مكافحة كورونا تعني لبعض الدول الحجر على الديمقراطية

ستوكهولم – حذّرت أكثر من 500 شخصية ومنظمة في مختلف أنحاء العالم من التهديد التي تمثله بعض الحكومات خلال الأزمة الصحية المرتبطة بفايروس كورونا المستجد والذي يهدف إلى تعريض الديمقراطية للخطر، في رسالة مفتوحة نشرت الخميس.
ومن بين موقّعي هذه الرسالة التي أطلقت بمبادرة من المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية في ستوكهولم، حائزة جائزة نوبل للآداب عام 2015 سفيتلانا أليكسيفيتش، والكاتب الفرنسي برنار هنري ليفي، والممثل الأميركي ريتشارد غير، وحائز جائزة نوبل للسلام 1983 والرئيس البولندي السابق ليك فاليسا، ووزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين ألبرايت.
ومن دون تسمية أي بلد، أدانوا في الرسالة “الأنظمة الاستبدادية التي تستغل هذه الأزمة (…) لإسكات المنتقدين وإحكام قبضتها السياسية”. وقالوا إن “الديمقراطية في خطر (…). حرية الناس وصحتهم وكرامتهم على المحك في أنحاء العالم”. واعتبر الأمين العام للمعهد كيفن كاساس – زامورا أنه “مثلما كانت للوباء عواقب اقتصادية واجتماعية وخيمة، فمن المحتمل جدا أن تكون له عواقب سياسية جسيمة جدا”. وبالنسبة إليه، إذا كانت سلطات الطوارئ “جزءا مشروعا من ترسانة” الحكومات الديمقراطية لمواجهة الظروف الاستثنائية، فيجب أن تبقى ممارستها “متناسبة مع حالة الطوارئ”.
أما بالنسبة إلى فرض إجراءات صارمة مثل الحجر وتقييد بعض التحركات، فإن كيفن يرى أنه لا يزال من الصعب تقييم الإستراتيجية التي كانت الأكثر فعالية.
وقال “هناك فرصة أفضل لإيجاد التوازن الصحيح إذا كنت قادرا على تجربة سياساتك العامة وتصحيحها وتعديلها”. واكتُشف فايروس كورونا المستجد الذي يسبب المرض لأول مرة في مدينة ووهان بوسط الصين في ديسمبر وانتشر بعد ذلك في أنحاء العالم مما دفع دولا في أوروبا وآسيا والأميركتين وأفريقيا لاتخاذ إجراءات، وقيد الكثير منها حرية الحركة وحرية التعبير والتجمع وحقوقا مدنية أخرى. وأكد حوالي 500 من الموقعين، ومن بينهم أكثر من 60 زعيما سابقا، في خطاب مفتوح أن “النظم الاستبدادية تستغل الأزمات وهو أمر غير مفاجئ، لإسكات المنتقدين وإحكام قبضتها السياسية. بل إن بعض الحكومات المنتخبة ديمقراطيا تكافح الجائحة من خلال حشد سلطات طوارئ تقيد حقوق الإنسان وتزيد مراقبة الدولة دون اعتبار للقيود القانونية والإشراف البرلماني”.
وبين المركز الدولي للقانون الذي مقره الولايات المتحدة أن أكثر من 80 دولة اتخذت إجراءات طوارئ تتراوح من حظر التجوال وتغريم مَن ينتهكون القواعد إلى المراقبة الإضافية والرقابة وزيادة السلطات التنفيذية.
واستنتج الأمين العام لمعهد الديمقراطية والمساعدة الانتخابية أن النتيجة العامة هي تقليص المعايير الديمقراطية، وهو ما يحمل في طياته تداعيات على الحرية السياسية وكذلك على قدرة الحكومات على معالجة الأزمة والطوارئ الصحية في المستقبل.
ومن بين الدول التي ذكر أنها اتخذت إجراءات استبدادية أو قصرت في ما يتعلق بالمحاسبة الفلبين والمجر والسلفادور وتركيا. وقال كيفين كاساس زامورا نائب رئيس كوستاريكا سابقا “هناك مبررات مشروعة للجوء إلى سلطات الطوارئ. لكن الإشكالية تكون دائما عندما تستخدم حكومة ما سلطات الطوارئ لقمع الإعلام المستقل والحقوق الأساسية الأخرى”.
ويرى الموقعون، ومن بينهم رئيس البرازيل السابق فرناندو إنريكي كاردوسو وحاكم ولاية فلوريدا الأميركية السابق جيب بوش، أن أحد بواعث القلق الرئيسية هو أن يبدأ المواطنون في قبول المزيد من السلوك الاستبدادي. وخلص هوؤلاء إلى أن “الديمقراطية تحت التهديد، وعلى المهتمين بها أن يستجمعوا الإرادة والانضباط والتضامن للدفاع عنها. الخطر يحدق بحرية الناس وصحتهم وكرامتهم في كل مكان”.