موقف عرب 48 من حرب غزة: دعم لإسرائيل أم رفض لحماس؟

66 في المئة من عرب 48 يؤيدون حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
الأحد 2023/11/12
مزاج عرب 48 ينتقل من الغضب على إسرائيل إلى دعمها

تغيير واضح في المزاج لدى عرب 48؛ فبعد أن كانوا يبادرون بالاحتجاج إثر كل هجوم إسرائيلي على غزة، تغيروا هذه المرة وأصبحوا أقرب إلى دعم الجيش الإسرائيلي وأبعد عن دعم حماس بسبب احتجاز الرهائن من المدنيين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.

القدس- أيدت المحكمة العليا قرار الشرطة بحظر المظاهرات في بلدتين عربيتين احتجاجا على أنشطة جيش الدفاع الإسرائيلي في قطاع غزة.

وقالت المحكمة إنها “قبلت موقف الشرطة، الذي بموجبه ستضطر إلى تخصيص عدد كبير من العناصر للمظاهرتين اللتين كان من المقرر تنظيمهما في مناطق معرضة لخطر الصواريخ من لبنان، على حساب مهام الطوارئ الأخرى”، مضيفة أنه “نظرًا إلى العبء الثقيل الذي تتحمله الشرطة منذ نحو شهر، فإنه من غير الممكن في هذا الوقت تخصيص القوة البشرية المطلوبة لضمان الحفاظ على النظام العام”.

محمد بركة: نرفض سياسة ونهج كم الأفواه الذي تنفذه الشرطة التي باتت شرطة "كهانا" وشرطة "عوتسما يهوديت'"
محمد بركة: نرفض سياسة ونهج كم الأفواه الذي تنفذه الشرطة التي باتت شرطة "كهانا" وشرطة "عوتسما يهوديت'"

وكان مركز “عدالة” الحقوقي و”الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” طالبا بتنظيم مسيرة ومظاهرة ضد الحرب على غزة في مدينتي أم الفحم وسخنين، لكن المحكمة العليا قبلت ادعاء الشرطة الذي يقضي بأن “المظاهرات ضد الحرب يمكن أن تؤدي إلى اشتعال شامل للأوضاع”.

يأتي ذلك في ظل حالة يتغلب عليها الهدوء بين عرب 48 عكس المواقف التي أبدوها من الصراعات الدموية السابقة بين الجيش الإسرائيلي وحركات المقاومة في قطاع غزة، فيما تشير تقارير إسرائيل إلى أن أحد أسباب هدوء الشارع العربي داخل إسرائيل هو ارتفاع عدد القتلى من المدنيين الإسرائيليين، لكنه ليس السبب الوحيد، وتضيف أنه “منذ النظام العسكري لم يشعر العرب في إسرائيل بالخوف إلى هذا الحد”.

وكان هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي مفاجئا للجميع، وصادما لسكان إسرائيل بمن فيهم العرب الذين أدركوا أن رد فعل تل أبيب سيكون قويا، ومن هذا المنطلق دعا منصور عباس، القيادي الإسلامي ورئيس القائمة العربية الموحدة في الكنيست، الفصائل الفلسطينية إلى الإفراج الفوري عن الرهائن خاصة الأطفال والنساء وكبار السن كخطوة إنسانية هامّة، كما دعا القادة والإعلام العبري إلى عدم المساهمة في التحريض على المواطنين العرب، وطالب المواطنين العرب بالاستمرار في التحلي بالمسؤولية.

ويشير مراقبون إلى أن موقف عرب 48 حمل معه الكثير من الحذر من ردود فعل السلطات العبرية، وخاصة خلال الأيام الأولى التي تلت هجوم حماس. وكشف استطلاع للرأي أجراه الباحث نمرود نير من معهد أغام والجامعة العبرية، بالتعاون مع باحثين من جامعات أخرى، أن 80 في المئة من الإسرائيليين العرب عبروا عن معارضتهم للهجوم.

وجاء في الاستطلاع أن 66 في المئة من عرب إسرائيل يؤيدون حق الدولة في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حماس، و85 في المئة من المستطلعين يعارضون اختطاف مدنيين. أما بين العرب المسلمين فإن أكثر من 50 في المئة يوافقون على موقف عضو الكنيست منصور عباس الذي قال إن أسلوب هجوم حماس على إسرائيل يتعارض مع قيم الإسلام.

◙ منصور عباس يعتبر أن هجوم حماس على إسرائيل يتعارض مع قيم الإسلام ويدعوها إلى إطلاق الرهائن من أطفال ونساء وكبار سن
منصور عباس يعتبر أن هجوم حماس على إسرائيل يتعارض مع قيم الإسلام ويدعوها إلى إطلاق الرهائن من أطفال ونساء وكبار سن

واستنتج المحللون من هذه النتائج أن هناك نقطة تحول في مواقف الجمهور العربي، الذي أعرب في جولات القتال السابقة عن دعمه وتضامنه مع فلسطينيي الضفة والقطاع، وهو الآن يعارض هجوم حماس.

وفي 9 أكتوبر الماضي، أي بعد يومين من هجوم حماس، نشر نصير ياسين، المدون الإسرائيلي العربي، تدوينة على فيسبوك قال فيها “منذ فترة طويلة وأنا أكافح من أجل هويتي – فلسطيني ولد داخل إسرائيل، قررت أن أمزج بين الاثنين وأسمي نفسي فلسطيني إسرائيلي، اعتقدت أن هذه العبارة تعكس هويتي، أولا فلسطيني، ثم إسرائيلي”.

وأضاف “ولكن بعد الأحداث الأخيرة بدأت أفكر وأدركت أنهم إذا قاموا بغزو إسرائيل بهذه الطريقة مرة أخرى، فسنكون جميعا في خطر. من المهم بالنسبة إلي أن أوضح أنني لا أريد أن أعيش تحت الحكم الفلسطيني. وهذا يعني أنه على الرغم من أنني لست يهوديا، ليس لدي سوى منزل واحد: إسرائيل”.

قد يكون هذا الموقف صادما للكثيرين، ولكنه وجد من يدافع عنه بقوة.

وخلال النقاش في لجنة الاقتصاد بالكنيست، بخصوص مساعدة الشركات والعاملين لحسابهم الخاص ممن تضرروا بسبب الحرب، قال وزير الصناعة والاقتصاد نير بركات “إذا ثار ضدنا 1 في المئة فقط من السكان العرب، فإن ذلك يعني 20 ألف شخص، وسوف يصلون إلى كل مكان في البلاد”، في إشارة إلى أن ذلك قد يؤدي إلى حالة انفلات تصبح أكثر خطرا في حالة تطور الصراع على الجبهتين الجنوبية والشمالية مع فوضى داخلية لاسيما بعد تسليح عشرات الآلاف من المستوطنين.

ولمواجهة أي انفلات من هذا النوع تعمل الحكومة الإسرائيلية على تشريع جملة من القوانين المتشددة بهدف التضييق على عرب 48. في 25 أكتوبر الماضي وافق الكنيست الإسرائيلي في القراءة الأولى على تعديل قانون “مكافحة الإرهاب” لعام 2016. التعديل ينص على تجريم “استهلاك (الاطّلاع على) مواد إرهابية”، ليواجه من “يستهلك” هذه المواد عقوبة قد تصل إلى عام واحد من السجن.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن رولا داود، المديرة المشاركة لحركة “نقف معا”، قولها “للمرة الأولى نجد أنفسنا في وضع وقعت فيه إسرائيل ضحية وتكبدت خسائر فادحة”.

وأضافت “الوضع حساس للغاية، وهذا هو سبب صمت الشارع العربي”، مردفة أن الاعتقالات الواسعة والعقوبات القاسية التي فرضت على الشباب العرب الذين شاركوا في أحداث مايو 2021 شكلت سابقة رادعة، تُضاف إلى ذلك مشاريع القوانين التي طرحت في العامين الماضيين والتي كان هدفها المساس بحرية التعبير، مثل “قانون العلم” الذي هدف إلى منع رفع العلم الفلسطيني في العامين الماضيين.

وعقدت لجنة المراقبة العليا لعرب إسرائيل عددا من الاجتماعات على أكثر من صعيد، وقال رئيسها محمد بركة في المؤتمر الصحفي الذي عقد في الناصرة، بمشاركة شخصيات يهودية، “إننا نرفض سياسة ونهج كم الأفواه الذي تنفذه الشرطة التي باتت شرطة ‘كهانا’ وشرطة ‘عوتسما يهوديت'”، وشدد على رفض المس بالأبرياء أيا كانوا، مؤكدا على ضرورة وقف الحرب على الشعب الفلسطيني، والمجازر التي ترتكب.

وقال رئيس الكنيست الأسبق أبراهام بورغ إنه يرفض تكميم الأفواه وسياسة التمييز ونظام الفصل العنصري، وعبّر عن استعداده لاستقبال اللقاء الذي حظرته الشرطة في حيفا، ليعقد في بيته.

موقف عرب 48 حمل معه الكثير من الحذر من ردود فعل السلطات العبرية، وخاصة خلال الأيام الأولى التي تلت هجوم حماس

وجاء المؤتمر الصحفي في أعقاب تهديد الشرطة للقاعة التي كانت ستحتضنه في حيفا، حيث كان من المفترض أن يكون اللقاء عربيا – يهوديا، ثم تبين أن الشرطة هددت أيضا قاعة أخرى في شمال البلاد، وقال بركة “إن حكومة إسرائيل تعلن بصريح العبارة أنها تشن حربها على أربع جبهات: قطاع غزة، والضفة الغربية، والشمال، والجبهة الرابعة على جماهيرنا الفلسطينية في الداخل”.

ومنذ اندلاع الحرب في غزة تم اعتقال أكثر من 110 عرب إسرائيليين بتهم تتعلق بالتعبير، بحسب مركز “عدالة” القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل الذي كشف أنه تم تقديم 100 شكوى ضد الطلاب العرب الإسرائيليين، وتم استدعاء 74 منهم لجلسات تأديبية، وتم طرد ثلاثة طلاب.

وتواجه الممثلة العربية ميساء عبدالهادي (37 عاما) التي تعيش في مدينة الناصرة بشمال البلاد اتهامات من بينها “الحضّ على الإرهاب” بسبب منشورات لها عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي أعربت فيها عن تضامنها مع قطاع غزة.

كذلك الأمر بالنسبة إلى المطربة دلال أبوآمنة، وهي طبيبة وباحثة في علم الأعصاب في مدينة حيفا. ولديها مليون متابع على إنستغرام، وقضت محكمة الصلح في مدينة الناصرة بإطلاق سراحها من السجن وفرضت عليها الإقامة الجبرية.

6