعب دفاعي منذ لاعب الوسط المدافع الدولي العاجي يايا توريه (2014).
بعد خيبة آمله عقب الخروج من نصف نهائي مونديال قطر 2022 عندما ساهم أيضا في الإنجاز التاريخي لأسود الأطلس، (خسر أمام فرنسا)، ها هو اليوم يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا في سن 26 عاما. يمثل حكيمي، القائد الثاني في صفوف باريس سان جرمان مع حارس المرمى الإيطالي جانلويجي دوناروما وبريسنل كيمبيمبي، مستقبل باريس سان جرمان، والدليل على أهميته بالنسبة لمسؤولي النادي، مدد اللاعب عقده في نهاية نوفمبر لثلاثة مواسم حتى عام 2029، بعدما كان عقده سينتهي في 30 يونيو 2026.
صناع التتويج

يُدين باريس سان جرمان الفرنسي بلقبه الأول في مسابقة دوري أبطال أوروبا في كرة القدم للعديد من لاعبيه بدءا من عثمان ديمبيليه إلى حارس مرماه الدولي الإيطالي جانلويجي دوناروما.
من كان يراهن في بداية الموسم على أن ديمبيليه سينسي جماهير النادي النجم كيليان مبابي الذي رحل إلى ريال مدريد الاسباني؟ مع 33 هدفا و13 تمريرة حاسمة، أظهر الرقم 10 مهارة أمام المرمى لم تكن معروفة لديه من قبل.
المدرب الإسباني لويس إنريكي هو من وجد الصيغة السحرية لديمبيليه: تحويله من جناح أيمن إلى قلب هجوم “وهمي”، وهو مركز بين المهاجم الصريح وصانع الألعاب. تواجد الفرنسي في طليعة عملية بناء الهجمات واللمسات الأخيرة، كما ظهر في هدفه في لندن ضد أرسنال الإنجليزي في ذهاب نصف النهائي. وبخلاف مبابي، فهو يشارك، بل ويبدأ الضغط عندما يفقد الكرة.
عاد حارس المرمى الدولي الإيطالي جانلويجي دوناروما إلى قمة مستواه الذي مكّنه من الفوز بجائزة أفضل لاعب في كأس أوروبا 2021، وهي البطولة التي توج بلقبها مع منتخب بلاده. كان تعاقد باريس سان جرمان مع حارس المرمى الدولي الروسي ماتفي سافونوف سببا في الضغط على “جيجيو”. وبعد بضعة أخطاء فادحة، لاسيما ضد أرسنال في دور المجموعة الموحدة في الأول من أكتوبر الماضي، وجد حارس المرمى نفسه تحت مرمى انتقادات وسائل الإعلام… ولكن أيضا مدربه.
بتسجيله الهدفين الثاني والثالث وصناعته الهدف الأول، تألق ديزيريه دويه في المباراة النهائية، وهو في التاسعة عشرة من عمره، متوجا أداءه الرائع في النصف الثاني من الموسم، حيث تأقلم بشكل مثالي مع ناد بحجم باريس سان جرمان، ومع مدربه إنريكي الذي حصل على خدماته الصيف الماضي قادما من رين. لقد دخل عن جدارة إلى دائرة أفضل اللاعبين على الإطلاق.