مزاد العملة العراقي ومحددات البنك الدولي

منذ الغزو الأميركي للعراق، والبنك الدولي والخزانة الأميركية يقدمان الأموال الضرورية لبنكه المركزي، حيث تقدر الأموال المستلمة بـ10 مليارات دولار أو أكثر سنوياً.
هذه الأموال هي من مبيعات النفط التي توضع في صندوق في البنك الفيدرالي الأميركي. وفيما يسعى العراق للحصول على مليار دولار نقداً من هذه الأموال، يرفض البنك الطلب بحجة أنه يتعارض مع جهوده الساعية لإيقاف تدفق الدولار إلى خارج البلد.
العراق من جهته أعلن عن حاجته إلى مليار دولار نقداً لدعم ديناره المتدهور، في حين مازالت الخزانة الأميركية تدرس الطلب، ومازالت النقاشات محتدمة، في الأروقة الداخلية للبنك الفيدرالي، في ظل عدم وجود نظام مالي واضح وشفاف لدى العراق يمكن الاعتماد عليه في استلام العملة الصعبة، حيث تتدفق كميات كبيرة من الدولار إلى المصارف الأهلية ومحلات الصرافة، والتي تخضع لآليات غير واضحة، وفيها الكثير من شبهات الفساد، وغسيل الأموال والتهريب خارج العراق.
◙ رغم شبهة وجود جانب سياسي في الإجراءات الأميركية، إلا أن ذلك لا ينفي ضرورة وحاجة العراق إلى مثل هذه الإجراءات لتطوير قطاعه المالي وأتمتته، ومنع تهريب واردات نفطه خارج حدوده
البنك الفيدرالي الأميركي أبلغ العراق برفضه إرسال شحنة من الدولار، واعتبره يتعارض مع هدف واشنطن لتقليل استخدام العراق للدولار الأميركي لصالح المعاملات الإلكترونية التي يمكن تتبعها بسهولة أكبر، حيث يؤكد المسؤولون الأميركيون أن عمليات التهريب إلى خارج العراق من قبل مافيا الفساد تؤثر سلباً على سعر الدولار داخلياً، وتقوض جهود البنك المركزي العراقي في السيطرة على حركته داخلياً.
من جانبه يحاول البنك المركزي العراقي إجراء بعض التعديلات على آليات العمل المالي، فشرع بخطة سريعة مرحلية تعتمد على التعامل بالدينار في السوق العراقية الداخلية للتخلص من الدولار حتى عام 2024، وذلك من خلال السيطرة على جهود الشركات غير الرسمية، والأفراد الخاضعين للعقوبات، لشراء مليارات الدولارات من خلال مزادات العملة.
الإجراءات الحكومية من شأنها تقييد حركة الدولار، وتنشيط الدينار ليكون المتداول الوحيد في السوق، بالإضافة إلى استخدام الآليات والتقنيات الحديثة، وتطوير النظام المالي بما يتسق مع التطور الذي يشهده النظام العالمي، ويحقق الاستقرار النقدي في البلاد.
رغم شبهة وجود جانب سياسي في الإجراءات الأميركية، إلا أن ذلك لا ينفي ضرورة وحاجة العراق إلى مثل هذه الإجراءات لتطوير قطاعه المالي وأتمتته، ومنع تهريب واردات نفطه خارج حدوده، فهذا في مصلحته وشعبه، قبل أن يكون في مصلحة أي جهة أخرى في العالم.