من الأسود إلى الأبيض: عدوى فطرية تهدّد مرضى كورونا في الهند

نيودلهي- اجتاح خطر الفطر الأبيض الهند بعد فترة قصيرة من انتشار الفطر الأسود مما زاد الضغوط على المنظومة الصحية، في وقت يقول فيه أطباء إن السبب يعود إلى الإفراط في استخدام المواد الكيمياوية خصوصا الستيرويدات لعلاج مرضى فايروس كورونا.
دخل مريض في منتصف العمر مصاب بكوفيد – 19 إلى وحدة العناية الفائقة في مستشفى بمدينة كلكتا شرقي الهند في شهر مايو. ومع تدهور حالته، وُضع تحت جهاز التنفس الاصطناعي وأُعطي منشطات الستيرويد التي تُعد علاجا منقذا لحياة مرضى كوفيد – 19 وأمراض أخرى خطيرة وحرجة.
بيد أن خبراء يقولون إن عقار الستيرويد يقلل من مناعة الجسم ويرفع مستويات السكر في الدم أيضا. وبعد قضاء فترة طويلة في وحدة العناية الفائقة، تعافى المريض وكان جاهزا للعودة إلى منزله عندما اكتشف الأطباء أنه مصاب بنوع من الفطريات المقاومة للأدوية والقاتلة.
الانتشار السريع لمرض الفطر الأسود حاليا يُعزى أساسا إلى الإفراط في استخدام الستيرويدات (مواد كيمياوية) لعلاج مرضى فايروس كورونا
وتوصف فطريات كانديدا أوريس (التي تسبب ما يعرف بداء القلاع أو البقع البيضاء)، والتي تم اكتشافها منذ أكثر من عقد من الزمن، بأنها واحدة من أكثر جراثيم المستشفيات رعبا في العالم. وهي تصيب مجرى الدم وتعدّ من أكثر الجراثيم التي يتم اكتشافها بشكل متكرر في وحدات العناية الفائقة حول العالم، إذ تبلغ نسبة الوفيات جراء الإصابة بها نحو 70 في المئة.
ويقول أوم سريفاستافا، وهو أخصائي في الأمراض المعدية في مومباي “نشهد زيادة في عدد المرضى المصابين بهذه العدوى خلال الموجة الثانية من كوفيد – 19، وثمة العديد من المرضى في وحدات العناية الفائقة والكثيرون منهم يتناولون جرعات عالية من الستيرويد. وربما هذا هو السبب في ارتفاع نسبة الإصابات بها”.
ويصاب الناس بداء الفطر عن طريق استنشاق الخلايا الفطرية التي يمكن أن تنتشر في المستشفيات والمنازل عن طريق أجهزة ترطيب الهواء أو قوارير الأكسجين التي تحتوي على مياه قذرة. بمجرد الإصابة يصبح المريض معرضا للموت في غضون أيام. ولكن المرض ليس معديا. وتتعامل الهند عادة مع بضع العشرات من الحالات سنويا.
ويأتي الفطر الأبيض بعد انتشار كبير للفطر الأسود في عدد من المناطق في الهند. واشتد انتشار مرض الفطر الأسود إلى درجة أن تسع ولايات على الأقل صنفته في وقت سابق على أنه وباء، وعلى الشبكات الاجتماعية تتواصل طلبات المساعدة على الحصول على علاج مضاد للفطريات.
وأبلغت ولاية ماهاراشترا وحدها عن أكثر من ألفي حالة، وغوجارات عن نحو 1200 حالة. ولم تنج دلهي وبنغالور وبومباي من هذا الداء وفتحت مراكز متخصصة للمرضى.
وتفيد وسائل الإعلام الهندية بأن الفطر الأسود أودى بحياة المئات من الأشخاص في غضون أيام قليلة. قبل الموجة الثانية من كوفيد – 19 التي أودت بحياة مئة ألف شخص الشهر الماضي في الهند كانت حالات الإصابة بالفطر الأسود نادرة في هذا البلد.
وكان المصابون في أغلب الأحيان مرضى بداء السكري أو بفايروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) أو أجريت لهم عمليات زرع أو يعانون من ضعف في جهاز المناعة. وما زالت البلاد تسجل أعدادا مرتفعة من الإصابات بكوفيد – 19.
ويقول الخبراء، ومن بينهم البروفيسور سريناث ريدي من مؤسسة الصحة العامة الهندية، إن الانتشار السريع لمرض الفطر الأسود حاليا يُعزى أساسا إلى الإفراط في استخدام الستيرويدات (مواد كيمياوية) لعلاج مرضى فايروس كورونا.
وقال ريدي “لقد استُخدمت دون ضوابط، بكميات كبيرة وغير مناسبة”، مضيفا أن “المياه الملوثة في قوارير الأكسجين أو في مُرطِّبات الهواء توفر أيضا للفطر فرصة الدخول إلى الجسم”.
ويوجد نقص حاد في دواء أمفوتريسين الرئيسي المضاد للفطر الأسود. وتسعى الحكومة وشركات الأدوية لزيادة إنتاج هذا الدواء في الدولة التي أطلق عليها ذات مرة اسم “صيدلية العالم”.
ولفتت أموليا نيدي الناشطة في المجال الصحي إلى أن الحكومة فشلت سابقا في الاستعداد وتخزين إمدادات كافية من أدوية فايروس كورونا مثل ريمديسفير والبلازما، ومع الفطر الأسود كررت الخطأ نفسه. وأضافت “كان يجب على الحكومة أن تتصرف عندما أبلغت بأولى حالات الفطر الأسود… لا يفترض أن يتوسل الناس من أجل الحصول على أدوية أساسية تنقذ حياة مرضاهم”.