مناورات الرحيل عن الأندية المصرية تتواصل

العنصرية سلاح بانسيه للتمرد على المصري، وكوليبالي يبرر هروبه عن الأهلي بالتشدد الديني.
الأربعاء 2018/07/25
بانسيه يواصل ألاعيبه

القاهرة - يتعمّد بعض اللاعبين استخدام سلاح العنصرية لتحقيق مآربهم، كونها أكثر القضايا المثيرة للجدل وتكسبهم تعاطفا من الجمهور والمسؤولين، ولم يكن تصريح بانسيه الأول من نوعه، فقد سبقه قبل عام فقط لاعب الأهلي السابق الإيفواري سليماني كوليبالي، الذي خرج بتصريح مشابه برر فيه هروبه عن ناديه للاحتراف في الصين.

غير أن بانسيه جاء بلعبة جديدة من ألاعيب عديدة يبتدعها بعض المحترفين الأفارقة من أجل ترك أنديتهم بعد فترة من التألق والبحث عن عروض احترافية أفضل، وإن كان هناك لاعبون مصريون تعلّموا بعضا من هذه الألاعيب للخروج من أنديتهم بصورة تحفظ لهم ماء الوجه أمام الجماهير، لكن تصريحات اللاعبين الأجانب تخلّف وراءها شبهة عنصرية في تعامل مدربي وإدارات الأندية في مصر.

وقال كوليبالي قبل هروبه، إنه يجبر على السجود بعد تسجيل هدف، وهاجم كوليبالي زميليه بالفريق التونسي على معلول والنيجيري جونيو أجايي، وأكد أنهما يلقيان معاملة سيئة وهما غير قادرين على التصدي لها. وحينها اتهم رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور اللاعب بالكذب وأكد أنه يسيء لسمعة النادي الأهلي ومصر كلها.

وشدد منصور على أن الأندية المصرية لا تعرف الاضطهاد الديني، ولم يحدث أن تعرض أي لاعب لأي نوع من العنصرية، واستشهد بلاعب ناديه في ذلك الوقت النيجيري ستانلي والمدرب البرتغالي أوغستو إيناسيو.

مرتضى منصور يشدد على أن الأندية المصرية لا تعرف الاضطهاد الديني، ولم يحدث أن تعرض لاعب للعنصرية

وما يثبت ضعف مواقف أصحاب هذه التصريحات هو رد عدد من زملائهم في نفس الأندية، فقد نفى اللاعب البوركيني محمد كوفي، المحترف في صفوف المصري ما قاله بانسيه، وأكد أنه لا توجد تفرقة في التعامل بين اللاعب المصري والأجنبي، وهو ما أشار إليه من قبل اللاعب الأنغولي غلبيرتو دا سيلفا، أحد نجوم الأهلي السابقين.

شهادة نيجيري

ورد عضو مجلس إدارة المصري عدنان حلبية على ما أثاره بانسيه، وقال لـ”العرب” اللاعب هرب قبل ذلك ثلاث مرات، وكان النادي في كل مرة يعمل على إعادته، وتعجّب من خروج مثل هذه التصرفات من لاعب محترف، وتساءل حلبية، لماذا لم يشتك لاعبون آخرون من سوء المعاملة، مع أن كل ناد في مصر يضم أربعة محترفين؟

ونفى حلبية ما قاله عن رفض النادي تحمل تكاليف علاج بانسيه من إصابة الرباط الصليبي، وأوضح أن اللاعب نفسه رفض عرضه على الأطباء، مشددا على أن النادي منح اللاعب مستحقاته كاملة.

وطالب بتحري الدقة قبل التعاقد مع الأجانب، لأن غالبيتهم يخرجون من بلدانهم الفقيرة باحثين عن المال، قاصدين دولا عربية وخليجية، وبمجرد بزوغ نجم أحدهم، يبحث عن وسيلة سريعة لترك النادي والفرار إلى الدوريات الأوروبية. وكان بانسيه قد هاجم أيضا كل دول شمال أفريقيا وليس مصر فقط.

بعيدا عن رغبة اللاعبين في الفرار من الأندية، فإن بعضهم يخونه التقدير في التفرقة بين العنصرية والمعاملة الحادة من بعض المدربين، وقد يكون بانسيه تعرض لتوبيخ أو معاملة قاسية من مدربه حسام حسن، المعروف بعصبيته الشديدة.

وينقسم اللاعبون الأفارقة إلى نوعين، أحدهما ممن يغادرون بلدانهم دون ترك شيء يبكون عليه، قاصدين العيش في دول أخرى تحقق لهم الشهرة والمال، ومنهم لاعبون شبه مغمورين، مثل اللاعب النيجيري معروف يوسف، المحترف بصفوف الزمالك، والذي طلب من رئيس ناديه الحصول على الجنسية المصرية مؤخرا.

ويعود طلب اللاعب ليقينه بأنه يعيش وضعا أفضل حاليا، والنوع الآخر يمثله بعض اللاعبين الذين يصيبهم التمرد بمجرد أن يذيع صيتهم، مثلما حدث تماما مع الإيفواري كوليبالي، فبمجرد تصدره لقائمة الهدافين مع الأهلي، فضّل الهروب للبحث عن المزيد من الأموال.

ومن الصعوبة أن نخفي أيضا ما يتعرض له بعض اللاعبين الأفارقة من مضايقات من زملائهم في الأندية المصرية، وقد تحاك مؤامرات ضد أحدهم تدفعه إلى ترك النادي، وهي بعيدة تماما عن العنصرية، وربما تحاك كي لا يحجز اللاعب الأجنبي مكان لاعب مصري آخر في التشكيلة الأساسية.

العزف على وتر العنصرية لن تكون له آثار بعيدة، هو فقط ينحصر في النطاق المحلي لتبرير سلوك معين أقدم عليه لاعب للهروب من التزاماته المادية تجاه ناديه

وينجو من هذه المؤامرات عادة اللاعبون الأجانب من أصحاب القدرات الفنية العالية أو من يثبتّون أقدامهم مع أنديتهم، وتساعد في تعزيز مكانة اللاعب في الفريق رغبة المدير الفني في بقائه من عدمها، وهو ما حدث مع اللاعب الأنغولي أمادو فلافيو هداف الأهلي سابقا، والذي نال إشادة البرتغالي مانويل جوزيه، المدير الفني الأبرز للأهلي.

تصريحات مسيئة

حافظ فلافيو على مكانته في التشكيلة الأساسية لبطل مصر، على حساب مهاجمين محليين لأنه كان الأفضل والأكثر تهديفا بعد أن قضى موسما كاملا لم تعرف رأسه طريق الشباك، والأهم من هذا وذاك في أزمة التصريحات المسيئة للأندية، هو أن وقوع اللاعبين الأفارقة في براثن السماسرة مما يدفعهم إلى القيام بتصرفات غير محسوبة قد تؤثر على مستقبلهم الكروي، لأن مسؤولي الأندية لا يمكنهم التسليم بقبول اتهامهم بالعنصرية وتعرضهم لعقوبات مجانية.

وفي كل الأحوال، لم تعد هذه المسألة مقبولة على المستوى الدولي، بعد النجاح المبهر لعدد كبير من اللاعبين من أصول أفريقية، مع فرق فرنسا وإنكلترا وبلجيكا وألمانيا، لذلك فالعزف على وتر العنصرية لن تكون له آثار بعيدة، هو فقط ينحصر في النطاق المحلي لتبرير سلوك معين أقدم عليه لاعب للهروب من التزاماته المادية تجاه ناديه.

22