مصالح بايدن والديمقراطيين وراء الانتقادات الحادة لأوبك+

واشنطن - أثار الهجوم الإعلامي والرسمي الأميركي على قرار تحالف أوبك+ بقيادة السعودية خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا، اعتبارا من نوفمبر المقبل، علامات استفهام واستغرابا من جانب المنتجين والمستهلكين معا.
مردّ علامات الاستفهام يعود إلى أن هذا الخفض ليس الأول الذي ينفذه التحالف، والذي تأسس نهاية 2016، ولن يكون الأخير، خاصة بعد إعلان تمديد الاتفاق حتى نهاية 2023.
وبعد قرابة أسبوعين على قرار التحالف ما يزال البيت الأبيض ووسائل إعلام أميركية تنتقده، وتتهم السعودية بالانحياز إلى روسيا.
والأحد كرّر مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان عبر محطة “سي.إن.إن” أن جو بايدن “قال إنه سيعيد تقييم علاقاتنا مع السعودية لأنها وقفت إلى جانب روسيا ضد مصالح الشعب الأميركي”.
في المقابل، تصر السعودية ومن خلفها أعضاء التحالف الآخرون، إلى جانب مستهلكين آخرين مثل مصر، على أن القرار فني بحت، ولا علاقة له بأي خلفيات سياسية.
وحظيت المملكة بتضامن عدد من الدول العربية في مواجهة اتهامات وتحذيرات واشنطن.
واليوم تواجه سوق الطاقة العالمية مؤشرات على تراجع الطلب القادمة من الصين، بسبب ظهور إصابات جديدة بفايروس كورونا، وأسباب عالمية مرتبطة بمخاوف الركود في الولايات المتحدة وأوروبا.
لكن، ما السر وراء هذا الانتقاد الأميركي إلى جانب الديمقراطيين، ووسائل إعلام مؤيدة للحزب الديمقراطي؟
وجاء قرار أوبك قبل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي في الثامن من نوفمبر المقبل، وربما يخسر الحزب الديمقراطي (حزب جو بايدن) أحد مجلسي الكونغرس، ومن المرجح أن تتضرر حظوظ الديمقراطيين الانتخابية جراء ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في وقت يتفشى فيه التضخم بالولايات المتحدة.
وتظهر تصريحات لوزارة الخارجية السعودية، نشرت تفاصيلها قناة العربية التابعة للمملكة الخميس الماضي، أن كتابا وجه إليها من الولايات المتحدة، قبل اتفاق تحالف أوبك+ يطلب تأجيل خفض الإنتاج شهرا واحدا، أي بعد نهاية نوفمبر المقبل. والسبب في ذلك أن الديمقراطيين يبحثون عن أرضية مناسبة للفوز بالانتخابات.
وشهد التضخم في الولايات المتحدة هذا العام أعلى مستوياته منذ 4 عقود، وبالتحديد منذ نوفمبر 1981، بحسب بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي.
وحتى اليوم، تسجل الأسعار ارتفاعات كبيرة أرهقت جيوب المستهلكين الأميركيين، وهو ما قد يلقي بظلاله السلبية على صناديق الاقتراع، حيث يحاول الديمقراطيون الحفاظ على سيطرتهم في الانتخابات النصفية.
بمعنى آخر، تريد واشنطن شراء شهر هام بالنسبة إليها من تحالف أوبك+ لتحقيق هدف خاص يتمثل بعدم رفع أسعار الوقود في السوق الأميركية في شهر الانتخابات.
وفي حال فوز الديمقراطيين بالانتخابات النصفية، فلا يتوقع أن يشهد تحالف أوبك+ كل هذا الانتقاد الذي تعرض له، بحسب خبراء في أسواق النفط بالشرق الأوسط.
ومنذ بداية أكتوبر الجاري عادت أسعار الوقود للارتفاع في السوق الأميركية، بعد تراجع خلال الشهور الثلاثة الماضية، وهو ارتفاع يأتي على الرغم من استمرار مواصلة واشنطن ضخ كميات من الاحتياطي الإستراتيجي للخام داخل الأسواق.
وتواجه السوق الأميركية تراجعا في عمليات إنتاج النفط، بسبب هبوط حجم الاستثمارات في الطاقة الأحفورية، بسبب إيمان المستثمرين بأن مستقبل هذا النوع من الاستثمار لن يكون طويل المدى مع نمو الطاقة المتجددة.
المسألة الثانية، أن السوق الأميركية تواجه ضعفا في الاستثمارات الجديدة في طاقة التكرير وتوفير كميات كافية من المشتقات، ما يعني أن أزمة ارتفاع أسعار الطاقة في الولايات المتحدة، هي داخلية بالمقام الأول.
والولايات المتحدة، هي أكبر منتج للنفط الخام في العالم بمتوسط يومي 11.8 مليون برميل، وهي كذلك أكبر مستهلك له بمتوسط يومي 17 مليون برميل.
ولم تنس الأسواق العالمية بعد، إنقاذ تحالف أوبك+ للنفط الخام الأميركي في أبريل 2020، عندما بلغ سعر برميل النفط (سالب 40 دولارا)، قبل أن يسارع التحالف ويعلن اتفاقا جديدا لخفض الإنتاج بدأ تنفيذه في مايو 2020.
حينها، قدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب شكره للسعودية وروسيا اللتين قادتا الاتفاق لخفض إنتاج أعضاء التحالف بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا، صعدت على إثره أسعار الخام مجددا.