مهمة إنقاذ برشلونة تعيد تشافي إلى ملعب كامب نو

هرنانديز يؤمن بفلسفة كرويف للتخلص من إرث كومان.
الأحد 2021/11/07
الحلم تحول إلى حقيقة

انتقل المدير الفني تشافي هرنانديز، لتولي مسؤولية تدريب فريق برشلونة. وذلك بعد إقالة مدربه الهولندي رونالد كومان في أكتوبر الماضي، وعين بشكل مؤقت سيرجي بارخوان. ويواجه برشلونة العديد من المشكلات، أبرزها الديون التي أثقلت كاهل الفريق بعد أن تخطت حاجز المليار يورو، إلى جانب رحيل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي والمهاجم الفرنسي أنطوان غريزمان في فترة الانتقالات الصيفية الماضية، وهذا ما سيجعل مهمة المدرب الجديد للبرسا صعبة للغاية.

مدريد – لطالما حلم تشافي هرنانديز بتدريب برشلونة الإسباني، النادي الذي حقق معه أمجاده الكروية، منذ دخوله هذا المعترك بعد اعتزاله اللعب عام 2019 في صفوف السدّ القطري، ثم الانتقال للإشراف على الأخير في السنتين الأخيرتين، وقد تحول هذا الحلم إلى حقيقة مع توصل إدارة الناديين إلى اتفاق يقضي بإتمام الصفقة.

وأفصح تشافي عن حلمه للصحف الرياضية الإسبانية في يوليو 2020 عندما سئل عن ذلك، فأجاب “هدفي الرئيسي، عندما يصبح ذلك ممكنا، هو برشلونة. إنه منزلي وسيكون حلما”. وبعد سلسلة من المحادثات المكثفة في الأيام الأخيرة، أعلن السد رسميا عبر مديره التنفيذي تركي العلي عن موافقته على انتقال تشافي للإشراف على ناديه السابق.

ونقل الحساب الرسمي للنادي على تويتر عن العلي “وافقت إدارة السد على انتقال تشافي لبرشلونة بعد دفع قيمة الشرط الجزائي المنصوص في عقده… تشافي يعتبر جزءا مهما من تاريخ السد ونتمنى له كل التوفيق في المرحلة القادمة”.

وأضاف “تشافي أبلغنا في الأيام الماضية برغبته في خوض تجربة برشلونة في هذا الوقت بالتحديد بسبب المرحلة الحرجة التي يمر بها نادي مدينته، ونحن نتفهم هذا وقررنا عدم الوقوف في طريقه. سيبقى تشافي مرحبا به في الدوحة وستبقى العلاقة مستمرة”.

وكان وفد من برشلونة يضمّ نائب الرئيس رافا يوستي والمدير الرياضي ماتيو أليماني، قد حطّ في العاصمة القطرية في مسعى للتفاوض على التعاقد مع تشافي مدربا للفريق الكتالوني خلفا للهولندي المُقال رونالد كومان. سبق الإعلان عن موافقة السد على رحيل تشافي، اجتماع عقد بين تشافي ورئيس نادي السد الشيخ محمد بن خليفة آل ثاني، وضع خلاله الطرفان اللمسات الأخيرة على الاتفاق. وبدا يوستي وأليماني مرتاحين جدا خلال دردشة غير رسمية مع الإعلاميين قبل مغادرتهما الفندق.

وأشار يوستي إلى أن الاتفاق أنجز تماما، كما جدد التأكيد على أن تشافي سيرافقه السبت إلى برشلونة.

أنريكي ثقته في أن مدرب السد القطري الحالي سيظهر إمكانياته الكروية وسط تحديات كبرى يواجها الفريق الكتالوني

وكان السد أبدى تمسكه بتشافي لدى وصول الوفد إلى الدوحة، وخلال حضوره مباراة السد والدحيل في الدوحة، نقل حساب السدّ على تويتر عن العلي، قوله إن “موقف النادي واضح من البداية، فنحن متمسكون بمدربنا تشافي ولا يمكننا أن نفرّط به في هذا الوقت الحساس من الموسم”.

وأكد “نرحّب بزيارة الوفد الإداري من نادي برشلونة الإسباني وهي محل تقدير واحترام”.

في المقابل قال تشافي (41 عاما) “الناديان في محادثات ويجب التوصل إلى حل”. وأضاف بطل العالم 2010 “أنا أتطلع للعودة إلى الديار كما تتخيلون، لكنها مسألة احترام. لديّ عقد ويجب أن يوافق الناديان. أنا متحمّس للغاية للعودة إلى الوطن وأكثر من ذلك لأن أكون مدربا لبرشلونة وهي مسؤولية كبيرة، لكنني متحمّس للغاية”.

وتابع تشافي “أنا إيجابي للغاية، هذا ما أنا عليه، لقد كنت واضحا جدا بشأن ما أريد. أعتقد أن الأمر يتعلق بساعات، وربما أيام. إنهم يعرفون موقفي، وآمل أن يتم ذلك”.

ونشأ تشافي في صفوف برشلونة منذ صغره وحمل ألوانه 17 موسما في أكثر من 750 مباراة محرزا معه 25 لقبا بين 1998 و2015، قبل الذهاب إلى قطر عام 2015. بعد حمل ألوان السد كلاعب لمدة أربعة مواسم، أشرف على تدريبه وقاده إلى لقب الدوري الموسم الماضي ولقب كأس الأمير في آخر سنتين.

ويعود تشافي في مهمة إنقاذ لفريقه السابق الجريح الذي يرزح تحت ديون طائلة أدت إلى عدم احتفاظه بنجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي.

لكن الفريق يضم في صفوفه وجوها شابة يعول عليها في المستقبل أمثال بيدري، وأنسو فاتي وغافي لاستعادة الأمجاد الغابرة للعملاق الكتالوني. ويقبع الفريق الكتالوني في المركز التاسع في الدوري على بعد تسع نقاط من الصدارة.

وفي أبرز إنجازاته، حقق تشافي في مسيرته كلاعب أربعة ألقاب في مسابقة دوري أبطال أوروبا (2006، 2009، 2011 و2015)، و8 في الدوري الإسباني، بالإضافة إلى فوزه بكأس العالم (2010)، وبكأس أوروبا مرتين (2008 و2012) مع منتخب لاروخا الذي ارتدى قميصه في 133 مباراة دولية.

فلسفة كرويف

سيّد التمريرات وصناعة اللعب في برشلونة
سيّد التمريرات وصناعة اللعب في برشلونة

عبقري، ساحر، سيّد التمريرات وصناعة اللعب في برشلونة ومنتخب إسبانيا… سيعود تشافي هرنانديز مدرب السدّ القطري السابق إلى ملعب كامب نو لتسلّم مهامه الفنية ضمن خطة إحياء الجينات التي تميّز بها النادي الكتالوني: لعب جماعي و”تيكي-تاكا” بنى بفضلها برشلونة أمجاده وهيمن على الكرتين الأوروبية والعالمية.

سيعود تشافي (41 عاما) بطل مونديال 2010 وأحد أبرز النجوم في تاريخ الكرة الإسبانية إلى منزله في كاتالونيا، وهو قدر بدا مكتوبا لهذا التلميذ الذي ترعرع في ظلّ المدربين الهولندي الراحل يوهان كرويف ومواطنه بيب غوارديولا، مع أسلوب يعتمد على فكرة الاستحواذ على الكرة، اشتهر به برشلونة في مطلع العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين.

عاد تشافي، الُمكنّى بـ”الماكينة”، إلى الفصل الأوّل من قصّة العشق مع برشلونة والتي أسدل الستار عليها في عام 2015 مع رحيله إلى السدّ، عقب فوزه بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا للمرة الرابعة في تاريخه، والأخيرة حتّى الآن في تاريخ النادي الكتالوني.

انبهر عالم الكرة المستديرة بتمريرات لاعب الوسط تحت إدارة غوارديولا (2008-2012)، حيث بدا حينها وكأنه يتحكم بها عن بُعد وبفضل دقة أشبه بدقة طبيب جرّاح.

ففرض الإسباني نفسه قائد اللعب الحقيقي لناد سيهيمن على أوروبا وعلى العالم لعدة سنوات… ولكن كل هذا السحر لم يسمح له بالخروج من ظل الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي ونجوم آخرين. اعتزل تشافي اللعب في عام 2019، ليبدأ مسيرته كمدرّب مع السدّ، لذا يعتبره كثيرون قليل الخبرة نسبيا، على الرغم من أنه بدأ بتطوير عِلمه في اللعب والنهل من معرفة تاريخ كرة القدم وعلوم التدريب على مرّ العصور.

انضمّ تشافي إلى أكاديمية لا ماسيّا في سن الـ11 عاما، وهو مركز تدرّج اللاعبين في برشلونة، على بُعد حوالي ثلاثين كيلومترا جنوب شرق مسقط رأسه تيراسّا. تدرّج في جميع الفئات العمرية حتى بداياته مع الفريق الأوّل عام 1998، في سن الـ18. وعلى الرغم من الشكوك التي رافقت بداياته، بسبب مواصفاته البدنية، إلا أنه فرض نفسه سريعا في التشكيلة الأساسية قبل أن يتقلّد شارة القيادة ويحصد الألقاب.

ثقّل تشافي سجله بالكؤوس، ففاز بـ25 لقبا مع النادي الكتالوني وخاض معه 767 مباراة، كثاني أكثر اللاعبين ارتداء لقميص “بلاوغرانا”، حيث يتجاوزه في هذه الفئة “البرغوث” الصغير ميسي مع إجمالي 778 مباراة.

على الرغم من هذه المسيرة الاستثنائية، يخلو سجل تشافي من الكرة الذهبية حيث كان ميسي عائقا أمام إحرازه لقب أفضل لاعب في العالم، فتقدّم عليه في الترتيب النهائي في عام 2010 على الرغم من فوز الإسباني في ذلك العام بمونديال جنوب أفريقيا.

ولكن من يهتم بالكرة الذهبية؟ فبالنسبة إلى عشاق الكرة المستديرة، يمثّل تشافي اللعب الجماعي قبل كلّ شيء! عبّر مدرب السد السابق عن نظرته لكرة القدم، قائلا “بالنسبة إلي، تدور كرة القدم حول تخيّل التحركات والتمريرات”.

 وكان قد كُتب، في سطر من فصول رواية تشافي أنه سيصبح في يوم من الأيّام مدربا لبرشلونة، وقد تحدث صاحب الشأن لصحيفة ماركا الرياضية الإسبانية في يوليو 2020 عن حلمه “هدفي الرئيسي، عندما يصبح ذلك ممكنا، هو برشلونة. إنه منزلي وسيكون حلما”.

لامع ومتحفظ

لاعب لامع لكنه رجل متحفظ
لاعب لامع لكنه رجل متحفظ

في مقابلة أجراها العام الماضي مع صحيفة لا فانغارديا الإسبانية اليومية، استشهد تشافي بوالده الروحي عندما أراد التحدث عن مثاله الأعلى، وقال “بالإضافة إلى كرويف، الذي غيّر تاريخ كرة القدم، فإن خوان فيا بوش، هو أبي الروحي، في كرة القدم (لاعب خط وسط والمدير التنفيذي السابق في لا ماسيّا) الذي يعرف عن أسلوب كرويف في كرة القدم أكثر من كرويف نفسه”.

ويتابع “…وغوارديولا أيضا، له تأثير كبير”، علما أنه كان لعب مع بيب وجاوره في غرفة تبديل الملابس في برشلونة، قبل أن يخلفه في خط الوسط… ويصبح المتحدّث باسمه على أرض الملعب.

وعن كونه اضطر لإجراء تنازلات عن أفكاره في كرة القدم بعد انتقاله من المستطيل الأخضر إلى دكة المدربين، قال “القليل، في الحقيقة”، قبل أن يحرز لقبه الأول من أصل أربعة بفوزه بلقب الدوري القطري مع السد في أبريل 2021، علما أن عقده مع الزعيم كان يمتد حتّى عام 2023.

وأضاف “أنا أؤمن بالاستحواذ على الكرة قدر الإمكان، مع الضغط العالي، واللعب في نصف ملعب الفريق المنافس، والضغط عليه عبر الهجمات”، يتابع تشافي شارحا فلسفته على أرض الملعب “هذه هي كرة القدم التي اختبرتها في برشلونة ومع لا روخا”. لاعب لامع لكنه رجل متحفظ، لا يُعرف سوى القليل عن حياته الشخصية: بالكاد نعرف شغفه بقطف الفطر، ليسير على خطى زميله السابق جيرارد بيكيه وصديقته المطربة شاكيرا.

تشافي هرنانديز سيعود إلى ملعب كامب نو لتسلّم مهامه الفنية ضمن خطة إحياء الجينات التي تميّز بها النادي الكتالوني

يشتهر تشافي بكرمه، حيث تبرّع مع عقيلته الصحافية نوريا كونيليرا والتي اقترن بها في عام 2013، بمليون يورو لمستشفيات برشلونة التي رزحت تحت معاناة تداعيات وباء فايروس كورونا في ربيع عام 2020، وذلك قبل ثلاثة أشهر من إصابة تشافي بالفايروس.

الكرم واللعب الجميل والتوق الشديد للانتصارات: هذا هو كوكتيل تشافي هرنانديز وهو علاج يأمل برشلونة في أن يكون مفيدا له لكي يستعيد أمجاده بعد فترة انتقالية شهدت رحيل أسطورته ميسي إلى باريس سان جرمان الفرنسي ومروره بأسوأ فترة في تاريخه ماليا وكرويا.

تمنى مدرب المنتخب الإسباني لويس أنريكي، حظا سعيدا لتشافي. وأبدى أنريكي ثقته في أن مدرب السد القطري الحالي سيظهر إمكانياته الكروية وسط تحديات كبرى يواجهها الفريق الكتالوني.

جاءت تصريحات أنريكي، الذي فاز مع البارسا بتسعة ألقاب من أصل 13 محتملة خلال توليه تدريب البلوغرانا.

وأبدى مدرب لاروخا تقديره لزميله السابق بعد موافقته على قيادة دفة الفريق الكتالوني في هذه المرحلة الحرجة للفريق، وتمنى له النجاح في هذه المهمة. وصرح أنريكي “لقد كانت شائعة متداولة عن أن تشافي ستتاح له الفرصة للعودة إلى داره، آمل أن تسير الأمور على ما يرام بالنسبة إليه”. وأضاف “يمكنه أن يحقق أشياء كثيرة مع برشلونة وأتمنى أن يظهر إمكانياته، لأنهم يواجهون تحديا كبيرا. أتمنى له، مثل باقي الزملاء في المهنة حظا سعيدا”.

18