مستقبل البشرية سيكون أغرب مما نعتقد

يتوقع خبراء أن يكون مستقبل البشرية غريبا وذلك استنادا إلى بحوث علمية تشير إلى ما سيحدثه التقدم في علم الجينوم من خطوة تاريخية غير مسبوقة في حال بات من الممكن تحديد نوع الجنين أو إنجاب طفل له بعض الخصائص الوراثية، كما يعتقد العلماء أن الأبحاث المتعلقة بتعديل الساعة البيولوجية ستكون مثمرة، وفي حين أن الاحتمال ضئيل بوجود كائنات فضائية إلا أنه احتمال لم يعد محل سخرية.
واشنطن - إلى أي مدى سيكون المستقبل غريبا؟ هل سيكون ذلك بقدر قليل فقط أم سيكون غريبا بصورة جذرية لا يمكن تصورها؟ وهل هذا المستقبل سيكون على بعد ألف سنة من الآن أم مجرد 100 عام؟
يجيب الخبير الاقتصادي الأميركي تايلر كوين وهو أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة جورج ميسون في تقرير نشرته وكالة بلومبرغ للأنباء، بأن فكرة أن المستقبل سيكون أغرب مما نعتقد، وأنه سيأتي قريبا، هو احتمال طرحه هولدن كارنوفسكي الرئيس التنفيذي المشارك لمنظمة “أوبن فيلانتروبي” للأبحاث، وهي في تقديره فكرة جذابة ومثيرة للاهتمام.
وأوضح كوين أن أحد العوامل المربكة سيكون الأشكال المختلفة للهندسة الوراثية، مشيرا إلى أنه مع تقدم علم الجينوم “سنكون قادرين على تغيير المسار المستقبلي للبشرية”. وبرأيه تعد أبسط طريقة لذلك هي اختيار نوع الجنين الذي يمكن للوالدين من خلاله اختيار إنجاب ذكر أم أنثى، أو إنجاب طفل له بعض الخصائص الوراثية دون غيرها. معلقا “سوف تصبح قدرتنا على القيام بذلك محددة بصورة متزايدة”.
وعلم الجينوم هو أحد فروع علم الوراثة المتعلق بدراسة الجينوم، أي كامل المادة الوراثية داخل مختلف الكائنات الحية. ويتضمن المجال جهودا مكثفة لتحديد تسلسل الحمض النووي بشكل كامل ورسم الخرائط الدقيقة للجينوم. كما يشتمل هذا التخصص على دراسة عدد من الظواهر التي تحدث داخل الجينوم مثل الهجين والقشوة وغيرها من التفاعلات بين المواضع المختلفة داخل الجينوم.
وحسب العلماء يعني الجينوم كامل المادة الوراثية المكونة من الحمض الريبي النووي منزوع الأكسجين والذي يعرف اختصارا بالـ”دي.إن.أي”.
والى حدود اليوم استطاع العلم اكتشاف بعض التغيرات الطفيفة التي تحدث في الـ”دي.إن.أي”، فيما يؤكد الخبراء أن البحث العلمي يحتاج إلى الاستمرار في فك ألغاز هذا العدد العظيم من الجينات بغرض معرفة ما يترتب عليها من تغيرات تؤدي إلى المرض، أي معرفة وظيفة كل جين، وما يتبع تغيره من تغير في وظيفته فيتسبب المرض.
وحسب كوين من المحتمل أن تكون الصور الأكثر مباشرة للتغييرات الوراثية ممكنة. ويقول كوين إنه ربما لن يرغب معظم الآباء في القيام بذلك بغض النظر عن حماية أطفالهم من الإصابة بعيوب خلقية محتملة. ولكن من الواضح أن بعض الآباء سيقومون بذلك، وبالتالي سيتم تقسيم البشرية إلى مجموعات ذات تواريخ وراثية مختلفة. ويشار إلى أن ذلك لم يحدث من قبل في تاريخ البشرية الحديث.
ويشير الخبير الاقتصادي إلى أن هناك احتمالا حقيقيا آخر وهو أن الأبحاث المتعلقة بطول العمر ستكون مثمرة. ويبدو حاليا أنه من الممكن بصورة متزايدة تعديل الساعات البيولوجية المختلفة لإطالة العمر والإبطاء من معدل الشيخوخة. أما مسألة ارتفاع متوسط العمر المتوقع فهي ليست بالأمر الجديد، إلا أن ذلك سوف يمثل أيضا تغييرا أساسيا. فمن الممكن أن يكون هناك الكثير من الأشخاص الذين سيعيشون أكثر من 100 عام، دون أن يعانوا من مشاكل صحية كبيرة.

وعلى افتراض أن هذه التطورات لا تصل إلى جميع الناس على الفور فإن العالم سينقسم. وسيقوم البعض بمتابعة هدف “سرعة الهروب”، في محاولة للعيش لفترة طويلة بما يكفي لاكتشاف العلاجات الجديدة لموتهم الوشيك.
وعلى طول الطريق من الممكن أن تمنحنا الهندسة العصبية القدرة على تحريك وتغيير الأشياء المادية باستخدام عقولنا فقط. وهو ما يعد ممكنا بالفعل مع القرود على الرغم من أن ذلك سيكون بصورة محدودة.
ومن المحتمل أن يكون لدينا دليل قاطع على وجود حياة ذكية على كواكب أخرى، حيث أن قدرتنا على البحث عن إشارات كيميائية وكهرومغناطيسية خارج كوكب الأرض تتزايد على نحو مطرد.
وأردف كوين “فلنتخيل المستقبل في حال كنا نعلم أننا لسنا وحدنا في الكون، حتى لو ظلت الحياة الفضائية بعيدة”.
ويتوقع بعض العلماء في الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) العثور على إشارات على وجود كائنات فضائية بحلول عام 2025.
ويعتقد كوين أنه في مرحلة ما سيكون لدينا القدرة على إنشاء مسابر فضائية ذاتية الاستبدال، وسنقوم بإرسالها إلى الفضاء ونحاول زرع الحياة في أنحاء المجرة. وبدلا من ذلك، قد نخلق أشكالا إضافية للحياة هنا على كوكب الأرض من خلال الذكاء الاصطناعي العام حسب تقديره.
مع ذلك يرى الخبراء أنه من الصعب التنبؤ بالعواقب الثانوية لمثل هذه التطورات، ولكن من المرجح أنها ستغير الكثير من جوانب الحياة البشرية المختلفة، وفي المقام الأول وظائف البشر.
ومن الممكن أن يحدث أيضا خلق أشكال جديدة وأصلية للحياة البيولوجية، مما قد يؤدي إلى اضطراب الكثير من أنظمتنا البيئية بصورة جذرية. وعلى نحو أكثر تخمينا هناك احتمال ضئيل أن تقوم المخلوقات الفضائية بزيارة الأرض وأن تكشف عن نفسها.
ويبين كوين أنه بالنظر إلى تقرير الحكومة الأميركية الأخير بشأن الـ”يو.أي بيز” (الظواهر الجوية غير المعروفة التي كان يُطلق عليها من قبل الأطباق الطائرة) “فأنا أعطي لذلك فرصة حدوثها بنسبة 1 في المئة على الأقل”.
ويخلص بالقول “فلنتخيل فقط لو اجتمعت كل تلك التطورات أو معظمها على مدار عدة عقود (…) إن توقع ذلك لم يعد من الخيال العلمي المثير للسخرية”.