مربع ذهبي أوروبي برهانات مُختلفة

موسكو – اكتملت أضلاع المربع الذهبي لمونديال روسيا 2018، بانضمام كرواتيا وإنكلترا إلى فرنسا وبلجيكا، إلا أن المنتخبات الأربعة لن تهنأ طويلا بما حققته، بسبب التركيز على مقابلتي الثلاثاء والأربعاء المقبلين في الدور قبل النهائي الذي ستكون فيه البوصلة موجّهة لحلم المباراة النهائية والفوز باللقب.
وحدّدت “فيفا” مواجهتي نصف النهائي بين فرنسا وبلجيكا في سان بطرسبرغ الثلاثاء وإنكلترا وكرواتيا على ملعب لوجنيكي في موسكو الأربعاء، أما المباراة النهائية فستكون يوم 15 يوليو.
وبالعودة إلى مجموع المباريات التي أجريت في مونديال روسيا، فقد انتهت 60 مباراة من أصل المباريات الـ64 للحدث الكروي الذي ينتظره مئات الملايين من عشاق الكرة المستديرة حول العالم مرة كل أربعة أعوام وكانت كل المباريات حافلة بالمفاجآت والأهداف ولحظات الفرح والحزن والألم.
وتمكنّت أربعة منتخبات في سباق الأمتار الأخيرة من الوصول إلى المربع الذهبي، ففرنسا تبحث عن لقب ثان في تاريخها بعد 1998، وإنكلترا التي تترشح للمرة الثالثة في تاريخها إلى النصف النهائي تريد الأمر نفسه بعد انتظار يعود لعام 1966.
أما بلجيكا وكرواتيا فتريدان اللقب الأغلى الأول، وكل منهما أمام فرصة ذهبية بجيلين من الأفضل حاليا، كرواتيا بقيادة لوكا مودريتش وإيفان راكيتيتش وماريو ماندزوكيتش، وبلجيكا مع إدين هازارد وكيفن دي بروين وروميلو لوكاكو.
ومن النقاط التي تسجّل أيضا في المونديال الروسي أن المنتخبات الأوروبية واصلت سيطرتها على الكرة العالمية، بمرور أربعة منها إلى الدور قبل النهائي، بعد أن أقصت كل المنتخبات اللاتينية المراهنة تاريخيا على مزاحمة الأوروبيين من أجل الظفر بكأس العالم كالبرازيل والأرجنتين.
3 مرات تمكن فيها المنتخب الإنكليزي من العبور إلى المربع الذهبي في تاريخ المونديال
ورغم أن الأنظار عادة ما تكون متجهة إلى المهاجمين أو صانعي التمريرات الحاسمة أو الموهوبين بين خطوط المستطيل الأخضر، فإن المونديال الروسي صنع فيه حراس المرمى أمجادا جديدة تؤكّد أن للحارس دور كبير وراء نجاح كل منتخب.
مربع ذهبي يقوده الحراس
فإنكلترا التي تمكّنت في الدور ربع النهائي من كسر عقدة السويد، اكتشفت جوردان بيكفورد الذي تكفل في ربع النهائي بإنقاذ شباكه من محاولات سويدية خطرة كانت كفيلة بمحو تقدم بلاده 2-0.
واختير بيكفورد أفضل لاعب في مباراة ربع النهائي، وقال عنه مدربه غاريث ساوثغيت إنه “مثال لما يجب أن يكون عليه حارس مرمى حديث، يلمس العديد من الكرات في الدوري الإنكليزي الممتاز، ثمة العديد من الكرات العرضية التي ترفع إلى داخل المنطقة، هنا نحتاج إلى صفات مختلفة”.
وبنفس الطريقة كان قائد فرنسا هوغو لوريس حاسما في مواجهة الأوروغواي في ربع النهائي (0-2)، ومثله البلجيكي تيبو كورتوا ضد البرازيل وهجومها الكاسح في الشوط الثاني سعيا لقلب التأخير 1-2، وهي نتيجة صمد كورتوا بوجه محاولات تبديلها.
ومما يثير الانتباه، أن الحراس الثلاثة ينشطون في الدوري الإنكليزي، فبيكفورد يلعب لإيفرتون ولوريس في توتنهام أما كورتوا فيحرس خشبات تشلسي، لينضم إليهم الكرواتي دانيال سوباسيتش الذي تصدى لثلاث ركلات جزاء ترجيح ضد الدنمارك، في مباراة ضمن ثمن النهائي.
كما أن السمة الكبرى التي ميزت المونديال الروسي قبل الوصول إلى المربع الذهبي تكمن في أن الأهداف لم تأت من المهاجمين أو اللاعبين الذين يعرفون طريق المرمى عن ظهر قلب فقط.
فرافاييل فاران قلب دفاع فرنسا افتتح التسجيل لمنتخب بلاده في ربع النهائي ضد الأوروغواي وبنفس الطريقة افتتح المدافع هاري ماغواير لإنكلترا أهداف المباراة ضد السويد في الدور نفسه.
وفي مونديال المفارقات، لم يكن غريبا أن يدون المدافعون اسمهم على لائحة أبرز الهدافين، في ظل اعتماد العديد من المنتخبات على خطط دفاعية، كانت الضربات الثابتة مفتاحا للتسجيل، بدلا من الهجمات والاختراقات.
أوروبا تسيطر
علاوة على المواجهات النارية بين المنتخبات في الدور نصف النهائي، فإن عشاق كرة القدم سيكونون على موعد مع مواجهات فردية بين لاعبين فرنسيين مميزين مثل مبابي وغريزمان وآخرين بلجيكيين مثل هازارد ولوكاكو، وبنفس الأهمية أيضا ستكون المنافسة مفتوحة في مباراة إنكلترا وكرواتيا بين هاري كاين وسترلينغ من جهة، ومودريتش وراكيتيتش من جهة ثانية.
السمة الكبرى التي ميزت المونديال الروسي قبل الوصول إلى المربع الذهبي تكمن في أن الأهداف لم تأت من المهاجمين أو اللاعبين الذين يعرفون طريق المرمى عن ظهر قلب فقط
وكان خروج ألمانيا حاملة اللقب مبكرا من كبرى المفاجآت بعد أن كان “المانشافت” من أبرز المرشحين لأن يصبح أول منتخب يحتفظ بلقبه منذ 1962. لكن مصير الألمان كان مماثلا لإيطاليا وإسبانيا في النسختين الأخيرتين حيث ودع حامل اللقب من الدور الأول.
ولم يقتصر الوداع المفاجئ على المنتخبات، بل أخذ في دربه الأسماء أيضا. حيث كان الجميع ينتظر كلا اللاعبين اللذين تقاسما جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم في الأعوام العشرة الأخيرة، الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو.
وخيب الأول الآمال وبدأ متعثرا ولم يتمكن من أن يحمل منتخب بلاده إلى أبعد من الدور ثمن النهائي (خسارة أمام فرنسا 3-4). أما البرتغالي فدخل المونديال من الباب العريض، وسجل “هاتريك” من المباراة الأولى ضد إسبانيا (3-3)، ليودع في ثمن النهائي المونديال أمام الأوروغواي.
ولم يكن حظ إسبانيا بطلة 2010 أفضل وودعت من الدور ثمن النهائي على يد روسيا المضيفة بركلات الترجيح، بعدما بدأت المونديال على خلفية أزمة إقالة مدربها جولن لوبيتيغي وتعيين فرناندو هييرو بدلا منه.
آخر الأسماء كان البرازيلي نيمار، أغلى لاعب في العالم والذي كان يحمل آمال مواطنيه باللقب السادس وتعويض الوداع المذل لمونديال 2014 على الأراضي البرازيلية (1-7 في نصف النهائي أمام ألمانيا، 0-3 أمام هولندا في مباراة المركز الثالث)، إلا أنه فشل في ذلك بعد أن عجز مع زملائه في الإطاحة ببلجيكا في ربع النهائي.