مكتب قناة العراقية في العاصمة الأردنية.. بين غياب المهنية وطغيان الحالة المزاجية

الكل يعلم أن الإعلام الوطني الرسمي العراقي متمثلا في شبكة الإعلام وتوابعها من وسائل مقروؤة ومسموعة ومرئية، يهدف إلى متابعة الأحداث المهمة وتغطية النشاطات الإبداعية التي تعكس صورة الوطن ونهوضه في كافة الميادين ويرصد الجوانب المشرقة لما ينجزه المواطن العراقي بمختلف قطاعاته وهو أحد السبل لتدعيم العملية التنموية المستدامة والأخذ بها نحو التطور الأفضل، وبما يواكب مستجدات العصر ومتغيراته.
ووفق هذا المنظور فإن شبكة الإعلام العراقي تصبح قناة الشعب وإنجازاته وحتى دعمها المادي وارتباطها يتمان من قبل مجلس النواب باعتباره ممثلا للشعب، وإزاء هذا يكون أي نشاط إبداعي وثقافي يقوم به المواطن العراقي هو إضافة ينبغي أن تبرز وتُقدّم عبر وسائل إعلام الشبكة ومنها قناة العراقية.
لكن ما حدث يوم 7 يونيو 2024 من قبل مديرة قناة العراقية في عمان السيدة هبة السوداني هو فعل غريب حقا، حيث كان هناك نشاط مميز لجلسة علمية في مجال التأليف الموسيقي شاركت فيه نخبة من أساطين الموسيقى العراقية بين أساتذة ونقاد وفنانين.
وقد كان مكان انعقاد الجلسة في نفس المبنى الذي تتواجد فيه شبكة الإعلام العراقي في منطقة الصويفية في قاعة مجلس الأعمال العراقي بمدينة عمان الأردنية وتغطية النشاط لا يكلف المصور سوى بضعة خطوات وقد حضرت الأمسية العلمية بعض القنوات العراقية والعربية وأسماء إعلامية مرموقة ولكن استغربنا غياب القناة العراقية وهي الأقرب إلينا بعد أن تمت دعوتها والاتفاق على تغطية الحدث قبل أسبوع من الموعد.
وتم إرسال الدعوة الخاصة لمديرة المكتب بعد أن طلبت ذلك مني شخصيا أثناء المكالمة الهاتفية بيننا، لكن ما حصل في اليوم التالي بعد المناقشة واستغرابنا لعدم حضور كادر العراقية، جعلني اتصل بالسيدة هبة السوداني لأستفسر عن سر الغياب وأن العراقية كانت الأولى بتغطية مثل هكذا نشاطات ثقافية تجري خارج الوطن.
لكن فوجئت برد المديرة وبطريقة كلامها التي كانت تخلو من اللياقة وبنبرة عصبية منفعلة وما يوحي من كلامها وكأن القناة ملكا خاصا لها وهي من تقرر وفق مزاجها أن تختار هذا الحدث أو ذاك، ويبدو أنها تجهل موضوع النشاط وحجم أهميته ومستوى المشاركين فيه وهم ثلة من المبدعين العراقيين الذين قدموا للوطن إنجازات ومساهمات عديدة من بينهم الفنان د.حسين الأعظمي مطرب المقام المعروف، والدكتور حبيب ظاهر العباس عضو اللجنة الوطنية للموسيقى وعضو المجمع العربي للموسيقى ود.حسين الأنصاري عميد كلية الفنون في الجامعة العربية لشمال أميركا وهو ناقد وباحث معروف ود.صبحي الشرقاوي الأستاذ والباحث في الجامعة الأردنية والدكتور هيثم شعوبي ود.محمد حسين كمر رئيس مؤسسة المقام العراقي إضافة إلى الفنان القدير والباحث أو المؤلف الموسيقى العراقي خالد محمد علي صاحب الأطروحة الإبداعية والإضافة التجديدية للموسيقى العربية.
واجتمع هؤلاء النخبة لمناقشتها وتقييمها علميا لتكون إضافة علمية وأكاديمية تعزز مكانة الثقافة العراقية عبر موسيقانا الوطنية، والشيء الذي يحز في نفوسنا هو أن يتبوأ بعض مواقع الإعلام من لا يفقهون طبيعة الإعلام وأهميته وكيفية العمل فيه حيث جاءت بهم الصدفة أو العلاقات التي باتت تتحكم في تسيير أمور الوطن وتضع من لا يناسب في المكان غير المناسب. وبالتالي يكون الخاسر الأكبر هو الوطن والشعب صاحب المصلحة الأساس وهو المفروض من يقرر ويختار من يكون في مواقع إدارة مفاصل الدولة كي لا يستمر الحال على ما هو عليه وتتفاقم الهوة أكثر نحو هاوية الضياع والتراجع والخسارات وتراكم الأزمات التي تخلق لدى الشعب حالة من اليأس والإحباط.
أضع هذا السلوك غير المهني لمديرة مكتب قناة العراقية في عمان التي لها مواقف مشابهة مع أطراف عراقية أخرى أمام أنظار المسؤولين في إدارة شبكة الإعلام العراقي والجهات المعنية في الحكومة والبرلمان لكي لا يتم استغلال الموقع للتحكم المزاجي بقدر ما تكون مصلحة الوطن والحرص على إعلاء شأنه في المقام الأول وأن يرقى إعلامنا إلى مصاف المهنية وتظل سمته الروح الوطنية.