محمد أبو تريكة المتهم من قبل الجميع

السبت 2014/04/05
نجم نجوم الكرة المصرية أبو تريكة ينفي علاقته بالإخوان

لم يُذكر اسم النادي الأهلي أو المنتخب المصري في السنوات العشر الأخيرة، إلاّ وذُكر معه اسم ” محمد أبو تريكة”، النجم الذي أسر قلوب جماهير الكرة المصرية والعربية بأدائه المتميز وموهبته الفذة وأخلاقه الرفيعة، والّتي أدخلته تاريخ الكرة المصرية من بابها الواسع كأحد أبرز النّجوم الذين مروا عبر تاريخها، حيث كسب شهرة وشعبية لاحدود لها..

ولد “محمد أبو تريكة” في قرية ناهيا بمحافظة الجيزة في السابع من نوفمبر عام 1978، نشأ وسط ظروف عائلية صعبة حيث اضطر إلى العمل منذ طفولته في معمل للطوب ليساعد عائلته المؤلفة من ثلاثة أولاد وبنت، ورغم تلك الصعوبات أصر أبو تريكة على إكمال تعلميه الدراسي حتى تخرج من قسم التاريخ التابع لكلية الآداب في جامعة القاهرة .

بدأ أبو تريكة مسيرته الكروية وهو في سنّ السابعة من عمره، من خلال مشاركته في الدورات الرمضانية بقرية ناهيا، وعندما بلغ سن الثانية عشرة انضم إلى فريق النّاشئين بنادي الترسانة، وقبل أن يكمل السابعة عشر من عمره انضم إلى الفريق الأول بنادي الترسانة، نظراً لما تمتّع به من مستوىً مميز في مركز صانع الألعاب.

شهد موسم 1999 / 2000 بداية تألق أبو تريكة مع الفريق الأول لنادي الترسانة، عندما تُوّج هدافاً لدوري الدرجة الأولى المصري برصيد( 22 ) هدفاً، وقاد فريقه للصعود إلى الدوري الممتاز .

لعب مع نادي الترسانة ثلاثة مواسم في الدوري الممتاز، وقدم مستويات رائعة ساهمت في بقاء الفريق في الدوري المصري الممتاز، وتمكن خلال المواسم الثلاثة من تسجيل( 27 ) هدفاً، رغم أنّه لعب بشكل أساسي في مركز خطّ الوسط، مما أثار إعجاب الأندية المصرية الكبيرة الّتي سعت جاهدة إلى الظفر بخدماته .

وشهدت فترة الانتقالات الشتوية لموسم 2003/ 2004، انعطافة تاريخية في مسيرة “أبو تريكة”، حيث وقع عقداً مع النادي الأهلي مقابل نصف مليون جنيه، مدشناً بذلك عهداً جديداً من الأمجاد والبطولات للنادي الأحمر .


أبو تريكه مع الأهلي


أولى مباريات أبو تريكة مع الأهلي كانت في كأس مصر أمام نادي طنطا ونجح خلالها في تسجيل هدفين، وتابع أبو تريكة تقديم مستوياته المميزة في موسمه الأول مع الأهلي، إلا أن ذلك لم يساعد النادي على إحراز البطولات نظراً للنتائج السلبية التي تعرّض لها في بداية الموسم .

وخاض أبو تريكة مباراته الدولية الأولى مع منتخب مصر في الحادي والثلاثين من شهر مارس عام 2004، أمام منتخب ترينيداد وتوباغو، وفاز يومها منتخب مصر بهدفين لهدف، ليقرر بعدها مدرب منتخب مصر في ذلك الوقت، الإيطالي “ماركو تارديلي” ضمّه إلى تشكيلة المنتخب التي ستشارك في تصفيات كأس العالم، الّتي جرت في ألمانيا عام 2006 .

الموسم الثّاني لأبو تريكة مع النّادي الأهلي كان استثنائيا بكل ما تعنيه الكلمة، حيث ساهم أبو تريكة في تتويج فريقه بلقب الدوري المصري، وبفارق قياسي بلغ (31) نقطة عن الوصيف إنبي، كما تُوّج النادي الأهلي عام 2005 بلقب دوري أبطال أفريقيا وكأس السوبر الأفريقي .

واصل “محمد أبو تريكة” تألّقه مع النادي الأهلي في موسم 2005 – 2006، فتوج معه بلقب الدوري المصري وكأس مصر، كما حقق لقب هداف دوري أبطال أفريقيا، وقاد الأهلي إلى الاحتفاظ باللقب الأفريقي بعد تسجيله هدف الفوز لناديه أمام الصفاقسي التّونسي في مباراة إياب الدور النهائي الّتي انتهت بفوز الأهلي بهدف مقابل لاشيء، بعد أن تعادل الفريقان ذهاباً في مصر بنتيجة هدف لهدف.

وشهد العام 2006 إنجازاً تاريخياً لأبو تريكة مع النادي الأهلي، بإحراز المركز الثالث في كأس العالم للأندية التي استضافتها اليابان، بعد فوز الأهلي في مباراة تحديد المركز الثالث على نادي كلوب أميركا المكسيكي بهدفين مقابل هدف، وسجل هَدَفَيْ الأهلي في اللقاء نجمه محمد أبو تريكة الّذي تُوّج هدّافاً للبطولة برصيد ثلاثة أهداف.

واستمر بعدها أبو تريكة في نحت إنجازاته مع النادي الأحمر، فساهم في تتويج الفريق ببطولة الدوري (5 ) مرات متتالية، كما وصل الفريق إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أفريقيا مرّتين متتاليتين عامي 2007 و2008، فخسر الفريق في المرّة الأولى مع نادي النّجم الساحلي التّونسي، ولكنه عاد للتّتويج باللقب في عام 2008 بعد فوزه على نادي القطن الكاميروني، ليشارك بعدها أبو تريكة مع الأهلي في كأس العالم للأندية، حيث أحرز الفريق على المركز الخامس .

عاد أبو تريكة ليقود النادي الأهلي إلى الفوز بدوري أبطال أفريقيا للمرة الثالثة في مسيرته والسّابعة في تاريخ النادي، بعد فوزه في المباراة النهائية على نادي التّرجي الرياضي التونسي في موسم 2012، وفي نفس العام أحرز أبو تريكة مع ناديه المركز الرابع في كأس العالم للأندية.

نهشت الصحافة المصرية أبو تريكة ولم تقدم دليلاً واحداً على انتمائه إلى الإخوان أو دعمه لمرسي، واكتفت بالقول'نعم… أبو تريكة لم يذهب إلى ميدان رابعة.. لكن اللي في القلب في القلب!'


في الإمارات مع بني ياس


وفي فترة الانتقالات الشتوية لموسم 2012 / 2013، انتقل أبو تريكة إلى نادي بني ياس الإماراتي على سبيل الإعارة لمدة 6 أشهر، ورغم قصر المدة إلاّ أنّ النجم المصري ترك بصمته في الملاعب الخليجية، حيث قاد بني ياس إلى الفوز بلقب كأس الخليج للأندية للمرة الأولى في تاريخه، كما ساهم في تأهل النادي إلى دوري أبطال آسيا بعد احتلاله للمركز الرابع بدوري المحترفين الإماراتي .

وبعد انتهاء فترة إعارته إلى النادي الإماراتي في نهاية شهر مايو 2013، عاد أبو تريكة إلى الأهلي المصري، وتوّج معه من جديد بلقب دوري أبطال أفريقيا للمرة الرّابعة في مسيرته، بعد فوزه في المباراة النّهائية على أورلاندو بيراتس الجنوب أفريقي .

وكانت المشاركة الأخيرة لأبو تريكة في مسيرته الكروية في كأس العالم للأندية عام 2013، حيث لعب مع الفريق مباراته الأولى أمام غوانغجو الصيني التي خسرها بهدفين لهدف، وتعرض أبو تريكة خلال المباراة لإصابة منعته من المشاركة في مباراة تحديد المركز الخامس الّتي خسرها الأهلي أمام مونتيري المكسيكي بخمسة أهداف لهدف. وبدا تأثّر النادي الأهلي بغياب نجمه أبو تريكة واضحا آنذاك، ليعلن بعدها أبو تريكة اعتزاله اللعب بصفة نهائيّة، وتنتهي بذلك مسيرة حافلة بالإنجازات لنجم الكرة المصرية.


في المنتخب المصري


ترافق تألّق أبو تريكة مع ناديه الأهلي بتألق مماثل مع المنتخب المصري في بداية العام 2006، حيث حقق لقبه الأول مع منتخب مصر بعد التتويج بكأس الأمم الأفريقية التي استضافتها مصر، بعد الفوز في المباراة النهائية للبطولة على منتخب ساحل العاج بركلات الترجيج 4-2، وكان أبو تريكة أحد أبرز لاعبي المنتخب المصري في البطولة ، ونجح في تسجيل هدفين خلال ستة مباريات لعبها في البطولة الأفريقية ، وعاد أبو تريكة ليقود منتخب مصر إلى الفوز بكأس الأمم الأفريقية للمرة الثانية على التوالي حين سجل أربعة أهداف في البطولة الّتي أقيمت في غانا عام 2008، كان أهمها هدفه في المباراة النّهائية التي تغلّبت فيها مصر على الكاميرون بهدف مقابل لاشيء .

ولعب أبو تريكة مع المنتخب المصري عام 2009 في بطولة كأس القارات، والتي شهدت فوزاً تاريخيّاً لمنتخب مصر على المنتخب الإيطالي بهدف مقابل لاشيء، ولكن المنتخب المصري لم ينجح في تجاوز الدور الأول بعد خسارته مع البرازيل 4-3، ومع منتخب الولايات المتحدة الأميركيّة بثلاثية نظيفة .

شارك أبو تريكة في تصفيات كأس العالم 2010 وقدّم مستوى جيّدا، إلاّ أنّ المنتخب المصري فشل في التأهل إلى المونديال إثر الخسارة الّتي تعرض لها أمام منتخب الجزائر بهدف مقابل لاشيء، في المباراة الفاصلة الّتي جرت بينهما.

في نفس العام شارك أبو تريكة مع منتخب مصر في تصفيات كأس العالم 2014، إلاّ أنّه أخفق مجدداً في التأهّل إلى المونديال بعد خسارته في الدور النهائي للتّصفيات مع منتخب غانا، ليعلن بعدها اعتزاله اللّعب دولياً، دون أن يحقق حلمه ويشارك مع منتخبه في كأس العالم خلال مسيرته الحافلة بالإنجازات الفرديّة والجماعية .

على إثر حادثة ستاد بور سعيد عام 2012، والتي راح ضحيتها 72 مشجعاً، تعرض أبو تريكة لهجمة إعلامية شرسة بعد أن رفض المشاركة في كأس السوبر المصري وأيّة بطولة محلية قبل محاسبة المتسبّبين في هذه الحادثة، وهو ما جعل إدارة النادي تعاقبه مادياً وتحرمه أيضاً من حمل شارة القائد.


لاعب المشاكل والمواقف


كاد أبو تريكة أن يتعرض لعقوبة الإيقاف من قبل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ( الكاف)، بعد أن أشهر شعاراً مكتوباً على قميصه يظهر فيه تعاطفه مع قطاع غزّة المحاصر، وذلك أثناء تسجيله الهدف الثاني لمنتخب مصر أمام المنتخب السّوداني، في المباراة التي انتهت بفوز المنتخب المصري بثلاثة أهداف نظيفة ضمن بطولة كأس الأمم الأفريقية لعام 2008، واكتفى (الكاف) بتحذير اللاعب بحجة أنّ لوائح الفيفا تدين استغلال مباريات الكرة لأغراض أو أهداف سياسية أو عنصرية.

وعقب حادثة ستاد بور سعيد عام 2012، والتي راح ضحيتها 72 مشجعاً، تعرض أبو تريكة إلى هجمة إعلامية شرسة بعد أن رفض المشاركة في كأس السوبر المصري وأيّة بطولة محليّة قبل محاسبة المتسبّبين في هذه الحادثة، وهو ما جعل إدارة النادي تعاقبه مادياً وتحرمه أيضاً من حمل شارة القائد، لكن أبو تريكة أكّد أنّه غير نادم على قراره، ولو أعاد التاريخ نفسه لاتّخذ نفس القرار ثانية، وقام أبو تريكة إثر ذلك بزيارة عائلات ضحايا الحادثة وساندهم مادياً .


أبو تريكة والأرقام

صنّف أبو تريكة على أنه اللاعب الأكثر تهديفاً في تاريخ بطولة دوري أبطال أفريقيا برصيد 33 هدفاً ، وسجل لمنتخب مصر 15هدفاً في تصفيات كأس العالم في مختلف المناسبات . وكان صاحب الرقم القياسي كأبرز هداف في تاريخ لقاءات الأهلي مع الزمالك برصيد13 هدفاً، ثم حصل على جائزة هيئة الإذاعة البريطانية كأفضل لاعب كرة قدم أفريقي لموسم 2008 وأفضل لاعب في مصر لأعوام ” 2004- 2005- 2006- 2007-2008″، وثاني أفضل هدافي بطولة كأس العالم للأندية بالمشاركة مع ليونيل ميسي ودينيلسون برصيد أربعة أهداف. كما سجل أبو تريكة 106 أهداف في الدوري المصري؛ 27 منها مع نادي الترسانة و79 مع الأهلي، وحصل على لقب هداف بطولة كأس العالم للأندية عام 2006 برصيد 3 أهداف . وهو من أكثر اللاعبين مشاركة في كأس العالم للأندية برصيد 10 مباريات بالمشاركة مع وائل جمعة وحسام عاشور.


أبو تريكة والإخوان


واجه أبو تريكة في ظل الأوضاع الدائرة في مصر، وفوضى الإعلام وعدم الدقة في توجيه الاتهامات، سيلاً من التهم التي تُفيد بأنّه يدعم الرئيس المعزول محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، ووصلت الاتهامات حدّ نشر أخبار تفيد بأن أبو تركية عضو في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولكنّ أبو تريكة ظلّ ينفي هذه التهم، ويدافع عن نفسه، حتّى أنه غادر إلى السعودية كي يؤكد أن لا علاقة له بكل ما أشيع عنه، بعد فوزه بجائزة أحسن لاعب في أفريقيا. ونفى نيّته السفر إلى قطر من أجل المشاركة في أحد التنظيمات الدولية للإخوان، وقال النادي الأهلي على موقعه إنّ هذه الاتهامات محاولة لتشويه أبو تريكة أمام الرأي العام.

ومن يتابع أخبار أبو تريكة، سيجد أنّ عنوان” أبو تريكة ينفي” يتكرّر كثيراً على صفحات وسائل الإعلام، فهو مرة ينفي علاقته بجماعة الإخوان، ومرة ينفي دعمه لمرسي، ومرة ينفي تطاوله على الجيش، ومرة ينفي نيته الترشّح لعضوية مجلس الشّعب، ومرة ينفي نيته التّبرع لبناء مسجد في غانا أو تمويل مظاهرات الإخوان.

بينما مازالت الإشاعات تلاحق النجم المصري، الّذي لطالما أكّد أنّه لن يتدخل في السياسة. حيث يسهل على كتّاب التّقارير الرياضيّة إيراد جملة مرسلة كهذه: ” تأكّد بما لا يدع مجالا للشك، أنّ محمد أبو تريكة، لاعب الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي، مازال على دعمه لمحمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين”، أمّا الأسباب والدلائل فيمكن العثور عليها في قول الصّحفيين “إنّ التّسريبات الصحفيّة هي فقط الدليل”، ويقولون ببساطة ” نعم أبو تريكة لم يذهب إلى رابعة.. لكن إللي في القلب في القلب”.

15