مهمة الإصلاح السياسي ليست سهلة في الأردن

عزوف الشباب عن المشاركة السياسية وضعف الأحزاب ملفات أكبر من عمل لجنة الإصلاح السياسي في الأردن.
السبت 2021/07/17
أي صوت للشباب في المستقبل

أعادت تصريحات رئيس لجنة الإصلاح السياسي في الأردن بشأن ضرورة مشاركة الشباب في الحياة البرلمانية التساؤلات حول القضايا الأساسية الأخرى التي تحتاج إلى معاجلة سريعة بشأن طبيعة النظام البرلماني المقبل، بالإضافة إلى تفاقم أزمات الاقتصاد المتدهور.

عمان- ينتظر الأردنيون انتهاء لجنة ملكية مشكّلة لإحداث تغيير حقيقي في المنظومة السياسية القائمة في بلدهم، لكن عقبات كثيرة تعترض طريقها، بداية من غياب تمثيل الشباب ومرورا بالاقتصاد المتأزم بالإضافة إلى وجود أحزاب ضعيفة خسرت مقاعدها في الانتخابات الأخيرة.

ولا تبدو مهمة الإصلاح السياسي سهلة في الأردن الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة جراء تداعيات الإغلاق لمواجهة انتشار وباء كورونا. كما أن المملكة خرجت لتوها من محاكمات قضائية سريعة للمتهمين في إحداث “فتنة” من بينهم رئيس ديوان ملكي أسبق وأحد أفراد الأسرة المالكة، بالإضافة إلى بروز اسم الأمير حمزة بن الحسين ولي العهد السابق كأحد واجهات تلك القضية.

وأثارت تلك القضية غضبا كبيرا في الأوساط العشائرية الأردنية التي تعد الداعم الأول لاستقرار المملكة من الفوضى ويهيمن عناصرها على مؤسسات هامة من بينها الجيش والأمن.

سمير الرفاعي: جيل ولي العهد الأردني أولى بالمشاركة والتمثيل البرلماني

وعلى الرغم من محاولات السلطات الأردنية إحداث تهدئة في الداخل على خلفية تراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى تصاعد الاحتقان الداخلي، إلا أن الانتقادات لم تغب عن اللجنة الملكية المشكّلة برئاسة سمير الرفاعي، وهو رئيس وزراء أسبق شهدت حكومته موجة واسعة من الاحتجاجات الشعبية على تردي الأوضاع الاقتصادية في
العام 2011.

وينتظر أن يقدم الرفاعي في أكتوبر المقبل نتائج مشاوراته مع القوى السياسية المختلفة في البلاد للخروج بتوصيات لإحداث الإصلاح السياسي المنشود في المؤسسة البرلمانية والقانونية في المملكة.

الشباب والإصلاح الغائب

يمثل غياب الشباب عن المشاركة السياسية العائق الأبرز في مهمة اللجنة الملكية، خاصة مع تسجيل تخوفات بين تلك الفئة من المشاركة بحد ذاتها، بالإضافة إلى “عدم الثقة في البرامج الحكومية، والقوانين المعقدة” التي تعيق المشاركة الشبابية.

وأعاد الرفاعي في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الأردنية “بترا” التأكيد على الحاجة إلى مشاركة الشباب الذين يمثلون 70 في المئة من الأردنيين بصورة أكبر في الحياة البرلمانية المقبلة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه “لا مفر من برلمان حزبي برامجي” في المرحلة المقبلة.

وقال رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية إن مشاركة الشباب لها أهمية في العمل السياسي المنتهي بالتمثيل البرلماني، خاصة أن “جيل ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني أَولى بذلك”، حسب ما وضح ذلك.

وتوجد تساؤلات كثيرة حول مختلف مخرجات الحوار المنتظرة بشأن الإصلاح السياسي، ومدى التزامها بضمان مشاركة أوسع من الشباب، بالإضافة إلى الإصلاح الاقتصادي الضروري الذي يحتاجه الأردن للخروج من الأزمة.

وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد حدد محاور عمل اللجنة الملكية وموعد تقديمها للتوصيات على أن يكون قبل انعقاد الدورة البرلمانية في أكتوبر المقبل.

الانتخابات الأخيرة سجلت مشاركة شعبية ضعيفة بسبب الأزمة الاقتصادية والصحية

وحسب ما جاء في الوكالة الرسمية، اعتبر الرفاعي أن “الثقافة الحزبية يجب إشاعتها بين الشباب”، وقال إن “العمل السياسي الأردني ما دام تحت الدستور فهو عمل وطني”.

وكانت هناك تصريحات سابقة للرفاعي تحدث فيها عن تشكيل لجان فرعية لمساعدة اللجنة الملكية لتقديم مخرجات تسهم في مواصلة عملية التطوير والتحديث لضمان حق الأردنيين والأردنيات في ممارسة حياة برلمانية وحزبية.

لكن تلك التصريحات تظهر مدى وجود عقبات أساسية أمام مهمة الإصلاح السياسي خاصة أن الانتخابات الأخيرة سجلت مشاركة شعبية ضعيفة بسبب الأزمة الاقتصادية والصحية، والتي أفرزت البرلمان الحالي.

وشاركت الأحزاب السياسية الأردنية بصورة كبيرة في انتخابات أكتوبر الماضي من خلال 47 حزبا، لكنها لم تحقق سوى 12 مقعدا من أصل 130 في مجلس النواب كانت من نصيب 4 أحزاب، فيما حقق المستقلون نتائج أكبر.

وتعترض طريق عمل اللجنة الملكية انتقادات كثيرة في الشارع الأردني من بينها ما كتبه أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك محمد تركي بني سلامة الذي تحدث عن “توزيع كتب على لجنة تحديث المنظومة السياسية لتثقيفهم بالإصلاح السياسي وأهدافه وأدواته”، وقال إن “هؤلاء سيرسمون خارطة الإصلاح المنشود للأردن بعد إتمامهم دورة التثقيف، بقي أن يتم تثقيفهم بالأردن؛ نشأته وحدوده ومجتمعه ومشكلاته”.

مشكلة اقتصادية قائمة

قوانين معقدة تعيق المشاركة الشبابية
قوانين معقدة تعيق المشاركة الشبابية

تضرر الاقتصاد الأردني على وجه الخصوص بشدة خلال عام 2020 بسبب إجراءات العزل العام للحد من تفشي وباء كورونا، كما بلغ معدل البطالة رقما قياسيا هو 24 في المئة، وسيكون أمام اللجنة الملكية مراعاة تلك الوضعية في إصلاحاتها المرتقبة، لكن مراقبين يرون أن المسألة ليست من اختصاص هذه اللجنة بل تشمل الحكومة ذاتها.

وفي 17 يونيو الماضي كتب الدبلوماسي والسياسي الأردني مروان المعشر في مركز كارنيغي أن “هناك أهدافا إصلاحية أخرى تتعدى نطاق صلاحيات اللجنة الملكية، على رأسها الاقتصاد والتعليم والإدارة. ولا بد من تحديد ماهية النظام الاقتصادي الأردني والوصول إلى توافق حول طبيعته والانتقال من النظام الريعي إلى النظام الإنتاجي”.

وأشار المعشر إلى وجود “مؤشرات ودلائل اقتصادية كثيرة تدق ناقوس الخطر تستدعي النظر وبسرعة في وضع خطة تهدف إلى تحفيز الاقتصاد وتوفير بيئة استثمارية من خلال إزالة المعوقات أمام القطاع الخاص والاستثمار الخارجي”.

على الرغم من محاولات السلطات الأردنية إحداث تهدئة في الداخل على خلفية تراكم الأزمات إلا أن الانتقادات لم تغب عن اللجنة الملكية المشكّلة برئاسة سمير الرفاعي

وخلال زيارة إلى مدينة العقبة على ساحل البحر الأحمر الشهر الماضي، انتقد ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله سوء الإدارة، وهو أحد الأمور التي شكا بخصوصها الأمير حمزة علانية في أوج الأزمة. وأُقيل العديد من المسؤولين المحليين هذا الأسبوع.

ويسعى الأردن لتطبيق إصلاحات اقتصادية لكنه يواجه مقاومة من المؤسسة المحافظة. ويقول السياسي الأردني والنائب السابق في البرلمان خالد رمضان إن “التحديات الداهمة من جوع وبطالة وانعدام الثقة بمؤسسات الدولة تعني أن تداعيات ما حصل حاضرة”، في إشارة إلى تداعيات مستمرة لقضية “الفتنة” والاحتجاجات على سوء الأوضاع الاقتصادية.

6