مدرّسون إندونيسيون يجوبون الطرقات على دراجات لتعليم الأطفال

المدرس الإندونيسي انريكوس سوروتو يتنقّل يوميا ليعطي دروسا لأبناء عائلات فلاحين فقراء لا يمكنهم متابعة الحصص الإلكترونية بسبب غياب خدمة الإنترنت.
السبت 2020/06/13
الإغلاق لا يقف في طريق التعليم

جاكرتا – يرفض انريكوس سوروتو أن يحرم تلاميذه من التعليم بسبب جائحة كورونا التي أرغمت إندونيسيا على إغلاق المدارس، فيركب المدرّس دراجته النارية كل أسبوع للتوجه إلى بلدتهم النائية في كينلان.

ويمر عبر دروب جبلية متعرجة ليعطي دروسا لأبناء عائلات فلاحين فقراء في وسط جزيرة جاوة حيث لا تشكل الحصص الإلكترونية خيارا بسبب غياب خدمة الإنترنت.

ويقول سوروتو البالغ من العمر 57 عاما “ما من أحد يرغمني على ذلك لكن شيئا في داخلي يدفعني إلى القيام بذلك”.

وأوضح أنه يشعر “ببعض الذنب” لعدم احترامه التعليمات الرسمية التي تدعو إلى تقديم الدروس عبر الإنترنت وتمنع توفيرها بحضور التلاميذ، لكن “الواقع هنا يجعل المهمة صعبة”.

وأضاف “الحل الوحيد هو التواجد إلى جانب التلاميذ وتوفير التعليم في منزل تلو آخر”.

وانطلق مدرّسون آخرون أيضا على الطرقات متحدين الفايروس والأمطار الغزيرة أحيانا والدروب الموحلة لتوفير التعليم المنزلي في أرجاء هذا الأرخبيل المترامي الأطراف والواقع في جنوب شرق آسيا.

ثلث الإندونيسيين يفتقرون إلى خدمة الإنترنت، بل بعض البلدات لا تحظى بالتيار الكهربائي

فثلث الإندونيسيين البالغ عددهم 260 مليونا يفتقرون إلى خدمة الإنترنت، بل بعض البلدات لا تحظى بالتيار الكهربائي.

وقد اضطر نحو 70 مليون طفل وشاب في البلاد إلى ملازمة المنزل منذ إغلاق المدارس ومؤسسات التعليم العالي في مارس الماضي لتجنب انتشار الفايروس.

ويزور أفان فتح الرحمن، وهو مدرس في المرحلة الابتدائية، 11 تلميذا في اليوم على جزيرة مادورا شرق جاوة، ويقدم وصفا لتجربته في منشورات عبر فيسبوك يتشاركها كثيرون.

وأقر بأنه يخشى أحيانا أن يمرض “إلا أن دعوة التعليم أقوى من ذلك. لا يسعني أن أبقى في منزلي مع علمي بأن تلاميذي لا يمكنهم أن يدرسوا بشكل سليم”.

ووضعت الحكومة برامج تربوية عبر التلفزيون الوطني وعبر الإذاعة حتى في بعض المناطق.

وقال وزير التربية نديم مكارم، أحد مؤسسي الشركة الإندونيسية الناشئة “غوجيك”، إن التعليم عن بعد يشكل تحديا. واستغرب علنا عدد الإندونيسيين المقيمين في الأرياف الذين لا تصلهم خدمة الإنترنت.

وصرح الشهر الماضي “يجب أن نستند إلى المدرسين الذي يرصون الصفوف لتوفير التعليم المنزلي”.

تضحيات جسيمة
تضحيات جسيمة

وأكدت كريستينا كريتستياني، الخبيرة في التربية بجامعة ساناتا دارما، “على صعيد البنى التحتية إندونيسيا غير قادرة على توفير التعليم عن بعد. حتى لو كانت الدراسة عبر تقنية الفيديو ممكنة إلا أنها تكلف كثيرا جدا في المناطق الريفية”.

وعلاوة على ذلك، ينبغي على عائلات كثيرة التوفيق بين وظائف زهيدة الأجر ورعاية أطفال المحرومين من المدرسة.وأفادت أورلني جيري، وهي ربة عائلة في واحدة من أفقر مناطق البلاد في جزر نوسا تونغارا الشرقية، بقولها “كل ما يمكنني فعله هو أن أقول للأطفال ادرسوا. لا يمكنني أن أساعدهم مثل المدرّس ولا نملك ما يكفي من المال للاشتراك في خدمة الإنترنت”.

وهو وضع يتكرر كثيرا وفقا لمدرسة فينا في جزيرة بورنيو، فـ“الكثير من الأهالي وصلوا في تعليمهم إلى المرحلة الابتدائية أو التكميلية فقط، وبعضهم لم يذهب إلى المدرسة بتاتا”.

ولم تعلن السلطات موعدا لاستئناف المدارس عملها فيما يحذر علماء أوبئة من أن الوباء لم يصل بعد إلى ذروته في البلاد.

وحذرت جمعية أطباء الأطفال الإندونيسيين من أن كوفيد – 19 قد يكون أكثر خطرا على أطفال إندونيسيا من غيرهم، إذ يعاني 18 في المئة ممن هم دون سن الخامسة من سوء التغذية فيما نحو نصف المرضى المصابين بحمى الضنك من الأطفال، ما يساهم في إضعاف مناعتهم.

وفي أبريل توفيت فتاة في سن الحادية عشرة مصابة بحمى الضنك، جراء كوفيد – 19.

إلا أن الأطفال يتشوقون للعودة إلى المدرسة.

وقالت غراسيا راتنا فيبرياني التلميذة في بلدة كينالان “أشعر بالملل في المنزل. اشتقت إلى المدرسة وإلى أصدقائي والمدرّسين”.

17