من رحم المعاناة.. الأهلي السعودي يحقق المجد الآسيوي

يايسله يرصع تاج أهلي جدة بلقب أبطال آسيا في عامه الـ89.
الاثنين 2025/05/05
دخول التاريخ من أوسع أبوابه

دخل نادي أهلي جدة السعودي عامه الـ89 قبل أقل من شهرين، والذي كان يخبئ له ما انتظرته جماهيره طويلا، ولم تكن هناك طريقة أفضل من التتويج بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة للاحتفال بهذه المناسبة. الأهلي توج زعيما لقارة آسيا عبر أعرق ألقابها، والذي أقيم في نسخة جديدة اقتصرت فيها المشاركة على "نخبة آسيا".

الرياض - سار أهلي جدة عكس الكبار، فحقق ما لم يحققوه، وكتب لنفسه تاريخا جديدا، بحصد لقب النسخة الأولى من دوري أبطال آسيا للنخبة، على حساب كاواساكي فرونتال الياباني (2 – 0). لكن الإنجاز الآسيوي لم يكن وليد اللحظة، بل تحقق بعد سلسلة من القرارات على مدار شهور، بل سنوات، حتى كانت النتيجة النهائية “الأهلي بطل آسيا”.

وفي مقدمة تلك القرارات ما يخص الألماني ماتياس يايسله، المدير الفني للفريق، ليس فقط بسبب التعاقد معه، ولكن أيضا بالإبقاء عليه.

وتولى يايسله تدريب “الراقي” قبل بداية موسم 2023 – 2024، ليقود كتيبة من النجوم، كانت قد وصلت إلى النادي الجداوي للتو. لكن الأهلي ودع كأس خادم الحرمين الشريفين من ثمن النهائي على يد أبها، ولم يكن منافسا على لقب الدوري السعودي، إلا أنه حاز المركز الثالث، المؤهل لدوري أبطال آسيا للنخبة، لتُبقي عليه الإدارة لموسم جديد.

وبعد ذلك ودع الفريق السوبر السعودي من نصف النهائي، ثم كأس خادم الحرمين الشريفين من دور الـ32 على يد الجندل، الذي يلعب في دوري يلو، لكن يايسله استمر في منصبه رغم المطالبات بإقالته. وبعد مرور شهور على هذا القرار حمل يايسله كأس دوري أبطال آسيا للنخبة، وهو المدرب الوحيد الذي لم يتم تغييره بين كبار الدوري السعودي، في آخر موسمين.

يأتي هذا في الوقت الذي تعاقب فيه على تدريب الاتحاد نونو سانتو ومارسيلو غاياردو ولوران بلان. كما تعاقب على النصر لويس كاسترو وستيفانو بيولي، فيما رحل جورجي جيسوس عن الهلال، في انتظار مدرب جديد.

“أشكر الجماهير من أعماق قلبي، حيث أسفر دعمها عن نهاية رائعة،” بتلك الكلمات بدأ يايسله المؤتمر الصحفي بعد التتويج، معبرا عن امتنانه الشديد لأنصار النادي.

ونجح المدرب الألماني في رد الدين للجماهير التي وثقت به ورفضت التخلي عنه في مرحلة صعبة، حيث كان يدافع عن حقوق النادي في ما يتعلق بالقرارات التحكيمية وضعف الميركاتو، بالإضافة إلى العمل في صمت.

وبعيدا عن ذلك، فإن يايسله استحق التواجد في مكانه عن جدارة، بفضل قوة شخصيته وقدرته على تطوير اللاعبين، ورفع النسق الهجومي، وتحسين الجوانب الدفاعية إلى حد كبير.

وبفضل المدرب الطموح أصبح “الراقي” يمتلك طريقة هجومية رائعة متمثلة في الضغط على الخصم من كافة جوانب الملعب، مع تحركات لامركزية مذهلة من الثلث الأمامي، حيث أعاد الثنائي رياض محرز وإيفان توني إلى دائرة التألق، فضلا عن دخول جالينو في الأجواء، والاستفادة من خبرة روبرتو فيرمينو آسيويا. كذلك جعل ميريح ديميرال وروجيه إيبانيز الثنائي الدفاعي الأفضل في الدوري السعودي وآسيا، بشهادة المحللين، ليثبت صحة نظر الجماهير التي ساهمت في صناعة معجزة الأهلي في نهاية المطاف.

صفقات متعطشة

الألماني يايسله نجح في رد الدين للجماهير التي وثقت به، ورفضت التخلي عنه في مرحلة صعبة، حيث كان يدافع عن حقوق النادي

بينما كانت الكثير من أندية الدوري السعودي تركز على أسماء النجوم، في ما يتعلق بالتعاقدات الجديدة، كان الأهلي يبحث عن لاعبين متعطشين إلى تحقيق النجاح. فقد ضم “الراقي” المهاجم الإنجليزي إيفان توني، الذي كان يبحث عن حلم جديد، بعد العودة من إيقاف طويل بسبب المراهنات.

وبالفعل لعب توني دورا مهما مع الأهلي، إذ شارك في كل مباريات دوري الأبطال هذا الموسم، وسجل 6 أهداف، منها هدف ضد الهلال في نصف النهائي. كما ضم الأهلي جالينو من بورتو البرتغالي، بعد رؤية ثاقبة من يايسله لاحتياجات الفريق، حتى أنه أخرج البرازيلي روبرتو فيرمينو من قائمة دوري روشن لأجله.

وسجل جالينو هدفا سهل مهمة الأهلي في المباراة النهائية، مقدما إسهامه السابع في 7 مباريات بالبطولة الآسيوية.

والأهلي هو الفريق الوحيد الذي خاض جميع المباريات الإقصائية على ملعبه (الإنماء)، ولعب 8 لقاءات في جدة، من أصل 13 مواجهة في البطولة بشكل عام، وهو ما ساعده كثيرا على التتويج باللقب. 58 ألفا و281 مشجعا حضروا المباراة النهائية، وهي المواجهة ذات الحضور الجماهيري الأعلى في الأدوار الإقصائية، متفوقة على مباراة الأهلي والهلال في نصف النهائي، والتي بلغ عدد الحاضرين فيها 50 ألفا و613 مشجعا.

وبات الأهلي أول فريق يتوج بدوري أبطال آسيا للنخبة بنظامها الجديد لتبتسم له كرة القدم الآسيوية أخيرا بعد محاولتين سابقتين حيث كان قاب قوسين أو أدنى من معانقة الذهب.

واللافت أن التتويج بلقب دوري أبطال آسيا للنخبة جاء بعد مرور أيام على انتهاء مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية، والذي اعتمد تتويج النادي الأهلي بـ51 بطولة عبر تاريخه، لتأتي “النخبة” وترصع “تاج الملكي” باللقب رقم 52.

وحصد الأهلي اللقب القاري للمرة الأولى في تاريخه بعد فوزه مساء السبت في النهائي على كاواساكي فرونتال الياباني بهدفين دون رد.

وفاء وصمود

Thumbnail

إذا تحدث الجميع عن الوفاء والصمود والقوة والعشق وغيرها من المعاني الرائعة، فيجب ذكر جماهير نادي أهلي جدة، فهي تعتبر بمثابة الشعب الذي لا يمكن أن يتخلى عن بلده في أصعب الظروف والمحن. الشعب هو أقوى الأصوات التي يمكن أن تؤثر على مصير دولته في بعض الظروف، وكذلك الوضع ينطبق على الجماهير الخضراء التي ضربت مثالا يحتذى به في الوفاء والصبر من أجل إعادة ناديها إلى قمة المجد.

جاء إنجاز الأهلي بعد سنوات من المعاناة والتخبط، حيث بدأ الأمر باحتلال المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري السعودي (2020 – 2021)، عقب سلسلة من النتائج الكارثية. استمر الوضع على ما هو عليه، حتى هبط إلى دوري الدرجة الأولى يلو في الموسم التالي (2021 – 2022)، وذلك للمرة الأولى في تاريخه بعدما احتل المركز 15.

سقوط الأهلي لم يسبب صدمة جماهيره فحسب، بل كان بمثابة الصاعقة التي نزلت على الكرة السعودية بأكملها، لأنه أحد أهم الأندية في تاريخ العرب.

وهبط “الراقي” إلى دوري يلو نتيجة العديد من الأزمات الإدارية، متمثلة في تأخر دفع الرواتب بجانب القضايا، وفشل تجديد عقود بعض اللاعبين، تزامنا مع الانتقادات الجماهيرية لتسقط سفينة الأهلي في مشهد لن ينساه أصغر مشجع للنادي.

17