مونديال الأندية يفتح حقبة جديدة لكرة القدم

اللعبة الشعبية تواصل النمو في الولايات المتحدة.
الأحد 2025/06/15
مرحبا بالعالم

سيعيش محبو الساحرة المستديرة على وقع انطلاق بطولة كأس العالم للأندية لكرة القدم في الولايات المتحدة. وتشارك في المونديال نخبة من النجوم، يأتي في مقدمتهم الساحر الأرجنتيني ليونيل ميسي، وكذلك أعظم الفرق في العالم مثل ريال مدريد الإسباني. وتعتبر هذه النسخة من المونديال بمثابة خطوة كبيرة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لفرض هيمنته على عالم كرة القدم للأندية.

واشنطن - قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) السويسري – الإيطالي جاني إنفانتينو إن “مونديال الأندية يفتح حقبة جديدة لكرة القدم،” في إشارة إلى البطولة الجديدة التي تضم 32 فريقا وتنطلق السبت في ميامي.

وأضاف “يشبه الأمر إلى حد ما عندما انطلقت النسخة الأولى لنهائيات كأس العالم الأولى (للمنتخبات) في عام 1930. واليوم يتحدث الجميع عن هذه البطولة الجديدة، وهذا هو سبب كونها تاريخية.” قبل 95 عاما بدأت المغامرة الكبرى لكأس العالم للمنتخبات في الأوروغواي (1930)، وأشار إنفانتينو إلى أنها شهدت مشاركة منتخبات أوروبا وأميركا الجنوبية فقط، مؤكدا أن مونديال الأندية سيتيح للفرق من خارج المعقل التقليدي للعبة فرصة المشاركة على الساحة العالمية.

وتابع “الهدف الحقيقي هو عولمة كرة القدم، وجعلها عالمية بحق. فعندما نغوص في أعماقها، نقول إنها الرياضة الأولى في العالم، وهي كذلك، لكن النخبة تتركز في عدد قليل جدا من الأندية وفي عدد قليل جدا من الدول.” وأوضح المسؤول السويسري الذي كان أمينا عاما للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) قبل توليه رئاسة فيفا عام 2016، أن مونديال الأندية سيتيح أيضا أمام لاعبين من أكثر من 80 دولة فرصة للمشاركة.

وأضاف إنفانتينو الذي أشار إلى عدد من اللاعبين العظماء السابقين الذين لم يشاركوا في كأس العالم “الدول التي لم تُتح لها فرصة المشاركة في كأس العالم أصبحت فجأة جزءا منها، ويشعر مشجعو هؤلاء اللاعبين وهذه الأندية بأنهم جزء منها.” وقال “صديقي العزيز (الليبيري) جورج وياه… أسطورة…، لاعب عظيم، حائز على الكرة الذهبية، وهو اللاعب الأفريقي الوحيد الذي فاز بها. لم يشارك في كأس العالم قط. كان سيشارك في كأس العالم للأندية، ويفخر بها ليس فقط ناديه، بل وبلاده أيضا.”

الضغط الشديد

◙ خطوة عملاقة
◙ خطوة عملاقة

حرص رئيس الهيئة الكروية العالمية على الدفاع عن هذا المشروع، على الرغم من الانتقادات التي وجهت إليه، خاصة ما تعلق منها بالضغط الشديد على الروزنامة في نهاية موسم صعب للعديد من اللاعبين الذين يلعبون في أوروبا. وتهدد المباريات المتراكمة خلال مونديال الأندية، الذي يستمر حتى 13 يوليو القادم موعد المباراة النهائية، بالضغط على نجوم المستديرة على غرار الفرنسيين كيليان مبابي وعثمان ديمبيليه، والإنجليزي هاري كاين والنرويجي إرلينغ هالاند.

وأكد إنفانتينو بتفاؤل حازم “أنا على يقين من أنه حالما تبدأ الكرة بالدوران، سيدرك العالم أجمع ما يحدث هنا. سيكون حدثا مميزا.” لكنه أبدى انزعاجه من الانتقادات الموجهة لإستراتيجية بيع التذاكر التي تعتمد على مبدأ التسعير الديناميكي الشائع في الولايات المتحدة والذي يزيد أو يخفض الأسعار حسب الطلب.

◙ جياني إنفانتينو رئيس فيفا قال قبل ثلاث سنوات إنه يتوقع أن تصبح كرة القدم الرياضة الأولى في المنطقة

وقال “ننتقد فيفا إذا كانت الأسعار مرتفعة جدا، وإذا كانت الأسعار منخفضة جدا، وإذا قدمنا عروضا ترويجية للطلاب… عندما كنت طالبا ولم يكن لدي أي مال، كنت أتمنى أن يأتي إلي فيفا ويقول: هل تريد الحضور لمشاهدة مباراة في كأس العالم؟” وأضاف “لا نريد ملاعب فارغة. أنا متأكد من أنها ستكون ممتلئة.” وفي معرض دفاعه عن مشروعه أوضح إنفانتينو أن منح حقوق البث التلفزيوني لمونديال الأندية لمنصة “دازون” للبث التدفقي، مقابل شيك بقيمة مليار دولار، جعله بالفعل ناجحا ماليا.

وبخصوص نجاح البطولة نفسها، قال رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “في ما يتعلق بالشمولية والاقتصاد واهتمام الجماهير، سنناقش جميع هذه المعايير في نهاية كأس العالم للأندية، ولكنني الآن أشعر بالتفاؤل عندما أنظر إلى عدد التذاكر المباعة، وحقوق البث التلفزيوني،” مشيرا إلى أن المباريات متاحة مجانا على منصة “دازون”. وتساءل “أخبرني عن بطولة واحدة من أهم البطولات اليوم، حيث يمكنك مشاهدة كرة القدم مجانا؟”

وأخيرا، عندما سُئل عن الاحتجاجات محدودة النطاق التي تتزايد في الولايات المتحدة ضد سياسة الهجرة الصارمة التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب والتي أدت خاصة إلى نشر قوات عسكرية في لوس أنجلس، لم يُبدِ إنفانتينو أي قلق بشأن الوضع. وقال “السلامة هي أولويتنا القصوى دائما. لذلك، عندما يحدث أمر ما، كما هو الحال في لوس أنجلس، نراقب الوضع عن كثب، ونتواصل باستمرار مع السلطات، ونسعى جاهدين إلى ضمان حضور الجماهير للمباريات بكل أمان.”

شعبية كبيرة

◙ أمل يتحقق
◙ أمل يتحقق

قبل عام واحد على انطلاق كأس العالم 2026، تأمل المدن الأميركية المستضيفة للبطولة وعشاق اللعبة أن يزيد هذا الحدث الذي يُقام كل أربع سنوات من شعبية الساحرة المستديرة بين الأميركيين الذين يمارسون تقليديا رياضات أخرى. وقال جياني إنفانتينو قبل ثلاث سنوات إنه يتوقع أن تصبح كرة القدم الرياضة الأولى في المنطقة عندما تقام أكبر نسخة من البطولة في أميركا الشمالية عام 2026 إذ تستضيفها المكسيك وكندا بالاشتراك مع الولايات المتحدة.

وفي حين أن هذه الرياضة لا يزال أمامها طريق طويل لتخفيف قبضة رياضات شهيرة أخرى للرجال في الولايات المتحدة، فإن كأس العالم ستقام هذه المرة بعدما قطعت البلاد شوطا كبيرا في كرة القدم منذ استضافتها كأس العالم لكرة القدم عام 1994. وكانت كرة القدم الاحترافية غير موجودة نسبيا في الولايات المتحدة في تلك الفترة إذ كان دوري كرة القدم للمحترفين في موسمه الثاني فقط بعد تأسيسه.

◙ المنظمون يأملون في بناء إرث جديد لهذه الرياضة في عام 2026، رغم معاناة المنتخب الوطني تحت قيادة ماوريسيو بوكيتينو

وبينما احتشد 94194 مشجعا في مدرجات ملعب روز بول لحضور المباراة النهائية التي انتهت بالتعادل السلبي قبل أن تفوز البرازيل في النهاية على إيطاليا 3 – 2 بركلات الترجيح، استغرقت الرياضة وقتا لتستحوذ على اهتمام الأميركيين في تلك المرحلة. وقال إيدي بوب الذي لعب في الدوري الأميركي للمحترفين منذ موسمه الأول بدءا من فريق دي.سي. يونايتد قبل أن ينتقل إلى أندية أخرى “لم يكن أحد يعتقد أن هذه الرياضة ستكون بالمستوى الذي هي عليه الآن.”

وأضاف “(في) أيامي في ريال سولت ليك كانت غرفة تبديل الملابس الخاصة بنا في مركز تجاري. ولم نكن نعرف أين سنتدرب في بعض الأيام.” ويساعد المدافع المعتزل الآن على تطوير الجيل الجديد كمدير رياضي في نادي كارولاينا كور إف.سي، وهو فريق محترف في الدوري الأميركي يأمل أن يكون مركز التدريب الجديد التابع له ضمن معسكرات المنتخبات في كأس العالم.

وقال بوب لرويترز “بات اللاعبون أفضل حالا وهو ما ينطبق أيضا على المدربين والحكام. كل شيء صار أفضل. استغرق الأمر بعض الوقت لكن يمكنني القول إننا تحركنا بسرعة البرق.” ومع وجود 11 من أصل 16 مدينة مستضيفة لكأس العالم في الولايات المتحدة، يأمل المنظمون في بناء إرث جديد لهذه الرياضة في عام 2026، حتى مع معاناة المنتخب الوطني للرجال تحت قيادة المدرب الجديد ماوريسيو بوكيتينو.

وستصبح أتلانتا، التي تم استبعادها من القائمة في عام 1994 أثناء استعدادها لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في 1996، عاصمة كرة القدم غير الرسمية للبلاد عندما يفتتح الاتحاد الأميركي أول مركز وطني للتدريب على الإطلاق هناك في أبريل. ومع وجود ثماني مباريات مقررة في المدينة المحورية الجنوبية، بما في ذلك مباراة واحدة في نصف النهائي، تتوقع أتلانتا ما يقرب من 500 مليون دولار من العائدات الاقتصادية. وقال تيم زولاوسكي رئيس شركة إيه.بي.إم للرياضة والترفيه التابعة لمالك أتلانتا فالكونز آرثر بلانك “يتطور دوري المحترفين للرجال. تقام مباريات دولية كثيرة في الولايات المتحدة.” وأضاف “في نهاية المطاف نرغب في أن يشاهد الأطفال الكثير من اللاعبين الذين يتطلعون إلى السير على خطاهم.”

فيفا يلتزم الصمت

◙ مستقبل مشرق
◙ مستقبل مشرق

لم يكن هناك أي إعلان في ما يتعلق بالبيع العام للتذاكر، أو أسعار معظم المقاعد، أو موقع إجراء القرعة، أو الترتيبات الأمنية، حيث تجنب الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى حد كبير الكشف عن تفاصيل الحدث المقررة إقامته في 16 ملعبا في أميركا والمكسيك وكندا. وهناك عدم يقين بشأن ما إذا كان سيتم الترحيب بجماهير بعض الدول -حيث يوجد 11 ملعبا في أميركا، وستقام عليها جميع المباريات بداية من دور الثمانية.

الأمن يمثل مصدر قلق أيضا. ففي آخر بطولة كبرى لكرة القدم أقيمت في أميركا، وهي نهائي كوبا أميركا 2024 في ميامي جاردنز بولاية فلوريدا، بدأ اللقاء بعد تأخير دام 82 دقيقة، وذلك بعد أن اخترق بعض المشجعين بوابات الأمن. واستثنى حظر السفر الذي فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على مواطني 12 دولة، الرياضيين والمدربين والأجهزة الفنية وأقاربهم، دون أن يذكر شيئا عن الجماهير. وقد أدلى نائب الرئيس جي دي فانس في 6 مايو بتصريح يمكن تفسيره على أنه تحذير.

وقال “بالطبع نرحب بالجميع ورؤية هذا الحدث المذهل. أعلم أننا سنستقبل زوارا من قرابة 100 دولة. نريدهم أن يأتوا، نريدهم أن يحتفلوا، نريدهم أن يشاهدوا المباريات.” وأضاف في إشارة إلى وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، التي كان يتحدث بجانبها، “لكن عندما ينتهي الوقت، ستتعين عليهم العودة إلى بلدانهم. وإلا فسيتعين عليهم التحدث مع الوزيرة نويم.”

◙ الملاعب الـ11 في الولايات المتحدة جميعها هي ملاعب تابعة لدوري كرة القدم وتتميز بوجود أجنحة فاخرة ومقاعد مخصصة لكبار الشخصيات

كانت استضافة مونديال 1994 شرارة انطلاق منافسات الدوري الأميركي بمشاركة عشرة فرق في عام 1996. كما تم تخصيص 50 مليون دولار من أرباح البطولة لتأسيس مؤسسة كرة القدم الأميركية، التي أوكلت إليها مهمة تطوير اللعبة. واليوم يضم الدوري الأميركي 30 فريقا، ويقام في 22 ملعبا مخصصا لكرة القدم، كما يمتلك أكاديميات للأندية تهدف إلى تنمية اللعبة وتطوير المواهب.

وستشهد بطولة العام المقبل 104 مباريات، مقارنة بـ64 مباراة فقط من نسخ 1998 حتى 2022، كما أن الملاعب الـ11 في الولايات المتحدة جميعها هي ملاعب تابعة لدوري كرة القدم الأميركية وتتميز بوجود أجنحة فاخرة ومقاعد مخصصة لكبار الشخصيات. وستكون أيضا أول بطولة كأس عالم تنظمها فيفا دون لجنة تنظيم محلية.

وقال جيه تي باتسون الرئيس التنفيذي للاتحاد الأميركي لكرة القدم “مبادرة الإرث لعام 2026 تتمحور حول كيفية ضمان وجود كرة القدم في كل مكان في هذا البلد. كيف نضمن أن يتمكن كل أميركي من المشي، أو ركوب الدراجة، أو استخدام وسائل النقل العامة للوصول إلى مكان آمن لممارسة كرة القدم؟ كيف نجعل كرة القدم متاحة في كل مدرسة في أميركا لطلابها؟ وكيف نصل إلى مرحلة يرى فيها كل أميركي نفسه في هذه اللعبة فعلا؟”

وتزايد الاهتمام بكرة القدم بشكل كبير في أميركا، حيث بلغ متوسط عدد مشاهدي مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز على شبكات “إن بي سي” في الموسم الماضي نحو 510 ألف مشاهد لكل نافذة بث، كما تجاوز عدد مشاهدي نهائي دوري أبطال أوروبا على شبكة “سي بي أس” حاجز المليونين خلال السنوات الخمس الماضية. ومع ذلك قامت شبكة “سي بي أس” ببث 26 مباراة فقط من أصل 189 مباراة في دوري الأبطال لموسم 2024 – 2025 على التلفزيون، بينما تم بث الباقي عبر الإنترنت.

وجذب الدوري الأميركي لكرة القدم 12.2 مليون مشجع في العام الماضي، ليأتي في المرتبة الثانية بعد الدوري الإنجليزي الممتاز الذي جذب 14.7 مليون مشجع خلال موسم 2023 – 2024 لفرقه العشرين. ومع ذلك اختفى الدوري الأميركي إلى حد كبير من شاشات التلفزيون التقليدي منذ بداية عقده الممتد لعشر سنوات مع منصة أبل في عام 2023. وقال سام سيترون المتحدث باسم أبل إن الشركة لا تنشر أرقام المشاهدات.

16