"ملل قاتل" يصيب أصحاب المقاهي والمطاعم في أوروبا

من جنيف إلى صوفيا بدت الشوارع فارغة من المارة بعد أن أغلقت السلطات المتاجر والمقاهي والمطاعم للحد من انتشار كورونا.
الخميس 2021/01/28
في انتظار زبون غائب منذ فترة

فيينا – مع فرض تدابير إغلاق إضافية في أوروبا في مواجهة انتشار وباء كوفيد – 19، يتزايد غضب قطاع المطاعم والمقاهي المنهار بعد أشهر من الإقفال وفي ظل غياب الآفاق المستقبلية.

من جنيف إلى صوفيا، تحدث كل من لوران وجيري ومارتن وكريستينا، وهم ممثلون عن هذا القطاع، عن تداعيات الأزمة الصحية على مهنتهم.

وبدت شوارع العاصمة النمساوية فيينا فارغة من المارة بعد أن أغلقت السلطات المتاجر والمقاهي والمطاعم غير الضرورية للحد من انتشار فايروس كورونا المستجد، باستثناء عدد قليل من الأشخاص الذين يشترون مواد غذائية.

“ملل قاتل”، عند مدخل مقهى في فيينا يعبّر هيكل عظمي بلباس نادل يحمل هذه اللافتة، عن حالة مديرته كريستينا هومل.

وتشتهر المدينة القديمة وسط فيينا بالمقاهي أو كما تسمى باللغة المحلية “بيوت القهوة” ذات التاريخ الطويل، وتدور حولها العديد من القصص المثيرة، إذ تحولت مع مرور الزمن إلى ثقافة شعبية راسخة في وجدان المجتمع ولاقت حفاوة دولية كبيرة.

وتعاقبت ثلاثة أجيال من عائلة كريستينا على إدارة هذا المقهى، وقد شاركت في تحرك رمزي للتعبير عن استيائها مع فرض ثالث إغلاق في النمسا.

وقالت كريستينا البالغة من العمر 44 عاما وهي تضع كمامة سوداء، أمام المقهى الذي يحمل اسم العائلة “نحاول تجاوز الأزمة بطريقة ابتكارية وإيجابية”، لكنها تضيف أن عزيمتها تضعف بسبب تغير مواقف الحكومة بشكل مستمر.

وأضافت أن كثيرين في هذا القطاع يشعرون بأنهم “يستمعون إلى أعذار واهية أسبوعا بعد آخر”، في المقابل، من غير الوارد بالنسبة إليها مخالفة القوانين.

ولفتت كريستينا هومل “لن أقوم بشيء يوقعني في المتاعب أو يجبرني على دفع غرامة”، مذكرة بأن لديها ابنا يبلغ من العمر ست سنوات وموظفين يجب أن تعيلهم.

وأكدت أنها تدرك “خطورة” الوضع، قائلة “لست مشككة ولا من أتباع نظرية المؤامرة”، لكنها لا تزال متسلحة بالأمل.

التسلح بالأمل
التسلح بالأمل

وقالت “ثقافة مقاهي فيينا سبق أن شهدت عدة أزمات، وأسلوب الحياة هذا لن يزول أبدا. وكما يقول المثل ‘أبناء فيينا الفعليون لا يستسلمون أبدا'”.

وفي جنيف، كان لوران تيرلينشان أقل تفاؤلا. فرئيس جمعية المقاهي والمطاعم والفنادق يشهد عاجزا على عمليات إفلاس متتالية، وقال إن الأعضاء في حالة “يأس” بسبب مسؤولية كبرى “تجاه الموظفين حيث لا يمكنهم دفع أتعابهم ومع مستقبل لم يعد موجودا”.

ويضيف “بالنسبة إلى 30 في المئة منهم، أي أكثر من 300 شركة، لقد فات الأوان بالفعل”.

وعبر أيضا عن أسفه لحالة عدم اليقين السائدة، قائلا “ما يهمني هو معرفة متى سنتمكن من إعادة فتح أبوابنا في ظروف قابلة للاستمرار والحصول على مساعدات كافية للقول لن أخسر مطعمي، أي حياتي”.

ولكي لا يغرق في اليأس، فضّل التشيكي جيري ياناسيك التمرد، وبدأ منذ 9 ديسمبر يستقبل مجددا زبائنه في المطعم الصغير الذي يملكه والواقع على بعد 40 كيلومترا جنوب براغ، متحديا بشكل علني القيود.

وقال هذا السياسي اليميني السابق “لقد نفد صبرنا مع تغيير الحكومة القواعد ثلاث مرات في أسبوع واحد”.

وفي هذا البلد الرائد عالميا في استهلاك البيرة، نظم المطعم في مطلع يناير مع مطاعم أخرى سلسلة أكواب على طول كيلومتر في وسط مدينة براغ.

وأضاف ياناسيك “لن أذعن أبدا”، رغم زيارات الشرطة أو الغرامات التي تفرضها السلطات الصحية مبدّدا مخاطر أن يصبح مطعمه بؤرة إصابات.

وعلى بعد حوالي ألف كيلومتر في بلغاريا، يقوم مارتن ميهايلوف بتعبئة الصفوف أيضا.

هذا الرجل البالغ من العمر 41 عاما والذي يملك ثلاث حانات هي من أبرز أماكن السهر في صوفيا، أراد النزول إلى الشارع للتنديد “بنقص في دعم الدولة” لهم وللدفاع عن “حريته”.

ويقول في إحدى حاناته الفارغة “السلطات لم تحترم أبدا الجدول الزمني الذي حددته. لم يعد بإمكاننا قبول مثل هذه المعاملة”.

غضب قطاع المطاعم والمقاهي المنهار يتزايد بعد أشهر من الإقفال
غضب قطاع المطاعم والمقاهي المنهار يتزايد بعد أشهر من الإقفال

ويضيف “لن نفعل ذلك عن رضا، لكن قد نضطر في النهاية إلى خرق القانون”. وشكر في الوقت نفسه دائنيه على “مساعدتهم وتسامحهم”، لكنه يقر بأنه في مواجهة “تراكم الديون، سيكون التعافي بطيئا جدا”.

وأشار إلى أنه “حين يعود الناس في أحد الأيام، سيكون هناك ضغط”، موضحا “لا أتذكر المرة الأخيرة التي كانت فيها الحانة ممتلئة”، مشيرا إلى حلبة الرقص الحزينة بدون الراقصين.

وفي العاصمة الإيطالية، قررت صاحبة حانة صغيرة الابتعاد قليلًا عن المناخ المسيطر لفايروس كورونا.

ووضعت السيدة كريستينا ماتيولي لافتة كتب عليها “ممنوع التحدث عن كورونا”، وقالت “المنع ليس من باب نفي الواقع الراهن أو إنكاره أو عدم فهم المصاعب التي يمر بها العالم، بل هو مجرد وسيلة لاستعادة بعض الصفاء الذهني”.

ودخلت عدة مطاعم ومقاه في روما في “عصيان مدني” ضدّ سياسة الإغلاق الحكومي التي تفرضها السلطات بهدف احتواء فايروس كورونا.

وأشار تقرير عرضته فضائية “يورو نيوز” الأسبوع الماضي، إلى أن بعض أصحاب المطاعم في روما تحدوا بشكل واضح القيود الحكومية المتبعة، وأبقوا أبواب مطاعمهم مفتوحة للزبائن فترة العشاء.

واضطرت السلطات إلى حظر نشاط مطاعم الوجبات السريعة، حيث تواصل البلاد مكافحة أعداد الحالات المتزايدة، تماما مثلما يحدث في جميع أنحاء أوروبا والعالم.

غياب الآفاق المستقبلية لقطاع المطاعم والمقاهي

 

20