مشاركة المعارضة المصرية في انتخابات الرئاسة أفضل من مقاطعتها

القاهرة - يحتدم النقاش داخل أحزاب المعارضة المصرية حول المشاركة في انتخابات الرئاسة المقبلة من عدمها، وأرسل قادتها إشارات على أن احتمالات المشاركة، ترشيحا وانتخابا، أوفر حظا من مقاطعتها، مع يقين بضعف فرصهم في المنافسة أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، وعدم ثقتهم في توافر ضمانات كافية لنزاهتها.
وكشف رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران عن رغبته والحزب في الدفع به كمرشح في انتخابات الرئاسة المنتظر إجراؤها بداية العام المقبل، وبرر ذلك بالحاجة إلى تقديم بديل، لكنه ربط هذه المشاركة بتحقيق الحد الأدنى من ضمانات النزاهة، لافتا إلى أن حزبه سيحسم موقفه قبل نهاية سبتمبر الجاري.
وأشار قائمون على الحملة الانتخابية للمرشح المحتمل أحمد الطنطاوي إلى تحركهم لتدشين مقرات دعائية في عشر محافظات، وثقتهم في جمع التوكيلات اللازمة لترشحه، والتوجه إلى الهيئة العليا للانتخابات عند فتح باب الترشح بالأوراق المطلوبة. ولدى أحزاب المعارضة المصرية حسابات خاصة من المشاركة في الانتخابات، فليس لها حضور شعبي يمكن الارتكان عليه للضغط على الحكومة، فالسنوات الماضية التي انزوت فيها عن العمل العام، قسرا أو طوعا، جعلتها بعيدة عن الشارع.
وتسعى هذه الأحزاب لتسليط الضوء عليها عقب انطلاق الحوار الوطني، والذي لم يحقق أهدافها كاملة، لكنه أتاح لها فرصة للحركة السياسية غابت عنها، حيث تدرك أن مقاطعتها أو عدم تفاعلها يضرها أكثر مما يضر السلطة الحاكمة. وتستهدف الأحزاب المنضوية داخل الحركة المدنية الديمقراطية المعارضة، وتضم 12 حزبًا وشخصيات سياسية عديدة، الضغط على النظام المصري حال حدوث تغيرات إيجابية تطرأ على المشهد الانتخابي المقبل.
وقال حسام علي عضو كتلة الحوار، وهي تحالف سياسي انبثق عن الحوار الوطني وقريب من المعارضة، إن أحزاب المعارضة لديها رؤى مختلفة بشأن المشاركة في انتخابات الرئاسة، والاتجاه العام يميل إلى الاشتباك مع الحالة السياسية المستحدثة بعد أن لمست المعارضة تغييرا نسبيا ظهر مع انطلاق الحوار الوطني.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن المعارضة توظف رغبتها في ترشيح ممثلين عنها في انتخابات الرئاسة للضغط على الحكومة لضمان حياد أجهزة الدولة تجاه المرشحين وإتاحة الحد الأدنى من النزاهة والرقابة، والتأكيد على جدية الانتخابات لإقناع المواطنين بالمشاركة، ما يساهم في تجاوز سلبيات الانتخابات السابقة.
ولفت إلى أن كتلة الحوار، وتشكلت من سياسيين استقالوا من حزب المحافظين الليبرالي وأحد أعضاء الحركة المدنية، ستشارك في الانتخابات وسوف يتم ترشيح أحد أعضائها، كما وضعت الكتلة برنامجًا تدعم على أساسه أيا من المرشحين الذين لديهم نفس التوجهات، حال لم ترشح أحدا من أعضائها.
ويرى البعض من قادة أحزاب المعارضة أن المشاركة في العملية الانتخابية مفيدة، وإن كانت شكلية، ما يساعدها على التواجد في الشارع بشكل أكبر، ويرفض هؤلاء الحكم على التجربة الانتخابية بأنها قاتمة، ومن المهم تقديم إشارات لجديتهم في المشاركة، وإذا جرى منعهم من الترشح، فالحكومة عليها تحمل تبعات ذلك سياسيا.
ويظل منصب رئيس الحزب، في غالبية الأحزاب المصرية، واجهة اجتماعية لصاحبه، وليس هناك تداول حقيقي للسلطة داخلها، ما يجعل الأهواء الشخصية المتحكم في توجهات الأحزاب، وقد يحقق هؤلاء مكاسب معنوية حال خاضوا انتخابات الرئاسة.
ولم تتفق الحركة المدنية المعارضة على مرشح واحد تدعمه في انتخابات الرئاسة، وأبدى عدد من رؤساء الأحزاب من بينهم رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام، ورئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل، وأحمد الطنطاوي الرئيس السابق لحزب تيار الكرامة، ورئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، رغبة في الترشح.
وأكد زهران على هامش المؤتمر الصحفي الذي نظمه حزبه، الخميس، أنه “لا يتمنى وجود أكثر من مرشح عن الحركة المدنية، وثمة كلام عن ترشح أكمل قرطام وجميلة إسماعيل، وترشحي، ولا يوجد شخص اتخذ قرارا نهائيا”.
وقال المحلل السياسي جمال أسعد إن الانتخابات الرئاسية لها ظروفها الخاصة في مصر وترتبط بالممارسات السياسية التاريخية، فقد كانت في السابق عبارة عن استفتاءات تنتهي بالموافقة للرئيس الموجود على رأس السلطة بنسبة 99 في المئة، ومع إدخال تعديلات دستورية عام 2005 جرى فتح الباب أمام مشاركة الأحزاب في الانتخابات، وهو ما دفع المعارضة إلى ترشيح قيادات فيها.
وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن المعارضة من تملك برامج سياسية، وفي مصر لا توجد معارضة أو حياة حزبية حقيقية، غير أن تمثيل المعارضة في الحوار الوطني بداية لتوجهات تشارك فيها المعارضة، وفرصة لفتح المجال أمام الاستماع لأصواتها.
وأكد أن رؤية الأحزاب المعارضة تتضمن رغبتها في أن تساهم في إخراج العملية الانتخابية بشكل مقبول، مع وجود مرشح مثل الرئيس السيسي ومرشحين آخرين، حيث تتيح انتخابات الرئاسة للأحزاب التواجد بكثافة في وسائل الإعلام والتعبير عن برامجها ولو كانت شكلية.
ويبدو أن الانتخابات المقبلة سوف تسير على خطى قريبة من تلك التي جرت عام 2005، وشارك فيها رؤساء أحزاب ممن ينتمون إلى تيارات مختلفة، بينهم رئيس حزب الغد في ذلك الحين أيمن نور أمام الرئيس الراحل حسني مبارك، وكانت أول انتخابات تعددية أنهت حقبة طويلة من الاستفتاءات.
وتصب دراسة الواقع الحالي والمواقف التاريخية لأحزاب المعارضة في صالح التأكيد على أن المشاركة أكثر فائدة سياسيا من المقاطعة التي هي بحاجة إلى شعبية كي تحقق الأثر المرجو منها في مواجهة النظام الحاكم.
وبموجب المادة 142 من الدستور المصري، يُشترط في كل مرشح للرئاسة أن ينال تزكية 20 عضواً على الأقل من أعضاء مجلس النواب (البرلمان)، أو أن يؤيده ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل، وهي شروط ليس من الصعب تحقيقها لمن يريد الترشح.