مثلما أن التطرف الإسلامي غطاء لأزمات اجتماعية واقتصادية، فإن احتماء الغرب باليمين لا يعدو أن يكون محاولة لمواجهة توحش العولمة، ومن ثمة فإن تصعيد الكراهية ضد المهاجرين غطاء لتوحيد الطبقات المتضررة في مهمة وقف التوحش بتوحش مضاد.

نداء تونس يتحمل المسؤولية المباشرة عمّا يجري من أزمة اجتماعية خانقة لأنه حصل على تفويض شعبي لتشكيل حكومة يكون هدفها الأساسي معالجة مخلفات الأزمة الاقتصادية والأمنية.

ما يثير قلق الإخوان من التقرير أنه قد يقود إلى فتح أعين دول أوروبية عدة عن الشبكات المترابطة للجماعة في أوروبا والولايات المتحدة وإثبات وجود علاقة تنظيمية بينها وبين التنظيم الدولي للإخوان.

إسلامية أردوغان تكمن فقط في أنه يؤوي الهاربين منهم، ويغدق الأموال على مؤتمراتهم وأنشطتهم السرية والعلنية، ويفتتح الفضائيات التي تهاجم سياسات دولهم، وخاصة التي تنافسه على الأدوار الإقليمية.

التيار الجهادي لم يغير جوهر فكره الإخواني، لكنه طور أساليبه لفرض هذا الفكر بقوة السلاح بدل التقية.

الدول الأوروبية التي كانت دائما مرتهنة للاءات الأميركية بدأت تتحرر من خطاب التخويف المرتبط بأمن إسرائيل وضغوط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وحتى داخل أوروبا ذاتها.

معركة الحياة أو الموت التي يضع جماعة المرزوقي تونس على أبوابها ستزيد من وهج نار الاستقطاب الحاد بثنائياته المختلفة الذي عاشت البلاد تحت وطأته مدة ثلاث سنوات من "الثورة".

النتائج تؤكد أن الإسلاميين، وخاصة المجموعات الإخوانية، ليست لديهم أي مناعة ضد الفساد والمحسوبية، وأنه من السهل أن "يتصالحوا" مع الأعداء ويحنوا لهم الرؤوس.

كيف سيختار الناخب ومن سيختار في ظل صخب انتخابي جارف يريد أن يقول كل شيء ولا يقول شيئا.

الأسلوب الاستعراضي الذي قامت به النهضة كأنما يهدف إلى استفزاز خصومها وكل الذين تظاهروا ضد سياساتها أو أنها تريد أن تجمّعهم من جديد ضدها لتعود البلاد إلى نقطة الصفر.

"النهضة" جربت التحالف مع اليسار في ما يسمى بحركة أكتوبر 2005، وجربت التحالف مع السلفيين في ما بعد انتخابات أكتوبر 2011، وهي تجرب الآن التحالف مع الكل ضد الكل.

ما يزيد من حظوظ الزنايدي ما يروّج عن وجود محاولات تقودها دول صديقة لتونس لتقديمه كشخصية توافقية في البلاد.

قضية الانتصار لترشيح المرأة اختبار جدي لأحزاب غيّرت وجوهها وأصباغها وصارت تلهث لإثبات ولائها لرجال الأعمال ووكلاء الشركات الدولية الكبرى.

الآلاف انتخبوا "النهضة" في 2011 وعزا كثير منهم قراره إلى كونها حركة يخاف منتسبوها الله، لكن مخافة الله ضاعت في زحام الغنيمة، وتركز الجهد على تسوية ملفات الأتباع والأقارب والمتعاطفين وركنت هموم الناس إلى الهامش.

أهم نتيجة تحققت إلى الآن في مهمة الكشف والفضح أن ثمة اعترافا لدى قيادات "النهضة" مفاده أن التجربة السياسية أساءت إلى وجهها الديني الذي كانت تجمع به الأنصار.

"النهضة" التي فشلت في الحكم وأقرت بأنها غير قادرة على إدارة اللعبة في ظل قوة «الدولة العميقة» تفكر الآن في الابتعاد عن السلطة والعودة إلى العمل الخفي.

قيادة النهضة ركزت مهمتها الأساسية على إدارة اللعبة السياسية والبحث عن اتفاقات تحت الطاولة مع الخصوم الذين ابتلعوا الطعم بدورهم واستمرؤوا لعبة الإغراق والتأجيل واللقاءات وراء الأبواب المغلقة.