مزاد مخصص للوحات رقمية يثير الغضب في الأوساط الفنية

نيويورك - افتتحت دار "كريستيز" الخميس أول مزاد مخصص للأعمال الفنية التي أُنشئت بمساعدة الذكاء الاصطناعي، لكنّ ركوب الدار موجة هذه الثورة التكنولوجية أثار غضب جزء من الوسط الفني.
وعرضت الدار نحو عشرين قطعة للبيع في المزاد الذي يحمل عنوان “أوغمنتد إنتليجينس” أي “الذكاء المعزز” ويقام عبر الإنترنت إلى الخامس من مارس المقبل.
وسبق لدار “كريستيز”، وكذلك لمنافستها “سوذبيز”، أن عرضتا قطعا مصممة باستخدام الذكاء الاصطناعي، لكنهما لم تخصصا قبل الآن مزادا كاملا لهذا النوع من الأعمال.
وقالت مديرة مبيعات الفن الرقمي في “كريستيز” نيكول سيلز غايلز “لقد أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر حضورا في حياتنا اليومية.” ولاحظت أن “المزيد من الأشخاص باتوا يدركون طريقة عمل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكامنة وراءه وبالتالي من المرجح أن يقدروه في سياق إبداعي”.
وأحدث إطلاق منصة الذكاء الاصطناعي التوليدي “تشات جي بي تي” في نوفمبر 2022 ثورة في نظرة عامة الناس إلى الذكاء الاصطناعي وفتح إمكانات جديدة لاستخدامه لأكبر عدد من الناس.
وباتت نماذج ذكاء اصطناعي عدة اليوم تتيح للمستخدمين إنشاء رسم أو صورة متحركة أو صورة تشبه الصورة الفوتوغرافية، بناءً على استعلام بسيط باللغة اليومية.
لكنّ استخدام الخوارزميات في العالم الفني ليس جديدا في الواقع، بل يعود إلى عمر المعلوماتية الحديثة تقريبا.
فبين الأعمال المعروضة للبيع مثلا في مزاد “كريستيز” واحد للفنان الأميركي تشارلز سوري (1922 – 2022) يعود تاريخه إلى عام 1966.
وتميّز تشارلز سوري الذي كان أحد رواد “الفن الحاسوبي” باستخدامه برنامجا لتشويه أحد أعماله المرسومة يدويا.
نيكول سيلز غايلز مديرة المبيعات في كريستيز: لقد أصبح الذكاء الاصطناعي أكثر حضورا في حياتنا اليومية
وأوضحت نيكول سيلز غايلز أن “الفنانين المعروضة أعمالهم في هذا المزاد يستخدمون الذكاء الاصطناعي كمكمّل لعملهم الفني الحالي،” وتتضمن المجموعة المطروحة لوحات قماشية ومنحوتات وصورا وحتى شاشات عملاقة تعرض أعمالا نُفذت بالكامل رقميا.
ومن بين أبرز المعروضات في المزاد عمل بعنوان “إيميرجينغ فيسز” للفنان الأميركي بيندار فان أرمان، خُمِّن سعره بنحو 250 ألف دولار، وهو عبارة عن سلسلة من تسع لوحات نتجت عن “محادثة” بين نموذجين للذكاء الاصطناعي، الأول يرسم وجها على قماش والثاني يوقفه عندما يتعرف على شكل بشري.
إلاّ أن هذا المزاد لا يروق الجميع، وأُطلِقَت عريضة عبر الإنترنت للمطالبة بإلغائه، ولكن دون جدوى.
ولاحظ معدّو العريضة التي جمعت أكثر من 6300 توقيع أن “عددا من الأعمال المطروحة أُنشئت باستخدام نماذج ذكاء اصطناعي معروفة بأنها استخدمت من دون إذن أعمالا محمية بموجب قانون الملكية الفكرية”. ورأوا أن المزاد يعطي قيمة لهذه الطريقة في العمل التي شبهوها بـ“السرقة الجماعية لأعمال الفنانين البشريين”.
ورفع عدد من الفنانين عام 2023 دعاوى قضائية ضد شركات ذكاء اصطناعي ناشئة، من بينها المنصتان الشهيرتان “ميدجورني” و”ستابيليتي إيه آي”، متهمين إياهما بمخالفة قوانين الملكية الفكرية.
وفي منشور على منصة إكس كتب رفيق أناضول، وهو اسم كبير في الفن الرقمي ومشارك في المزاد بعمله “ماشين هالوسينيشتنز”، أن “غالبية الفنانين في المشروع يستخدمون بياناتهم الخاصة ونماذجهم الخاصة،” من دون الاستعانة بأعمال أخرى.
وتمنى الرسام ريد ساوثرن الذي وقّع على العريضة، أن تُستَبعَد على الأقل القطع التي لا تستخدم برامجها أو بياناتها الخاصة، وهو يقدّر نسبتها بنحو ثلث القطع المعروضة في المزاد.

وأضاف “لو كانت لوحات عادية، وكان ثمة احتمال كبير بأن يكون بعضها مقلّدا، أو نتيجة سرقة أو ممارسة مشكوك فيها، فلن يكون من الأخلاقي المضي قدماً في المزاد”.
وعلّقت نيكول سيلز غايلز بالقول “أنا لست محامية متخصصة في الملكية الفكرية، لذلك لا أستطيع التعليق على شرعية العملية، ولكن فكرة أن الفنانين يستلهمون أعمالهم من أسلافهم ليست جديدة”. ورأت أن “أي حركة فنية جديدة تثير الجدالات والانتقادات”.
وأشار الفنان التركي سارب كرم يافوز الذي استخدم “ميدجورني” في عمل معروض أيضا في مزاد “كريستيز” إلى أن هذا البرنامج القائم على الذكاء الاصطناعي “صُمِّم باستخدام كل شيء موجود على الإنترنت تقريبا”.
وأضاف “ثمة قدر كبير من المعلومات (التي يستخدمها النموذج) بحيث لا يمكن انتهاك حقوق الملكية الفكرية لأي عنصر محدد”.
وعلى هذه الفكرة، ردّ الرسام ريد ساوثرن سائلا “هل إن السرقة من شخص أو اثنين أمر سيء، في حين أن السرقة من الملايين من الأشخاص أمر مقبول؟”