مشروع الدوري السوبر لن يبصر النور قريبا

المعارضة الصاخبة للبطولة تُنذر بعدم تغيير المشهد الكروي.
السبت 2023/12/23
مأزق كبير

سيكون القرار الصادر عن محكمة العدل الأوروبية غير قادر، على الأقل في المستقبل القريب، على تغيير المشهد الكروي في القارة العجوز في ظل استمرار المعارضة الصاخبة لمشروع الدوري السوبر الأوروبي الانشقاقي عن دوري أبطال أوروبا، لاسيما من مجموعات المشجعين والدوريات والأندية وممثلي اللاعبين.

باريس - قضت محكمة العدل الأوروبية الخميس بأن الإجراءات التي اتخذها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي للعبة (ويفا) بهدف عرقلة إنشاء الدوري السوبر تنتهك قوانين الاتحاد الأوروبي (إي يو).

وإذا كان الموقف الصادر عن ويفا وفيفا متوقعا تماما بما أنهما الطرف الآخر في الصراع، فإن الضغط الذي يفرضه المشجعون بشكل خاص وممثلو اللاعبين والأندية وبدرجة أقل الدوريات، يُنذر بأن مشروع الدوري السوبر لن يبصر النور قريبا.

وأشارت محكمة العدل الأوروبية إلى أن “قواعد فيفا وويفا التي تجعل أي مشروع جديد لكرة القدم بين الأندية يخضع لموافقتهما المسبّقة، مثل الدوري السوبر، وتمنع الأندية واللاعبين من اللعب في تلك المسابقات، غير قانونية”.

وشدّد ملخص الحُكم على أنه لا يعني بالضرورة أنه يجب الترخيص لمشروع الدوري السوبر في الوقت الحالي، بل يعني فقط أن فيفا وويفا “يسيئان استخدام مركزيهما” للهيمنة على سوق كرة القدم.

الجدارة الرياضية

الضغط الذي يفرضه المشجعون بشكل خاص وممثلو اللاعبين والأندية وبدرجة أقل الدوريات، يُنذر بأن مشروع الدوري السوبر لن يبصر النور قريبا

سارع ويفا إلى الرد بأن قرار المحكمة لا يعني تأييد إطلاق المسابقة الجديدة، مضيفا “هذا الحُكم لا يعني الموافقة أو التصديق على ما يسمى ‘الدوري السوبر’، بل يسلّط الضوء على النقص الموجود أصلا في الإطار التفويضي المسبق لويفا، وهو جانب فني تم بالفعل الإقرار به ومعالجته في يونيو 2022 مع إقرار قوانين جديدة”.

والاتحاد القاري محق إلى حد كبير في تقييمه لقرار المحكمة، إذ أن الحكم لم يؤيد الدوري السوبر لأنه اعترف بـ”السياق المحدد لكرة القدم الاحترافية”، مع أهمية “الجدارة الرياضية” و”ضمان مستوى معين من تكافؤ الفرص”، وهي قواعد غير مطبقة في نظام البطولة المغلقة المحددة أطرافها سابقا بغض النظر عن موقعها في دورياتها المحلية.

لكن ذلك لم يمنع شركة “أي 22 سبورتس مانجمانمت” المروجة للدوري السوبر من الكشف بسرعة عن اقتراحها لإقامة مسابقة للرجال تضم 64 فريقا ومقسمة إلى ثلاثة أقسام.

وأفادت بأن المشاركة في هذه الأقسام الثلاثة ستكون “على أساس الجدارة الرياضية”، مع عدم وجود أعضاء دائمين ومع بقاء الأندية ملتزمة بالدوريات المحلية، وفقا لرئيسها التنفيذي بيرند رايخارت.

لكن، وباستثناء ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين اللذين كانا في أساس إطلاق مشروع ضم في بادئ الأمر 12 ناديا عندما كشف عنه في أبريل 2021، ليس واضحا حتى الآن من الذي يدعم هذه الخطة حاليا. وما إن أعلنت محكمة العدل الأوروبية عن قرارها حتى سارعت الأندية إلى مساندة ويفا باعتباره الإطار المنظم للعبة في القارة، بينها تلك غير المقتنعة بالشكل الجديد لدوري أبطال أوروبا الذي سيبدأ العمل به اعتبارا من الموسم المقبل.

إطلاق المشروع أجهض بشكل خاص بسبب معارضة المشجعين الإنجليز الذين أجبروا أندية أرسنال وتشلسي وليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتوتنهام على الانسحاب منه

وكشف ويفا عن النظام الجديد مباشرة بعد إطلاق الدوري السوبر لأول مرة في أبريل 2021، وواجه انتقادات من أطراف عدة لكن هناك شبه إجماع الآن على أن النظام الحالي لكرة القدم الأوروبية، تحت مظلة ويفا، أفضل من أي شيء يروج له القيمون على الدوري السوبر.

وتم استعراض هذه الجبهة الموحدة ضد مشروع الدوري السوبر من خلال مؤتمر صحفي افتراضي استضافه ويفا وضم ممثلين عن رابطة الأندية الأوروبية، ورابطة الدوريات الأوروبية التي تضم أكثر من ألف نادٍ من 31 دولة، والاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو)، وممثلي مجموعات المشجعين.

وقال المدير التنفيذي لرابطة مشجعي كرة القدم في أوروبا رونان إيفاين إن “ريال مدريد وبرشلونة لن ينقذا كرة القدم الأوروبية، ولا يتعين علينا أن ندفع ثمن سوء إدارتهما المالية”، مضيفا “سيكون من الأفضل للجميع أن يستسلم المروجون (للدوري السوبر) الآن”.

ورأى رئيس الاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين دافيد تيرييه أن “اللاعبين قالوا بالفعل إنهم بالإجماع ضد هذا الأمر”.

وأجهض إطلاق المشروع في أبريل بشكل خاص بسبب معارضة المشجعين الإنجليز الذين أجبروا أندية أرسنال وتشلسي وليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد وتوتنهام على الانسحاب منه.

وفي كافة الأحوال لا ترغب رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز في رؤية أنديتها الكبرى تصبح جزءا من بطولة قارية انشقاقية، وقالت الخميس إنها “ملتزمة بالمبادئ الواضحة للمنافسة المفتوحة التي تدعم نجاح المسابقات المحلية والدولية للأندية”.

تحسين قوانيننا

العملاق الألماني بايرن ميونخ يبقى ضد فكرة الدوري السوبر، كما حال باريس سان جرمان برئاسة القطري ناصر الخليفي
العملاق الألماني بايرن ميونخ يبقى ضد فكرة الدوري السوبر، كما حال باريس سان جرمان برئاسة القطري ناصر الخليفي

نشرت الحكومة البريطانية في وقت سابق من هذا العام خطة لإنشاء هيئة تنظيمية مستقلة لكرة القدم تتمتع بصلاحيات لمنع الأندية من الانضمام إلى الدوريات الانفصالية.

وقالت رابطة الدوري الإنجليزي لكرة القدم الخميس إنها بالتنسيق مع الحكومة البريطانية “تواصل رفض” مفهوم الدوري السوبر الأوروبي بعد أن أعلنت الشركة المروّجة عن خطط لإقامة مسابقة منفصلة جديدة.

وأصدر الدوري الإنجليزي بيانا بعد أن قضت محكمة العدل الأوروبية بأن الاتحاد الأوروبي للعبة استخدم إجراءات غير قانونية لمنع المشروع السابق، مُجددا “التزامه بالمبادئ الواضحة للمنافسة المفتوحة”.

وأضاف البيان “الحكم لا يؤيد ما يسمى بالدوري السوبر الأوروبي والدوري الإنجليزي الممتاز يواصل رفض أي مفهوم من هذا القبيل”. وتابع “إن المشجعين لهم أهمية حيوية في اللعبة وقد أوضحوا مرارا وتكرارا معارضتهم للمنافسة المنفصلة” التي تقطع الرابط بين كرة القدم المحلية والأوروبية.

وأردف “يؤكد الدوري الإنجليزي الممتاز التزامه بالمبادئ الواضحة للمنافسة المفتوحة التي تدعم نجاح مسابقات الأندية المحلية والدولية”.

ويبقى العملاق الألماني بايرن ميونخ ضد فكرة الدوري السوبر، كما حال باريس سان جرمان الفرنسي برئاسة القطري ناصر الخليفي الذي يرأس رابطة الأندية الأوروبية. وحتى أتلتيكو مدريد الإسباني الذي كان من بين الأندية الـ12 التي أطلقت المشروع، قال إنه الآن ضد هذه الفكرة.

كل هذا الدعم صب في صالح ويفا ورئيسه السلوفيني ألكسندر تشيفيرين الذي بدا مرتاحا إلى درجة السخرية من ريال مدريد وبرشلونة بقوله الخميس “آمل أن تنطلق بطولتهما الرائعة بمشاركة فريقين”، مضيفا “لن نحاول إيقافهما، يمكنهما إنشاء ما يريدان”.

واعتبر قرار المحكمة “فرصة لتحسين قوانيننا” وأن “المحكمة تقبل أن يحافظ ويفا على دوره كمنظّم”، و”الأهم من ذلك كله أنها لم توافق على الدوري السوبر”.

17