مشروع "ويمبلي الشمال" يصطدم بثقل الديون وتقهقر الشياطين الحمر

بناء المعقل الجديد بوابة مانشستر يونايتد لرفع سقف طموحاته.
الأحد 2025/03/16
معقل جدي لتجديد الهيبة

يسعى نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي لبناء أعظم ملعب في العالم. كما أنه يريد إنشاء أعظم فريق كرة قدم أيضا. وتأتي الخطط الطموحة لبناء ملعب بقيمة ملياري جنيه إسترليني (2.58 مليار دولار) يتسع لـ100 ألف مقعد في وقت يعاني فيه مانشستر يونايتد من ديون تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، ويخضع لخطوات تقليص التكاليف بشكل صارم لتجنب نفاد الأموال بحلول نهاية العام.

مانشستر (إنجلترا) - قررت إدارة نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي بناء ملعب جديد، أطلقت عليه لقب “ويمبلي الشمال”، الذي سيتّسع لـ100 ألف متفرج، وسيكلف ملياري جنيه إسترليني، بعد نهاية حقبة ملعب “أولد ترافورد” التاريخي، الذي ارتبط بـ“الشياطين الحُمر” خلال السنوات الماضية.

وذكرت صحيفة ذا صن البريطانية، الثلاثاء، أن السير جيم راتكليف، أحد مالكي نادي مانشستر يونايتد، قال إن الملعب الجديد، سيكون ضمن رؤية شاملة، من أجل تطوير منطقة أولد ترافورد، إذ سيصبح ثاني أكبر ملعب لكرة القدم في القارة الأوروبية، بعد “كامب نو”، الذي يعمل على إعادة بنائه فريق برشلونة الإسباني.

المجمع الجديد الخاص بنادي مانشستر يونايتد سيضم مركزاً رئيساً للنقل، بالإضافة إلى أماكن مخصصة للرياضة والتعليم والترفيه والأعمال، فيما ستكون المزايا المجتمعية الأخرى أكثر من 17000 منزل جديد، بالإضافة إلى جذب 1.8 مليون زائر إضافي سنوياً، بعدما وضعت خطة لإعادة تشكيل المنطقة من شأنها أن تخلق أكثر من 92000 فرصة عمل.

الوضع على أرض الملعب أيضا في غاية الصعوبة. الفريق الذي فاز بالدوري الإنجليزي 20 مرة يتخبط في النصف الأسفل من جدول الدوري الممتاز، على الرغم من إنفاقه حوالي ملياري دولار على اللاعبين خلال الـ12 عاما منذ آخر مرة فاز فيها باللقب. وقال عمر برادة الرئيس التنفيذي لمانشستر يونايتد “هدفنا الرئيسي هو أن نعيد فرقنا للانتصارات، وأن نجعل فريق الرجال ينافس على كافة الألقاب بشكل دائم. لن ننحرف عن هذا الهدف.”

وجاء آخر لقب لأرسنال في نفس العام الذي بدأ فيه البناء على أرضه الجديدة، ملعب الإمارات في صيف 2004. وفي الأعوام التالية، شهد الفريق رحيل عدد كبير من اللاعبين الذي كان يوصف بأنه “لا يقهر”، والذي كان يضم تيري هنري، وعانى من صعوبة في التنافس مع منافسيه لشراء أفضل اللاعبين. وانتقل أرسنال لملعب الإمارات في 2006 ولا يزال الفريق ينتظر لتحقيق لقبه الأول على ملعبه.

وسيبدأ يونايتد من نقطة أقل بكثير مما بدأ أرسنال، حيث يحتل الفريق الذي يدربه روبن أموريم، المركز الرابع عشر في الترتيب، ومن المحتمل أن يسجل أسوأ مركز له في الدوري الإنجليزي الممتاز. فالتشكيلة التي ورثها أموريم عن المدرب السابق إريك تين هاغ تبدو غير مؤهلة للعب وفقا لنظامه، ومن المحتمل أن يتطلب الأمر إعادة هيكلة للفريق بنهاية الموسم. وبعد إنفاق 500 مليون جنيه إسترليني على اللاعبين (646 مليون دولار) على مدار السنوات الثلاث الماضية، يواجه النادي صعوبة في توفير المال في وقت تم تحذير النادي فيه من مخاطر انتهاك قواعد الربح والاستدامة الخاصة بالرابطة، والتي قد تؤدي إلى خصم نقاط.

التعاقدات الجديدة

◙ جنود الخفاء
◙ جنود الخفاء

وقال عمر برادة الرئيس التنفيذي لنادي مانشستر يونايتد إن هناك مخاطر من أن يؤثر استثمار النادي في ملعب جديد بقيمة ملياري جنيه إسترليني (2.58 مليار دولار) على الإنفاق على الفريق وعلى قدرته التنافسية في السنوات الخمس المقبلة.

وأضاف برادة بالقول للصحافيين خلال الكشف عن التصاميم المبدئية للملعب الجديد “إنها مخاطرة. ومن الواضح أنها شيء نريد تجنبه. لا نريد أن نحد من قدرتنا على الاستثمار في الفريق، حتى نتمكن من مواصلة المنافسة بينما نقوم ببناء ملعب جديد.” وتابع برادة أن النادي سيبذل قصارى جهده للبقاء قادرا على المنافسة خلال الفترة المطلوبة لبناء ملعبه الذي يسع لـ100 ألف متفرج وسيكون الأكبر في بريطانيا وسيقام إلى جوار ملعبه الحالي أولد ترافورد. وأضاف “هناك طرق مختلفة للتعامل مع ذلك. أحد الأشياء التي ننظر فيها هو تقليص الفترة الزمنية للبناء حتى نتمكن من بناء ملعب جديد في غضون خمس سنوات، وهذا هو طموحنا.”

◙ عمر برادة الرئيس التنفيذي لنادي مانشستر يونايتد قال إن هناك مخاطر من أن يؤثر استثمار النادي في ملعب جديد على الإنفاق

من غير الواضح كيف ستتطور هذه الأمور في ما يتعلق بإستراتيجية التعاقدات الجديدة في مانشستر يونايتد، ولكن على الأقل في المدى القصير، يبدو من غير المحتمل أن يتواجد الفريق في السوق لجلب أفضل اللاعبين. مشكلة مانشستر يونايتد منذ اعتزال المدرب السابق أليكس فيرغسون في 2013، هي إنفاق الكثير من الأموال على لاعبين لا يقدمون العروض المنتظرة منهم. وأحدث الأمثلة سيكون أنتوني، وجادون سانشو، اللذين تم التعاقد معهما مقابل مبلغ يصل إلى 155 مليون جنيه إسترليني (200 مليون دولار) وحاليا هما يلعبان خارج النادي على سبيل الإعارة.

وكان جيم راتكليف، المالك المشارك للنادي، انتقد أعمال النادي عندما قال في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) خلال الأيام الماضية إن بعض اللاعبين “ليسوا جيدين بما فيه الكفاية وربما يتقاضون رواتب مرتفعة.” وكانت عملية التعاقد مع لاعبين مشكلة مستمرة تحت سلسلة من المدربين منذ فترة رحيل فيرغسون. وقد يضطر مانشستر يونايتد إلى اعتماد إستراتيجية فريق مثل برايتون، الذي أصبح خبيرا في تحديد اللاعبين الصاعدين قبل بيعهم لتحقيق أرباح كبيرة. فمع وجود أموال أقل للإنفاق مقارنة بمن سبقوه، سيتعين على أموريم أن يكون ذكيا في صفقاته، وهناك بالفعل أمثلة على مانشستر يونايتد وهو يستثمر في المواهب الصاعدة.

وتم التعاقد مع شيدو أوبي وأيدين هفين بعد أن تم تطويرهما من قبل أكاديمية أرسنال كما أن باتريك دورجو (20 عاما) كلف النادي مبلغا منخفضا نسبيا قدره 32.6 مليون دولار عند انتقاله من ليتشي في يناير الماضي. ولكن، ما إذا كان هذا كافيا لبناء فريق قادر على تحدي ليفربول ومانشستر سيتي فهو أمر آخر. وهيمن مانشستر سيتي على كرة القدم الإنجليزية منذ أن سمح دعم العائلة المالكة في أبوظبي بإنفاق مبالغ باهظة على البعض من أفضل اللاعبين في العالم مثل إيرلينغ هالاند وكيفن دي بروين.

تدابير تقليص التكاليف

◙ فرس رهان المستقبل
◙ فرس رهان المستقبل

أما بالنسبة إلى ليفربول فقد قام بصفقات انتقال رائعة وتم الاحتفال بها، ولكن هذه الصفقات كانت مكلفة جدا. فعلى سبيل المثال، دفع النادي مبالغ كبيرة جدا للتعاقد مع لاعبين مثل فيرجيل فان دايك وأليسون بيكر. وبينما لا تضمن الأموال النجاح، كما أثبت مانشستر يونايتد، تهيمن الأندية الأغنى على كرة القدم. ويحتاج مانشستر يونايتد إلى إنفاق أموال بشكل أفضل لتحسين حظه في الملعب، ولكن من المحتمل أنه سيحتاج إلى الإنفاق بشكل كبير أيضا.

في يناير، ذكر مانشستر يونايتد أنه خسر أكثر من 300 مليون جنيه إسترليني (371 مليون دولار) على مدار السنوات الثلاث الماضية. وأظهرت حساباته الأخيرة أنه مدين بمبلغ 650 مليون دولار. وقال راتكليف هذا الأسبوع إن مانشستر يونايتد كان سيفقد أمواله بحلول نهاية العام لو لم تكن هناك تدابير لتقليص التكاليف تم تنفيذها.

◙ جيم راتكليف، أحد مالكي نادي المان يونايتد، قال إن الملعب الجديد، سيكون ضمن رؤية شاملة، من أجل تطوير منطقة أولد ترافورد

وشملت هذه التدابير تقليص الوظائف بما يصل إلى 450 وظيفة. حتى فيرغسون لم يكن بعيدا عن محاولات مانشستر يونايتد للسيطرة على أوضاعه المالية، حيث سيتم إنهاء دوره كسفير للنادي في نهاية الموسم. وبالإضافة إلى ذلك، رفع مانشستر يونايتد أسعار تذاكره الأقل تكلفة إلى 66 جنيها إسترلينيا (81 دولارا) خلال الموسم، بعد أن كانت 40 جنيها إسترلينيا (49 دولارا).

وقال براده “هدفنا هو أن نصبح أكثر ناد يحقق أرباحا في العامين المقبلين. بمجرد أن تتحقق الأرباح، يصبح كل شيء آخر أكثر قابلية للإدارة، وهذا سيمكننا أيضا من الاستثمار في المستقبل، وهو ما يهدف إليه هذا الملعب.”

وفشل يونايتد المستمر في الملعب لا يساعده في تحسين وضعه. فالفشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا يكلف حوالي 50 مليون دولار من الإيرادات مقارنة بالدوري الأوروبي (المستوى الثاني)، بالإضافة إلى عشرات الملايين الأخرى في مكافآت الرعاة غير المدفوعة. كما أن

الفشل في التأهل لأيّ مسابقة أوروبية يكلف حوالي 100 مليون دولار. ومن الممكن أن يتم الانتهاء من بناء الملعب الجديد بحلول موسم 2030 – 2031. ويقول راتكليف إن مانشستر يونايتد يحتاج إلى ملعب يتناسب مع مكانته كواحد من أكثر الفرق شعبية في العالم. ولكن مع مراقبة الأمور المالية عن كثب، هل سيتمكن مانشستر يونايتد من بناء فريق يليق بالملعب؟

تغيير رأي

◙ أرقام مبعثرة
◙ أرقام مبعثرة

 قال روبن أموريم، المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد، إن المسؤولية تقع على عاتقه وعلى لاعبيه “ذوي الأداء الضعيف” لتغيير رأي السير جيم راتكليف، المالك المشارك للنادي، الذي أبدى عدم رضاه عن مستوى نجوم الفريق هذا الموسم. ويرى المدرب البرتغالي أن بإمكان لاعبي فريقه القيام بذلك، بدءا من الحفاظ على حيوية الموسم الحالي من خلال ضمان التأهل لدور الثمانية ببطولة الدوري الأوروبي لكرة القدم.

وابتعد مانشستر يونايتد مبكرا عن صراع المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، حيث يقبع في المركز الرابع عشر بترتيب المسابقة، كما ودع مبكرا بطولتي كأس الاتحاد الإنجليزي وكأس رابطة الأندية المحترفة، مما يعني أن اجتياز عقبة ريال سوسييداد الإسباني في دور الـ16 للدوري الأوروبي، يعني الحفاظ على آمال الفريق في الفوز بلقب الموسم الحالي.

ويسعى يونايتد للتتويج بالدوري الأوروبي هذا الموسم لضمان المشاركة في البطولات القارية الموسم المقبل، وتعويض الأداء المخيب للفريق في هذا الموسم الباهت، الذي دفع راتكليف للقول خلال الأيام الماضية إن بعض اللاعبين “ليسوا جيدين بما يكفي، وربما يتقاضون رواتب مبالغا فيها.” وعند سؤاله عن تصريحات راتكليف، قال أموريم “أعتقد أنه إذا كنا صادقين في هذه اللحظة، فإن الجميع – أنا وجميع اللاعبين – نقدم أداء ضعيفا هذا الموسم، لذا يمكننا دائما تغيير ذلك.” وأضاف “لذا، فإنني أضع نفسي ضمن فئة الأداء الضعيف. نتحدث عن لاعبين مثل كاسيميرو، على سبيل المثال، فازوا بكل شيء، ونعلم أن هؤلاء النجوم قادرون على اللعب بشكل أفضل بكثير، لذا فإن هذا هو محور تركيزنا.”

وأوضح أموريم في تصريحاته، التي نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) “لقد كان راتكليف صادقا في ذلك، لذا ينصبّ التركيز على تغيير رأيه وتغيير آراء الجميع.” وصرح أموريم بأنه لم تكن هناك أيّ شكاوى من اللاعبين بشأن تصريحات راتكليف، ويتوقع منهم بدلا من ذلك الحصول على رد إيجابي. وشدد مدرب الفريق العريق “أعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة. إذا كنت لاعبا بارزا وتلعب في هذا النادي، وحتى أنا، سيقول الكثيرون إنني لست جيدا بما يكفي للنادي، وأعتقد أنه يمكنك تغيير ذلك بالنتائج.”

16