مذبحة وظائف تقنية في الولايات المتحدة

الحلم الأميركي يتحول إلى كابوس يؤرق العمالة المهاجرة.
الجمعة 2023/03/10
كابوس لا أتمناه لأحد

فجأة يجد عشرات الآلاف من المهاجرين الذين قطعوا الآلاف من الأميال للعمل في قطاع التكنولوجيا بالولايات المتحدة أنفسهم عاطلين عن العمل ومهددين بالترحيل إلى بلادهم، ليتحول الحلم الأميركي إلى كابوس.

ديفيد شيرفينسكي

واشنطن - كان المدير الهندسي الهندي أبهير في منتصف دورة مراجعة الأداء عند تسريحه فجأة من وظيفته في غوغل. وكان ضحية موجة من التخفيضات على مستوى الصناعة.

وقال أبهير، الذي طلب استخدام اسم مستعار لحماية هويته، إن “كل شيء كان يسير على ما يرام. أعرف عددا قليلا من الأشخاص الذين نالوا ترقيات قبل تسريحهم… لم تكن هناك أي دلالة على أن هذا سيحدث”.

وقلبت موجة تسريح العمالة التقنية في شركات مثل ميتا وغوغل وأمازون حياة العمال الأجانب الموجودين في البلاد بتأشيرات “إتش – 1 بي” المخصصة للوظائف عالية المهارة.

ويواجه العمال الذين تم تسريحهم احتمال الاضطرار إلى مغادرة البلاد في غضون 60 يوما، بموجب شروط تأشيراتهم، ما لم يتمكنوا من العثور على وظيفة أخرى أو تمكنوا من تغيير وضعهم كمهاجرين.

200

ألف وظيفة في قطاع التكنولوجيا فقدت في الولايات المتحدة خلال 2022 ثلثها من المهاجرين الهنود

مثّل الهنود حوالي 75 في المئة من التماسات حاملي التأشيرات الخاصة المعتمدة في 2021، وفقا للحكومة الأميركية، وتشير تقديرات الصناعة إلى أنهم يمثلون حوالي ثلث الوظائف التقنية التي بلغت حوالي 200 ألف وظيفة فقدت في الولايات المتحدة خلال العام الماضي.

ورأى الآلاف من العمال نتيجة لذلك أن حياتهم قد انقلبت رأسا على عقب في الأشهر الأخيرة. وقالت مانداكيني غوبتا، التي تقسم وقتها بين سان دييغو والهند، إنه “كابوس لا أتمناه لأحد”.

وذكرت غوبتا، التي تعمل حاليا مديرة برامج في أمازون، أنها تعاملت مع العديد من حالات التسريح في الماضي أثناء وجودها بتأشيرة “إتش - 1 بي”، ووصفت التجربة بأنها “مروعة للغاية”.

وكانت قد انتقلت لأول مرة إلى الولايات المتحدة في 2013 للحصول على درجة الماجستير في تحليل الأعمال وأبحاث السوق في جامعة ولاية جورجيا، وقالت إن إرسالها على بعد الآلاف من الأميال إلى بلد آخر كان خطوة كبيرة لعائلتها.

الوقت يمر

موجة تسريح للعمالة التقنية في شركات مثل ميتا وغوغل وأمازون تقلب حياة العمال الأجانب رأسا على عقب
موجة تسريح للعمالة التقنية في شركات مثل ميتا وغوغل وأمازون تقلب حياة العمال الأجانب رأسا على عقب

وافقت خدمات المواطنة والهجرة في الولايات المتحدة على حوالي 407 آلاف مطلب للحصول على تأشيرة “إتش - 1 بي” في 2021، وهو العام الأخير الذي توفر عنه تقرير بيانات مفصل.

وقد تكون الموجة الحالية من تخفيضات الوظائف بالنسبة للعديد من الهنود الذين تلقوا التأشيرة هي أول تجربة لهم في التسريح منذ وصولهم إلى الولايات المتحدة، كما قال خانديراو كاند، وهو مؤسس الرابطة الهندية العالمية للمتخصصين في مجال التكنولوجيا.

واعتبر أن الأشخاص الذين يبحثون عن المساعدة غالبا ما يكونون في حالة من الذعر، لأنهم يواجهون بحثا طويلا عن وظيفة جديدة في مواجهة عقارب الساعة.

وقال كاند إن الخيارات الأخرى، مثل تقديم تأشيرة طالب أو تأشيرة لأزواج حاملي “إتش - 1 بي”، قد تسمح لهم بالبقاء في الولايات المتحدة (مؤقتا على الأقل)، لكنها لن تمنحهم الحق في العمل.

وكانت مؤسسة دراسات الهند والشتات الهندي، وهي منظمة غير ربحية، من بين المجموعات التي تضغط على الحكومة الأميركية لتمديد فترة السماح للموظفين المسرحين بأكثر من 60 يوما.

ويقول البعض إن الموعد النهائي الحالي يعرض العمال المهاجرين لخطر انتهاكات أرباب العمل عديمي الضمير، الواعين بوضعهم كمهاجرين في وضع غير مستقر، عبر تقديم أموال أقل أو منصب أصغر مما قد يناسب الشخص.

وقالت غوبتا “أصبحنا كمهاجرين ضعفاء للغاية. نقبل تقريبا أي شيء يأتي في طريقنا لكي نكون قادرين على الحفاظ على وجودنا، ويخلق هذا مجالا للاستغلال”.

وعلى الرغم من وجود فرص للحصول على وظائف أخرى، قد يكون العمل المتوفر في مجال آخر أو برواتب أقل أو يتطلب الانتقال.

وقال مدير هندسي سابق في غوغل سُرّح مؤخرا، وتحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن هناك قيودا كبيرة على الأشخاص الحاصلين على التأشيرات التي تُمنح للأشخاص الذين يشغلون مناصب إدارية أو تنفيذية أو الذين تتطلب وظائفهم معرفة متخصصة.

وعلى عكس حاملي “إتش - 1 بي” الذين يمكنهم البحث عن وظيفة مع شركة أخرى عند تسريحهم، فإن الأشخاص الحاصلين على تأشيرات “أل – 1” مقيدون بعمليات الانتقال داخل الشركات إلى الولايات المتحدة.

خيارات أقل

الموعد النهائي يعرض العمال المهاجرين لخطر انتهاكات أرباب العمل
قيودا كبيرة على الأشخاص الحاصلين على التأشيرات التي تُمنح للأشخاص الذين تتطلب وظائفهم معرفة متخصصة

يمكن أن يتأثر المهاجرون الذين نجوا من الموجة الأخيرة من تسريح العمال إذا تقرر تخفيض وضعهم الوظيفي أو رواتبهم كجزء من خفض تكاليف الشركات، كما يقول متخصصون في العمل.

وقالت غوغل على سبيل المثال إنها توقف الآن مؤقتا بعض طلبات شهادات العمل الجديدة التي يمكن أن تكون جزءا من طلبات البطاقة الخضراء للمهاجرين.

وقالت تهمينا واتسون، محامية الهجرة في سياتل، إن الأشخاص الحاملين لتأشيرة “إتش - 1 بي” يمكن أن يمددوا إقامتهم إلى ما بعد إطار زمني أولي مدته ست سنوات (ثلاث سنوات بالإضافة إلى تمديد لمدة ثلاث سنوات) إذا تقدموا بطلب البطاقة الخضراء. لكن ذلك “سيعتمد على أي جزء من العملية يتم إيقافه مؤقتا، لأن هؤلاء الأشخاص الذين هم على أعتاب سنواتهم الست سيعانون حقا”.

ويقول المدافعون عن المهاجرين العمّال إن خفض الرواتب أو خفض الرتبة داخل نفس الشركة يمكن أن يكون كافيا لتعريض حالة طلبات الحصول على البطاقة الخضراء للخطر.

وقال أبهيشيك غوتغوتيا، الذي أسس زينو، وهي منصة على الإنترنت تقدم المشورة للمهاجرين، “إذا كانت الشركات تجري تعديلات على الرواتب.. فهذا شيء يجب الحذر منه. إذا كنت لا تزال تشغل الوظيفة، ولكن راتبك مخفض، فقد تكون الآن في وضع مخالف لمتطلبات الرواتب في وزارة العمل، مما قد يؤثر على وضعك”.

بينما يتلقى عمال “إتش – 1 بي” رواتب تنافسية، فإنهم غالبا ما يواجهون مصاريف إضافية تترك لهم مساحة صغيرة للمناورة خلال فترات قصيرة دون عمل. وقالت غوبتا إن “الكثير من الدخل الذي أحققه أنا أو أي شخص كمهاجر من وظيفته… يعود إما لوالدينا لأنهم دفعوا رسوم تعليمنا الجامعي أو ندفعه لسداد قروضنا”.

وتزيد هذه العوامل من تفاقم ضغوط الموعد النهائي الذي يلوح في الأفق وهو شهران إذا وجد العمال أنفسهم فجأة عاطلين عن العمل.

12