مدرب الفراعنة يثير أزمة جديدة بسبب أمم أفريقيا

القاهرة - أثار البرتغالي كارلوس كيروش المدير الفني للمنتخب المصري لكرة القدم أزمة قبل أيام قليلة من انطلاق بطولة كأس الأمم الأفريقية في الكاميرون الأحد المقبل، عندما حصر هدفه في بلوغ نهائيات كأس العالم مع الفراعنة، في إشارة إلى أن المنافسة على الفوز بالبطولة القارية المفضلة لا تعنيه، والمشاركة قد تكون شرفية.
وأثار تصريح كيروش الكثير من الغضب في صفوف مشجعي المنتخب المصري احتجاجا على تجاهله السعي للفوز بأحد أهم البطولات لدى الجمهور، والتي فازت بها مصر سبع مرات، من بينها ثلاث متتالية، خاصة أن البطولة الأخيرة التي أقيمت في مصر عام 2019 وخرج فيها منتخب الفراعنة مبكرا، من دور الستة عشر، وفاز بها منتخب الجزائر الذي يبدو حاليا، إلى جانب منتخبي المغرب وتونس في أفضل حالاتهما.
وسعى وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي لتهدئة خواطر المصريين وامتصاص غضبهم من خلال لقاء عقده مع كيروش الأحد الماضي، حرص فيه على إبلاغه بأهمية البطولة الأفريقية في وجدان المصريين، والخصوصية المرتفعة التي تحتلها لديهم، والأهمية التي يجب أن يحرص عليها في العمل على الفوز بها.
أمور شكلية
بدا لقاء الوزير مع المدرب البرتغالي سياسيا بامتياز، لأن الرسالة التي أوصلها الرجل تتعلق بأمور شكلية، هدفها بعث التفاؤل لدى المصريين الذين يتشوقون إلى تكرار إنجازات سابقة، وهو ما التفت إليه كيروش في أول لقاء صحافي عقده بعد تسلمه مهامه منذ ثلاثة أشهر، ونبه إلى خطورة استدعاء الماضي وإسقاطه على الحاضر، حيث اعتبر الأول من التاريخ الجميل، وأن الفوز المتكرر له ظروفه، بما يعني عدم مطالبته بتحقيق بطولات قد لا يسعفه المستوى الفني لبعض اللاعبين على تحقيقه.
ويرى مصريون في كلام كيروش حول أهمية الوصول إلى كأس العالم ظلما للبطولة المحببة إليهم، لأن الفوز في المباراة الفاصلة المنتظرة مع أحد منتخبات الفرق الخمسة الأوائل (السنغال والمغرب والجزائر وتونس ونيجيريا) غير مضمون، خاصة أن المنتخب المصري يأتي في التصنيف الثاني على مستوى القارة.
الأزمة التي بدأت تظهر بين كيروش والجمهور تنحصر في تراجع الثقة التي نجح في نسجها خلال الشهر الأول بعد فوزه على منتخب ليبيا في جولتين متعاقبتين
وإذا تمكن الفراعنة من الفوز على أحد الفرق الخمسة فلن تكون مشاركة مصر في كأس العالم مشرفة، حيث خرج في آخر نسختين شارك فيهما عامي 1990 و2018 من دوري المجموعات، وكان الأداء العام سيئا، ومن المهم أن يولي اهتماما كبيرا بكأس أمم أفريقيا، واستعادة البريق الرياضي الغائب منذ سنوات.
واستطاع مدرب منتخب الفراعنة التعرف على إمكانيات الفريق المصري الذي يضم ثلاثة من المحترفين في الدوري الإنجليزي، محمد صلاح لاعب ليفربول، ومحمود حسن تريزيغيه لاعب أستون فيلا، ومحمد النني لاعب أرسنال، وغالبية أعضاء الفريق ينشطون في الدوري المحلي، وعرف أن قدرات هؤلاء قد لا تساعده على المنافسة بقوة في البطولة الأفريقية التي تتصارع على الفوز بها فرق كبيرة.
تنحصر الأزمة التي بدأت تظهر بين كيروش والجمهور في تراجع الثقة التي نجح في نسجها خلال الشهر الأول بعد فوزه على منتخب ليبيا في جولتين متعاقبتين، أهّلته للعب المباراة الفاصلة بغرض الوصول إلى كأس العالم، وهذه الأزمة زادت مع استبعاد بعض لاعبي فريقي الأهلي والزمالك، واشتعلت مع كلامه حول البطولة الأفريقية، وكادت تولد احتقانات على الساحة الرياضية.
مدرب محترف
جزء من هذا الاحتقان يتحمله المسؤولون عن اتحاد كرة القدم المصري، فعند اتفاقهم مع كيروش تحدثوا معه على أهمية بلوغ نهائيات كأس العالم، الأمر الذي فهم منه ضرورة التركيز على هذا الهدف دون غيره، ولذلك فالنقمة لم تكن على كيروش الذي تعامل مع البطولة الأفريقية بما يوحي بالاستهانة، لكن أيضا مع من حددوا هدفه.
ويتعامل كيروش كمدرب محترف لا مكان عنده للعواطف أو الوعود الكاذبة، ويميل نحو وضع النقاط على الحروف منذ البداية، وهو ما لم يعتد عليه قطاع كبير من المصريين الذين يغلّبون عواطفهم في الأمور الرياضية، وكانت صدمتهم قوية في أن تتحول مشاركة منتخبهم إلى مشاركة هامشية، في وقت يتغنون فيه بتاريخهم معها.
ويدرك خبراء الكرة أن لكل بطولة ظروفها وطقوسها الخاصة، وأن المستوى الفني المتقدم ليس شرطا للفوز، وكثرة عدد اللاعبين المحترفين لا يضمن تحقيق النصر في كل المباريات، وهو ما يمنح المصريين أملا في منتخبهم، والذي يعد بالنسبة إليهم النافذة التي تدخل عليهم البهجة من حين إلى آخر.
ورأى البعض في حديث كيروش بشأن المنافسة على الفوز بكأس أمم أفريقيا وسيلة خداع للفرق المنافسة، وهو أيضا ما يرفضه مصريون يثقون في أن هذه البطولة يجب أن تكون باستمرار في متناول أيديهم، ولو على سبيل الأمنيات والطموحات، بصرف النظر عن الإمكانيات الفنية لفريقهم، ففي النهاية هي مسابقة لها مكانة خاصة لديهم.