نابولي الإيطالي يكتب نهاية أسطورية لرحلة معاناة لوتشيانو سباليتي

أوسيمين وكفاراتسخيليا أبرز أبطال التتويج التاريخي لنابولي.
الأحد 2023/05/07
عملاق جديد يدخل تاريخ القارة الأوروبية

كرّس نابولي تفوق الأندية الكبرى في إيطاليا على يوفنتوس بعد كسر قبضة السيدة العجوز على اللقب والتي استمرت لـ9 سنوات متتالية. وتوج نابولي بطلا للدوري الإيطالي من جديد. وبعد تتويج يوفنتوس بطلا للكالتشيو 9 سنوات متتالية، نجح الثلاثي إنتر ميلان، وميلان ونابولي في الفوز باللقب آخر 3 مواسم على الترتيب. ويعد هذا اللقب الثالث في تاريخ نابولي، والأول منذ عام 1990 خلال حقبة الأسطورة الأرجنتيني دييغو مارادونا.

روما - توج فريق نابولي بلقب الإسكوديتو قبل نهاية البطولة بـ5 جولات عقب تعادله مع أودينيزي ضمن منافسات الجولة 33 من الدوري الإيطالي. وتدين مدينة الجنوب بالفضل للوتشيانو سباليتي الذي قاد البارتينوبي للعودة إلى منصة التتويج من جديد، بعد غياب طويل دام 33 عاما منذ آخر فوز باللقب في موسم 1989 – 1990.

وعاش سباليتي لحظات معاناة كثيرة خلال مسيرته التدريبية الممتدة منذ عام 1993 مع بداية مشواره مع إمبولي. ورغم مسيرته التدريبية التي يبلغ عمرها 30 عاما، إلا أنه لم يسبق له أن توج بلقب الإسكوديتو خلال مشواره مع مختلف الأندية التي دربها، رغم توليه تدريب أندية كبيرة مثل روما وإنتر ميلان. ورغم معاناته في الفوز باللقب المرموق، إلا أن سباليتي دائما ما كان يظهر لمحات تبرز دوره الكبير في الأندية التي دربها، فنجح في إيصال إمبولي إلى الدوري الإيطالي من الدرجة الثالثة.

ومر سباليتي بمواسم متقلبة في سامبدوريا وفينيزيا لمدة موسم في كلا الفريقين، قبل أن يقود أودينيزي وينجح في إحداث تأثير جديد بعدما قاد الفريق في موسم 2004-2005 إلى احتلال المركز الرابع بالدوري الإيطالي في إنجاز استثنائي لم يتوقعه أشد المتفائلين، ويضمن له مقعدا بدوري أبطال أوروبا لأول مرة بتاريخه.

ومع رحيله وتولي مهمة تدريب روما، وجد سباليتي نفسه على رأس فريق يمر بحالة من الفوضى، بعد تعاقب العديد من المدربين على الفريق، لينجح سباليتي في إعادة النظام إلى الفريق وتغيير تكتيكاته من أجل أن تناسب أسلوب لعب أكثر هجوما. وفي موسمه هذا، وصل سباليتي بروما من المركز الـ15 إلى الخامس بعد تحقيقه لـ11 انتصارا متتاليا، ومع ذلك، فشل ذئاب العاصمة في التأهل إلى دوري الأبطال، قبل أن يصل إلى البطولة بعد فضيحة "الكالتشيو بولي"، إثر هبوط يوفنتوس وخصم نقاط من ميلان وفيورنتينا.

وحقق لوتشيانو لقب كأس إيطاليا والسوبر مع روما، وبعد رحيله إلى زينيت الروسي حقق معهم لقب الدوري الروسي، لكن الدوري الإيطالي ظل مستعصيا عليه. ويعد سباليتي صانع نهضة إنتر الحديثة، بإعادة النيراتزوري إلى الواجهة من جديد، حيث تأهل إلى دوري أبطال أوروبا بعد غياب دام 7 سنوات. ومن ثم عاد النيراتزوري إلى منصات التتويج بفوزه بمختلف البطولات المحلية (الدوري، الكأس والسوبر) مع كونتي وإنزاغي بعد ذلك.

معانقة المجد

◙ فرحة التتويج باللغب الأغلى
◙ فرحة التتويج باللغب الأغلى 

وبعد 30 عاما من بداية مسيرته المهنية كمدرب، نجح سباليتي في كسر لعنة دامت طويلا معه ليعانق المجد إثر موسم تاريخي مع فريق الجنوب. واستطاع المدرب المخضرم بتكتيكاته وقيادته البارعة لنابولي في تحقيق اللقب، ونجح في كسر كل التوقعات خصوصا بعد رحيل مجموعة من اللاعبين المخضرمين خلال الصيف الماضي، ليحقق اللقب بمجموعة نجوم واعدة.

كما حقق سباليتي حلمه الذي كشف عنه عقب توليه مهمة تدريب نابولي مباشرة، بعدما صرح قائلا "أريد أن تتذكرني مدينة نابولي أنا وفريقي"، لينجح في موسمه الثاني فقط في أن يعيد الفريق الذي غاب لـ33 عاما عن اللقب وينجح أيضا بعد 30 عاما من التدريب في الفوز بالدوري لأول مرة.

وأبدى سباليتي سعادته بحصد لقب الدوري الإيطالي. وقال في تصريحات صحفية “نكافح دائما ونعمل بجد من أجل الاستمتاع بالانتصارات، وهناك المزيد من العمل للقيام به". وأضاف “رؤية مدينة مبتسمة وسعيدة أعظم عاطفة بالنسبة إلي، كما أن مشاعر مدينة بأكملها تثقل كاهل أي مدرب، فهؤلاء الأفراد يستحقون الفرح".

◙ رئيس نابولي أوريليو دي لورينتيس احتفل بالتتويج، مؤكدا أن النادي ينقصه حاليا لقب أبطال أوروبا
◙ رئيس نابولي أوريليو دي لورينتيس احتفل بالتتويج، مؤكدا أن النادي ينقصه حاليا لقب أبطال أوروبا

وتابع سباليتي “ربما يجعلني ذلك أشعر براحة أكبر الآن، لقد تمكنا من تقديم السعادة لمدينة نابولي”. وعن رحيل لاعبين كبار في الصيف الماضي، علق “كان هدفنا الأساسي هو الحفاظ على مكان بدوري أبطال أوروبا، البعض احتج ضد الفريق ولم يعجبني ذلك”. ولفت “عندما قلت إنه يتعين علينا المنافسة على لقب الكالتشيو اشتكى الناس وشعروا أنني تجاوزت الخط، لكن ما قلته هو تحقيق أقصى استفادة من اللاعبين وبناء عقلية مختلفة".

ونوه “الفترة الحالية تشبه النصف الثاني من الموسم الماضي، بينيتيز وأنشيلوتي وساري قدموا أفضل كرة في إيطاليا، وغاتوزو فاز بكأس إيطاليا وجميعهم مروا هنا، لذلك ما الذي جئت من أجله؟ كان علينا التتويج”. وأتم باكيًا “أهدي اللقب إلى اللاعبين وجماهير نابولي وكل من دعمني داخل الفريق وطاقمي الفني وجينتولي وماتيلدا وابنتي، عائلتي كلها دفعتني إلى الأمام، وأصدقائي وأخي مارسيلو”.

مع فيكتور أوسيمين، خفيتشا كفاراتسخيليا، أندريه فرانك زامبو أنجيسا، مين – جاي كيم وجيوفاني دوي لورنتسو.. غرف نابولي من شغف لاعبيه اللاهثين وراء المجد في طريقه إلى التتويج بلقب الدوري الإيطالي. ويعيش فيكتور أوسيمين أفضل موسم في مسيرته، وذلك في سنته الثالثة مع نابولي. سريع، قوي، ولا يتوقف المهاجم النيجيري عن التطوّر تحت إشراف المدرّب سباليتي بعد موسمين عكّرتهما الإصابات.

ويُعدّ لاعب ليل الفرنسي السابق رمز هجوم نابولي. بقناعه الواقي الذي يرتديه منذ تعرضه لإصابة برأسه الموسم الماضي، أصبح رمز الموضة لدى جماهير الفريق الجنوبي، إلى جانب الأعلام والقمصان والأوشحة التقليدية.

وقال رأس الحربة البالغ 24 عاما في مارس الماضي "عندما تصل إلى نابولي تعشق كرة القدم أكثر، لأن حياة الناس بأكملها مرتكزة على هذه اللعبة. أن تساهم بشيء من ذكرياتهم مهمة كبرى بالنسبة إلي”. لكن متصدر ترتيب هدافي الكالتشيو لا يزال يأمل في اللعب بالدوري الإنجليزي، "حلم" الطفل القادم من لاغوس الذي عرف مسيرة متقلبة في ألمانيا، بلجيكا وفرنسا قبل بلوغ المجد في “سيري أ".

وشدد فيكتور أوسيمين مهاجم نابولي، على أنه لن ينسى أبدا التتويج. وقال “التتويج أمر رائع، نابولي انتظر سنوات طويلة من أجل هذه اللحظة، لن ننسى الأمر الذي سيظل في قلوبنا للأبد". وأضاف "سعيد بالفريق والمشجعين، الآن يمكننا الاحتفال في ملعبنا والاستمتاع باللقب مدى الحياة، نابولي انتظر 33 عاما".

وتابع “لا أحد يستحق الإسكوديتو أكثر من نابولي وجماهيره، كنا المستضعفين في بداية الموسم ولم يؤمن بنا الكثيرون”. ونوه “لدينا مدرب رائع وطاقم عمل كبير خلفنا، نؤمن من بداية الموسم بقدرة الفريق على التتويج، والآن حققنا الحلم، وسنواصل الإيمان بأنفسنا".

نجوم التتويج

◙ اسم ستخلده الذاكرة
◙ اسم ستخلده الذاكرة

ولفت "عندما قاتلنا حتى النهاية وفزنا في روما، بدأ الشعور يتزايد بأن اللقب في المتناول، أدركنا وقتها بأننا نمتلك الجودة المطلوبة للتتويج”. وأردف أوسيمين “لم نتراجع منذ الصعود إلى المركز الأول، هذا يدل على عقلية رائعة، الآن علينا أن نستمتع به”. وأتم “ممتن لنابولي والمدرب لوتشيانو سباليتي، لأنه قدمني للعالم بشكل أفضل مع تطور مستواي”.

وكان كفاراتسخيليا المراوغ مغمورا الصيف الماضي، لكن الجورجي سحر الجميع ووحّد الجماهير حول قدراته بالمراوغة وطاقته اللامتناهية في الهجوم، الضغط والعودة إلى الدفاع. هذا الجناح الذي يشبه ثعبان بحر يصعب اصطياده، أنسى تيفوزي النادي النجم لورنتسو إنسينيي المنتقل إلى كندا، حتى أنهم لم يستغرقوا الكثير من الوقت لتعلم نطق اسمه الصعب.

وإذا كان نجما في بلده، صنع الجورجي اسما له في أوروبا الغربية، ويدرك نابولي تماما ما ينتظره للحفاظ على خدماته طويلاً، رغم العقد الذي يربطه معه حتى 2027. وقال أوسيمين عنه "هو شاب رائع ولاعب رائع. لديه مسار طويل أمامه.. هو من اللاعبين القادرين على إحراز الكرة الذهبية". كذلك في وسط الملعب، أصبح أنجيسا رمز نابولي هذا الموسم على الصعيدين البدني والتقني. وفرض الكاميروني غالبا إيقاعه في الوسط، إلى جانب السلوفاكي قصير القامة ستانيسلاف لوبوتكا والبولندي بيوتر جيلينكسي.

◙ سباليتي حقق حلمه الذي كشف عنه عقب توليه مهمة تدريب نابولي مباشرة بعدما صرح قائلا "أريد أن تتذكرني مدينة نابولي أنا وفريقي"

ويعدّ لاعب مرسيليا الفرنسي، وفولهام الإنجليزي وفياريال الإسباني السابق قطعة ضرورية في خطط المدرب سباليتي، من خلال استرجاع الكرات والانطلاقات السريعة نحو المقدمة مساهماً في هجمات “بارتينوبي”. وكشف ابن الـ27 لشبكة "بي إن سبورتس" في فبراير الماضي "بعد فولهام، أردت اختبار لذة اللعب. والعيش في نابولي هو تجربة رائعة، بداية الحلم".

ووجد مين - جاي كيم صعوبة أيضا في اكتشاف نابولي الموسم الماضي وأن ينسي الجماهير السنغالي خاليدو كوليبالي، الجبل الآخر في الفريق الأزرق المنتقل إلى تشيلسي بعد 8 سنوات بجانب بركان فيزوفيو. وحمل ابن الـ26 عاما القادم من الدوريين الصيني والتركي الشعلة بنجاح بميزات قريبة من كوليبالي: رقابة صارمة، ألعاب هوائية لافتة وقدرة على التقدّم السريع نحو الأمام.

كما احتفظ بلقب "الوحش" الذي كسبه من بداياته الاحترافية في كوريا الجنوبية حيث توّج مرتين مع تشونبوك موتورز في 2017 و2018 و"استمتع كثيرا في أرض الملعب”. وبفضل كيم وزملائه، تربع نابولي حتى الآن على قائمة الأندية الأقل تلقياً للأهداف في الدوري، ما يؤكد أن التتويج بلقب الدوري لا ينحصر فقط بامتلاك هجوم قوي.

وبالصعود والنزول باستمرار على الممر الأيمن لمدة 90 دقيقة، كان جيوفاني دي لورنتسو “المصعد” الأكثر انتظاما هذا الموسم في الدوري. ولم يغب قائد نابولي عن أي مباراة في الدوري أو دوري الأبطال وساهم كثيرا بحركة الفريق، من خلال قدرته على طلب الكرة على الجهة اليمنى، دعماً للجناحين المكسيكي إيرفينغ لوسانو وماتيو بوليتانو.

دوري أوروبا

◙ عودة الحياة
◙ عودة الحياة

وساهم جيوفاني دي لورنتسو الذي لا يتعب، أيضاً بكراته الرأسية خلال الركلات الثابتة. وشرح اللاعب الذي يعشقه المدرب سباليتي “لعب المدرب دوراً هاماً في تطويري وحمّلني المسؤولية بمنحي شارة القائد. يتعيّن علي تقديم أفضل ما لدي في كل مباراة".

احتفل رئيس نابولي أوريليو دي لورينتيس بحسم فريقه لقب الدوري الإيطالي بعد التعادل أمام أودينيزي، مؤكدا أن النادي ينقصه حاليا لقب دوري أبطال أوروبا. وكشف دي لورينتيس عن نيته للمرحلة المقبلة أمام أكثر من 50 ألف شخص أمام ملعب مارادونا، لمشاهدة المباراة الحاسمة التي خاضها نابولي خارج قواعده. وقال دي لورينتيس "اليوم تكليل لفترة انتظار دامت 33 عاما.. عندما وصلت قلت إننا سنكون في أوروبا بعد 10 سنوات، وتم الوفاء بالوعد قبل ذلك".

◙ فيكتور أوسيمين المهاجم النيجيري السريع والقوي يعيش أفضل موسم في مسيرته وذلك في سنته الثالثة مع نابولي

وتابع “ثم قلت نحتاج 10 سنوات لاستعادة لقب الكالتشيو، وفزنا بها بشكل أسرع من ذلك.. الآن علينا أن نفوز بها مرة أخرى، وينقصنا دوري الأبطال". وأضاف "لقد تحمل هذا الفريق المسؤولية، كنا بحاجة إلى دفعة إلى الأمام، والآن فزنا ونحن نعلم أننا قمنا بالإعداد لهذا الإنجاز على مدار سنوات".

وفرض نابولي سيطرته على الدوري الإيطالي هذا الموسم، مما سهل مهمته في انتزاع اللقب الغائب عنه منذ عام 1990. وسلطت شبكة "سكواكا" للإحصائيات الضوء على هيمنة فريق المدرب الإيطالي سباليتي على الكالتشيو هذا الموسم.

وأشارت إلى تفوق نابولي بمختلف الأصعدة، وليس على مستوى النقاط فقط، إذ يعد الأكثر تسجيلا للأهداف، وكذلك الأقل استقبالا. وأحرز نابولي 69 هدفا هذا الموسم، أكثر من أي فريق آخر بالدوري الإيطالي، فيما اهتزت شباكه 23 مرة فقط. كما أظهر نابولي سطوته أيضا على أرض الملعب، بقدرته على إكمال 17312 تمريرة ناجحة، أكثر من أي فريق آخر.

 

16