مصريات يتمردن على العادات بجلسات تصوير في الأماكن العامة

القاهرة – تعتبر ظاهرة جلسات تصوير الفتيات “الفوتوسيشن” من الظواهر الشائكة التي انتشرت مؤخرا في الشارع المصري، ويحيط بها التباس بسبب اختلاف توجهات وأغراض عناصرها، المصور الفوتوغرافي والفتاة والمتلقي؛ يراها الأول والثانية تمردا على عادات وتقاليد بالية، بينما تتراوح رؤية الأخير بين البحث عن الشهرة وتقديم أفكار لا تتناسب مع تقاليد المجتمع.
تعددت أفكار جلسات التصوير، منها ما يتعلق براقصات باليه في شوارع القاهرة، أو بفتيات يتجولن وهن يرتدين فساتين قصيرة، ومؤخرا ذاع صيت فتاة تؤدي حركات رياضية في إحدى محطات مترو أنفاق القاهرة، وفي شوارع وحدائق متفرقة، وأطلق عليها اسم “فتاة الجمباز”.
قام مصور فوتوغرافي يدعى علي أشرف بنشر صور على فيسبوك لفتاة الجمباز ملك الناجي، كان صورها أثناء أدائها بعض الحركات داخل إحدى محطات مترو الأنفاق، وفي أماكن أخرى مختلفة، بعد إقناعها بتلك الخطوة، ورسم سيناريو للتصوير، غير أن النتيجة جاءت عكس المتوقع، ولاقت الفتاة هجوما ممن شاهدوا صورها، بزعم أن حجابها يتعارض مع رياضة الجمباز، ورفض آخرون فكرة أن تطلق فتاة العنان لجسدها حتى يؤدي حركات استعراضية أمام المارة.
وتحدث المصور لـ”العرب”، حول الخطة التي وضعها لتصوير الناجي قائلا “قررت أن يكون التصوير في الصباح الباكر، قبل ازدحام الشوارع، كي لا تتعرض الفتاة لأي مضايقات.. وفي يوم التصوير وفي محطة مترو أنفاق (العتبة) بالقاهرة كان موعد اللقاء، وجهّزت الكاميرا بينما بدأت ملك تؤدي حركة استعراضية بدق رأسها في الأرض ورفع قدميها إلى أعلى وفتحهما، كانت تلك اللقطة سببا في الهجوم على الفتاة، ما وضعها تحت ضغط نفسي دفعها إلى الانزواء”.
انهزمت رغبة الناجي وأشرف في نشر ثقافة مّا أمام عادات مجتمعية، بل توارت الفتاة خجلا، ويرى البعض أن هذه الأفكار الصادمة تكشف حالة اشتباك بفعل تيارات اتخذت الدين ستارا لغرز مفاهيم خاطئة عن المرأة. الأفكار التي يبتكرها الشباب للقفز على الحواجز المستبدة ضد المرأة، يراها استشاري الطب النفسي الدكتور جمال فرويز غير قادرة على التغيير، بل سيتعرض أصحابها لعنف يكشف عن الانحدار الأخلاقي، ولا ينفي فرويز نية أصحاب تلك الأفكار الغريبة في إثارة الجدل ولفت الانتباه رغبة في الشهرة، لا سيما أنها تؤجج المشاعر السلبية ضد الفتيات.
لم تكن فتاة الجمبار صاحبة أول جلسة تصوير من هذا النوع، ففي عام 2016 ابتكرت هادية عبدالفتاح -حقوقية في مجال المرأة- فكرة مبادرة “فستان زمان والشارع كان أمان”، بالتعاون مع المصور الشاب جهاد سعد، وتهدف المبادرة إلى مقاومة العنف ضد المرأة، خاصة التحرش.
كانت المبادرة غير مألوفة بل وصادمة، فقد قاموا بتصوير مجموعة من الفتيات وهن يتجولن في شوارع وسط القاهرة مرتديات فساتين قصيرة تعود تصميماتها إلى سنوات مضت، في محاولة لكسر الأفكار المسيطرة على المجتمع التي تتهم النساء بأنهن أحد أسباب حوادث التحرش بسبب ملابسهن.
غير أن عبدالفتاح أرادت من تجربتها إثبات أن النساء في عهود سابقة كن يرتدين الفساتين القصيرة دون أن يتحرش بهن أحد، قائلة لـ”العرب” “رسالتي لم تؤد الغرض، والناس علقوا على الفساتين وتغزلوا بأجساد الفتيات، تعبيرا عن رفض هذه الملابس”، لافتة إلى أن هناك من اتهمها بالدعوة إلى الانحلال، وأثبتت التجربة أن النتيجة واحدة بالهجوم الحاد على أصحاب الأفكار التي يترجمها المتلقي، عكس الغرض المطلوب.