محمد ولد بلال.. "مهندس مياه" يقود الحكومة الموريتانية

رئيس الوزراء الموريتاني الجديد يأمل في قطع الطريق على اللوبيات المتشعبة في المؤسسات ومحاربة الفساد.
السبت 2020/08/08
جدل سياسي مستمر في نواكشوط

نواكشوط – كلف الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، الخميس، وزير التجهيز والنقل الأسبق محمد ولد بلال، بتشكيل حكومة جديدة، ليقود الرجل المعروف ببعده عن الصراعات السياسية حكومة قد تشهد مشاركة المعارضة.

جاء ذلك عقب استقبال الغزواني، ولد بلال، في القصر الرئاسي عقب سويعات من إعلان رئيس الوزراء إسماعيل ولد الشيخ سيديا، استقالة حكومته، وفق الوكالة الموريتانية الرسمية.

وطلب ولد بلال (57 عاما) من أعضاء الحكومة المستقيلة مواصلة أعمالهم إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

ويرى مراقبون أن إقالة الحكومة بعد سنة من وصول ولد الغزواني إلى السلطة، تعتبر بمثابة رسالة تقييم للعمل الحكومي، وقد تشكل بداية لإعادة هيكلة المنظومة الحاكمة في البلاد. كما يتوقع المراقبون أن يسعى الرئيس الموريتاني إلى تشكيل حكومة قادرة على الإنجاز والعمل، ومن غير المستبعد أن تصبح المعارضة ممثَّلة فيها.

واختيار الغزواني لمحمد ولد بلال ليس من فراغ، فهو يدعم إصلاحات الرئيس الجديد من منطلق قبلي، وأيضا لاقتناعه بصعوبة المرحلة التي تمر بها بلاده اقتصاديا وسياسيا. ويريد، كتكنوقراطي، قطع الطريق على اللوبيات المتشعبة في مؤسسات الدولة، خصوصا تلك التي ألفت الصفقات المشبوهة التي كان النظام السابق يقوم بالتغطية على فسادها.

رئيس الوزراء الموريتاني الجديد يأمل، كتكنوقراطي، في قطع الطريق على اللوبيات المتشعبة في المؤسسات ومحاربة الفساد

فتنصيبه رئيسا للوزراء، خطوة يريد الغزواني من خلالها أن يوسع قاعدة الإصلاحات التي وعد بها ومواجهة معاقل الفساد.

ونظرا إلى كون المهمة لها صعوبتها السياسية والتقنية تمت الاستعانة بمحمد ولد بلال، خاصة أن هذه الشخصية معروف عنها الحزم ونظافة اليد، وأراد الرئيس الاستفادة من تواجده على رأس الحكومة. ويلفت المتابعون إلى أن الانتماء القبلي يحدد تحمل المسؤوليات بموريتانيا، لأن المسألة مرتبطة بصراع نفوذ بين تيارين داخل مؤسسات الدولة: الأول يدعم توجهات الرئيس الجديد والآخر مازال يؤيد الرئيس السابق، ولهذا أراد الغزواني الاستعانة بأحد مقربيه ومستشاريه في مواجهة خصومه في الحكم دعما لخططه السياسية وإصلاحاته المرجوة.

ولد رئيس الوزراء الجديد محمد ولد بلال عام 1963 بمدينة روصو جنوب غربي البلاد، وينتمي إلى شريحة لحراطين (الأرقاء السابقين).

ودرس ولد بلال المرحلة الابتدائية (1974 - 1979)، وحصل على شهادة الثانوية العامة تخصص الرياضيات عام 1985. وبعد ذلك توجه إلى الجزائر لتلقي تعليمه الجامعي حيث حصل على شهادة في هندسة المياه عام 1990، من المدرسة العليا للمياه.

بدأ ولد بلال مساره المهني عام 1991 بالعمل منسقا محليا للبرنامج الوطني للمشاريع الصغيرة. وتولى خلال الفترة بين عامي 1993 حتى 1996، منصب رئيس مصلحة الدراسات والبرمجة بمفوضية الأمن الغذائي.

كما شغل منصب مدير البنى التحتية بوكالة التنمية الحضرية (حكومية) في الفترة بين 2002 و2005.

طرف داعم لإصلاحات الرئيس الجديد
طرف داعم لإصلاحات الرئيس الجديد

وفي 2007، تم اختياره وزيرا للتجهيز والنقل في حكومة الزين ولد زيدان، التي تم تعيينها بعد الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ
عبدالله.

وبعد أشهر أسندت إليه حقيبة وزارة الإسكان، وظل يشغل هذا المنصب حتى أطيح بولد الشيخ عبدالله عام 2008، في انقلاب قاده الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.

وخلال حكم ولد عبدالعزيز، عين ولد بلال مديرا للشركة الموريتانية للكهرباء “صوملك”.

وولد بلال كان من أبرز المستشارين للرئيس الحالي محمد ولد الغزواني خلال حملته الانتخابية لرئاسيات 2019. كما كان مستشارا في الحكومة السابقة، وقت تكليفه بتشكيل الحكومة من طرف ولد الغزواني.

ورئيس الوزراء الجديد، الذي يتحدث العربية والفرنسية والإنجليزية، ظل مبتعدا طوال حياته عن الصراعات السياسية، رغم نشاطه بالفترة الأخيرة في حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” (الحاكم).

أمل الموريتانيون أن تتمكن الحكومة الجديدة من تحسين ظروف حياتهم ومواجهة الفساد، خاصة بعد أن أظهر مؤخرا تقرير اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في ملفات وصفقات عشرية الرئيس ولد عبدالعزيز (2009 – 2019) وقائع فساد ونهب للمال العام في البلاد.

وفي يوليو الماضي، صدّق البرلمان على مقترح توصية وقعها رؤساء الفرق البرلمانية بإحالة تقرير لجنة التحقيق البرلمانية إلى وزير العدل، تمهيدا لإحالته إلى القضاء.

ويعتقد مراقبون أن الحكومة القادمة قد يكون أغلب أعضائها من الفنيين، مع احتمال دخول شخصيات سياسية محسوبة على المعارضة، من أجل طمأنة القوى المعارضة إلى استمرار أجواء الانفتاح السياسي.

وتعرض النظام السياسي في موريتانيا لهزة كبيرة هذا العام بتحقيق برلماني في مزاعم فساد يتعلق بحكومة الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز الذي تخلى عن منصبه العام الماضي بعد أن أمضى نحو عقد في السلطة.

6