مطرقة البرلمان العراقي.. هل تُستبدل؟

صراع من أجل الوجود السياسي بين طرفين كل طرف منهما يمتلك المال والسلاح السياسي وربما الدعم الخارجي أيضا، لكن حلبة السباق بانتظار أن تُعلن الفائز عن جولات الصراع تلك.
الخميس 2023/04/06
مساع لإستبعاد الحلبوسي

استراحة لمدة أسبوعين لم تكن سوى استنكار مبطن لنقض الاتفاقات من قبل الشركاء، إجازة منحها لنفسه رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي بعد الاتفاق النيابي على تمرير قانون سانت ليغو الانتخابي الذي كان مطلب المكون الشيعي، في حين انتظر الحلبوسي الذي يدّعي، أو هكذا يعتقد، بقيادته للمكون السني إكمال شروط بقية الاتفاق السياسي الذي وافق بموجبه النواب السنة على تمرير صفقة القانون الانتخابي مقابل عودة النازحين إلى مناطقهم في مدة أقصاها ستة أشهر من ضمنها منطقة جرف الصخر، التي ترفض فصائل مسلحة تسليمها لسكانها بحجة عودة الإرهاب إلى تلك المناطق، وكذلك ما يُطالب به المكون من إنهاء هيئة المساءلة والعدالة، التي تختص بمحاسبة البعثيين وقضية المبالغ المالية المخصصة من الموازنة للمناطق المحررة مع إيجاد حلول لقضايا كشف مصير المغيبين من المكون.

أما بالنسبة إلى المكون الكردي فلا تزال قضية كركوك وإدارتها موضوع جدل مع حكومة بغداد، خصوصا عند انتقال تلك الإدارة إلى الحكومة الاتحادية بعد الاستفتاء الذي أجراه الإقليم للانفصال عن العراق في 25 سبتمبر/ أيلول 2017، وفشل ذلك الاستفتاء ومحاولات إعادة كركوك إلى النفوذ الكردي

المواطن يعتقد أن كل ما يجري يدخل من باب المزايدات السياسية التي حفظ دروسها جيدا واستوعبها وبات يفهمها أكثر من السياسيين أنفسهم

شروط واتفاقات لن يتحقق من وعودها الكثير وربما تفضي إلى انسدادات وانغلاق تام في العملية السياسية، فيما لو تم تنفيذها بالشروط التي يرغب أصحابها بتنفيذها.

التلويح ببديل رئيس البرلمان هو ما يلوح في الأفق، خصوصا مع محاولات رئيس السلطة التشريعية تأخير إقرار الموازنة العامة المطروحة على أدراج البرلمان لزمن غير محدد بعد الإجازة التي منحها لنفسه، وما يتسرب من مصادر سياسية حول التلويح بعدم حضور النواب السنة إلى جلسات البرلمان للتصويت على إقرار الموازنة.

محاولات الصلح التي تبنّاها بعض السياسيين في جلسة جمعت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع الحلبوسي انتهت إلى عدم اتفاق الطرفين أو عدم التوصل إلى نتائج ترضي الطرفين.

الفصائل المسلحة لم تخف رغبتها بإبعاد الحلبوسي عن كرسي السلطة التشريعية، حين اشتعلت بين الطرفين حرب التغريدات بين المسؤول الأمني لكتائب حزب الله العراقي أبوعلي العسكري والحلبوسي، ووصلت إلى التهديدات المتبادلة بين الطرفين حين غرد العسكري “سنقف مع من يشكو ظلم واعتداء البهلوان وأعوانه”، في إشارة إلى الحلبوسي، “ونساند تلك المظلومية ونوصلها إلى الدوائر القضائية المختصة بمساعدة مقر ممثلية كتائب حزب الله في الرمادي ومقرات الحزب الأخرى في الحبانية والقائم”، في حين كان رد الحلبوسي في تغريدته “سنبقى نلاحق المجرمين والقتلة الذين غيّبوا الأبرياء في الرزازة والصقلاوية بالأنبار”، حيث اختتم تغريدته بكلمات ثقيلة على أسماع الآخرين “جرائمكم لن تُغتفر، ومصيركم المثول أمام القانون محليا ودوليا، وتأكدوا أنكم لن تفلتوا من عدالة الخالق”.

هو صراع من أجل الوجود السياسي بين طرفين، كل منهما يمتلك المال والسلاح السياسي وربما الدعم الخارجي، لكن حلبة السباق بانتظار أن تُعلن الفائز عن جولات الصراع تلك.

تنفيذ شروط الاتفاق السياسي بين زعامات المكونات العراقية هو مهمة صعبة التنفيذ، خصوصا أنها تلامس مناطق النفوذ السياسي وأحجام السلطة وقوة التأثير بالقرار.

من ينتصر الحلبوسي أم الإطار التنسيقي، خصوصا مع التلويح بوجود البديل؟ أم هناك جولات للصلح؟ كل شيء متوقع في العراق

بعد أكثر من خمسة أشهر على تشكيل حكومة الإطار التنسيقي برئاسة السوداني يجد ائتلاف الدولة، الذي تشكل من تحالف الإطار التنسيقي والسيادة بقيادة الحلبوسي وحليفه خميس الخنجر، نفسه أمام امتحان النازحين، إذ غرد الخنجر مؤخرا بصلاة النازحين في بيوتهم عن قريب، مما اعتبره البعض من قادة الفصائل أنه تلميح إلى عودة النازحين بجرف الصخر الذي لا تقبل التنازل عنه.

والحليف الأخير في الائتلاف هو الزعيم الكردي مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يواجه أزمة وضغوطا من قبل شريكه حزب بافل طالباني.

إلى أين يسير العراق؟ بالتأكيد إلى المجهول، فما زال العالم بانتظار الاتفاق السعودي – الإيراني والنتائج التي سيفضي إليها ذلك الاتفاق التي ربما تكون التخلي عن الفصائل أو تقديمها أكباش فداء، لكن مصادر سياسية تؤكد أن زيارة إسماعيل قاآني الأخيرة إلى بغداد كانت للطمأنة بأن التحالف بين إيران وأذرعها قائم لن يتغير.

يبقى القرار الأميركي، ورأي إلينا رومانسكي سفيرة أميركا في بغداد، هو النافذ، والذي يفرض طاعته على الجميع.

من ينتصر الحلبوسي أم الإطار التنسيقي، خصوصا مع التلويح بوجود البديل؟ أم هناك جولات للصلح؟ كل شيء متوقع في العراق، لكن المؤكد أن بوادر أزمة جديدة بدأت تلوح في الأفق، ربما يكون أبطالها من الداخل تُحركهم أصابع من الخارج.

يعتقد المواطن أن كل ما يجري يدخل من باب المزايدات السياسية التي حفظ دروسها جيدا واستوعبها وبات يفهمها أكثر من السياسيين أنفسهم.

8