ملك الغابة جلد على عظم في حديقة حيوانات الخرطوم

قصة الأسود الجائعة في السودان أصبحت الشغل الشاغل لمواقع التواصل في ظل صمت المسؤولين عن الوضعية الكارثية التي تعانيها هذه الحيوانات.
الثلاثاء 2020/01/21
حبيس يتضوّر جوعا

الخرطوم- انتشرت دعوات كثيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في السودان إلى إنقاذ خمسة أسود أفريقية مريضة وتعاني سوء تغذية، ما أدى إلى توافد الزوار إلى حديقة الحيوانات التي تعيش فيها هذه الحيوانات.

هذه الأسود موجودة في حديقة القرشي للحيوانات الواقعة في أحد الأحياء الراقية في العاصمة السودانية، وهي تعاني منذ أسابيع نقصا في الأطعمة والأدوية.

وكتب عثمان صالح عبر فيسبوك إنه صُدم لدى زيارته حديقة الحيوانات هذه بوجود خمسة أسود أصبحت عبارة عن جلد على عظم، مرفقا منشوره المطوّل بوسم “سودان أنيمل ريسكيو” (أنقذوا الحيوانات في السودان)، مطلقا  حملة دعم لمساعدة هذه الأسود داعيا جميع المؤسسات والأشخاص القادرين على المساعدة إلى نجدة هذه الحيوانات.

وأصبحت قصة الأسود الجائعة الشغل الشاغل لمواقع التواصل بعد انتشار الفيديو، الفترة الأخيرة، إلى أن وصلت إلى الجهات المختصة التي بدورها علقت على الموضوع، حيث  قام فريق متخصص من شرطة حماية الحياة البرية في محافظة الخرطوم بأجراء إسعافات أولية وتقديم الطعام لعدد من الحيوانات المفترسة في حظائر الحديقة، وذلك بعد نشر مقاطع فيديو وصور على الوضع المهين للأسود.

وأعلن مدير حديقة القرشي رفع المسؤولية عن عاتقه، إذ قام بتحميل شرطة الحياة البرية الأمر، وقال ردا على الصور المتداولة للأسود الجائعة إنهم قاموا بمخاطبة مدير شرطة الحياة البرية رسميا منذ أكثر من 3 أشهر ولكنهم لم يتلقوا ردا.

إهدار الثروة القومية
إهدار الثروة القومية

وكشفت رسالة موجهة من مدير الحديقة، بدرالدين سليمان، إلى الشرطة البرية في نوفمبر الماضي، أنه قد طلب استبعاد الحيوانات آكلة اللحوم من الحديقة وترحيلها إلى أي جهة أخرى مع الإبقاء على الحيوانات آكلة الأعشاب فقط.

وقال “الحيوانات ليست مسؤوليتنا بل هي مسؤولية شرطة الحياة البرية بصورة مباشرة داخل حديقة القرشي”، مضيفا “يأكل الأسد في اليوم سبعة كيلوغرامات من اللحم، وليس لدينا مصدر لكي نأتي بهذا الكم الهائل من الأموال لتوفير اللحم لهذا العدد من الأسود”.

وحول سؤاله عما كانت الشرطة البرية تقوم بإطعام ملك الغابة في الحديقة، أجاب “نعم كانت تأتي إلينا شرطة الحياة البرية باللحوم وقمنا بشراء ثلاجة لاستيعابها، ولكن رفعت الحياة البرية يدها بعد ذلك”.

وما زالت وسائل الإعلام والرأي العام المهتم بحقوق الحيوان في انتظار التوضيحات اللازمة وتحديد المسؤولية عن إهدار الثروة القومية.

ومن الواضح أن الظروف الاقتصادية العامة في البلاد أثرت على الوضع المالي بخصوص إعاشة الأسود التي تأكل اللحوم، حيث باتت سلعة مكلفة.

وأشار أطباء بيطريون ومسؤولون في المتنزه الذي يعتمد بصورة رئيسية على المساعدات من بلدية العاصمة السودانية، إلى أن الوضع الصحي للأسود الخمسة تدهور في الأسابيع الأخيرة وبعضها فقد ثلثي وزنه.

وأكد عصام الدين حجار، أحد المسؤولين عن المتنزه، أن “الغذاء ليس متوافرا دائما وعلينا في أحيان كثيرة ابتياعه بمالنا الخاص”. وتوافدت جموع من السودانيين من متطوعين وصحافيين إلى الحديقة لمعاينة الأسود بعد انتشار صورها بصورة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.

الظروف الاقتصادية العامة في البلاد أثرت على الوضع المالي بخصوص إعاشة الأسود التي تأكل اللحوم
الظروف الاقتصادية العامة في البلاد أثرت على الوضع المالي بخصوص إعاشة الأسود التي تأكل اللحوم

ويعاني أحد هذه الأسود تجفافا وقد كان مقيدا ويتلقى غذاء بالمصل، فيما قطع اللحم كانت متناثرة على الأرض قرب الأقفاص ويحوم حولها الذباب.

وقال أحد أفراد طاقم الحديقة إن التدهور في الوضع العام للمتنزه يؤثر سلبا على صحة الحيوانات.

وأوضح معتز محمود، وهو أحد الحراس، أن هذه الحيوانات تعاني أمراضا خطيرة و“يبدو أنها تعاني سوء تغذية”.

يذكر أنه منذ عقدين لا توجد حديقة حيوانات في الخرطوم بعد أن قام نظام عمر البشير بإزالة واحدة من أكبر وأقدم حدائق الحيوانات في أفريقيا، وحرص رئيس نادي الهلال السوداني، أشرف الكماردينال، على تبني قضية الأسود الجائعة متبرعا بذبح الخراف بشكل يومي للأسود بحديقة القرشي.

ولا يُعرف العدد المحدد للأسود في السودان، غير أن الكثير منها موجود في محمية الدندر الطبيعية عند الحدود مع إثيوبيا.

ويصنف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة الأسود على أنها من الحيوانات المعرضة لخطر الانقراض. وقد تراجعت أعدادها في أفريقيا بنسبة 43 بالمئة بين 1993 و2014 ولم يبق منها سوى 20 ألفا حاليا. وبعد سنة ونيّف على التظاهرات التي أطاحت بالرئيس عمر البشير في  أبريل الماضي، يواجه السودان أزمة اقتصادية مردها، في جزء منها، عقدان من الحصار الأميركي (1997 – 2017) على خلفية دعم الخرطوم المفترض لمجموعات إسلامية متشددة.

20